الغرام المستحيل
الحلقه الخامسهإنصرف والدي فاستدعيت الخدم وطلبت منهم إعداد ملابس لائقه لفارس، فارس ذلك الفارس الذي إقتحم حياتي بلا إستئذان ورغم تجهمه إلا أن في عينيه نظره غامضه كأنها تريد أن تبوح بسرما ،كما أنه شجاع
وحنون على أمه ومطيع لها، لا أعرف ماذا يجذبني إليه أهي نظرة عينيه الحائره؟أم خوفه علي؟ أم شهامته؟
أقيم الحفل الكبير وحضره كبار رجال المملكه ورجال الأعمال والأثرياء والأقارب بالطبع، وإرتديت ثوب أبيض مطرز بخرزات ملونه ووضعت تاجا ماسيا على شعري الذي رفعته فوق رأسي ، كل ذلك كان لأرى رد فعل فارس الذي بدا شخصا أخر في بدلة الحفل الأنيقه المخصصه للجنود في الإحتفالات وكانت سوداء ومزينه بأزارار ذهبيه وقد أظهرت رجولته وقوة جسده وزادته وسامه، إبتسمت عندما تذكرت كلام الفلاحه على المركب عن فارس وهي تظنه زوجي. نظرت إلى فارس وإبتسمت فإقترب مني وحياني كما يفعل باقي الجنود ، كدت أن أقول له لا تفعل ولكني تذكرت الجمع ودوري كملكه فتوجهت لألقي كلمه شكرت فيها فارس على إنقاذه حياتي دون أن يعرف هويتي فهو نموذج للجندي الملتزم ومنحته وسام الشرف من أجل هذا،ثم ألقى والدي كلمته وقال أنه عين فارس كحارس شخصي لي لتكون حمايتي هي مهمته الرئيسيه، صفق الجميع وشكر فارس الملك. لمحت على ملامح فارس علامات عدم الرضا وربما الحيره فتعجبت ألا يحب أن يكون بجواري؟ هل أخطأت عندما طلبت من والدي أن يكون حارسا بالقرب مني؟ هل هو مرتبط بأخرى ويريد الذهاب لها؟ تساؤلات كثيره شغلتها عن الحضور حتى نبهها والدها للترحيب بالجميع.إنشغلت بالحفل والضيوف لكني عيناي كانتا تتابعان فارس الواقف في ركن بعيد وحده يشاهد عالم لا يعرفه.
بعد إنتهاء الحفل بقي ساهرا في الحديقه يحدث نفسه قائلا:
-حارسها الشخصي؟ هل سأبقى بجوارها أتعذب بحبها و لا أقدر على البوح به؟ هي لا تراني سوى مجرد خادم لها وتظن أنها كافئتني بذلك ولا تعلم أنها تعذبني . كنت أحلم بالرحيل رغم ألمه ومحاولة النسيان لكن الأن سأبقى بجوارها أتجرع مرارة العذاب كل لحظه وأنا معها ولا تشعر بي أي عذاب أقسى من هذا؟؟ لا سأشكرها على ثقتها وأتحجج بأمي وكبرها وأرحل. فأنا لا أقوى على البقاء بجوارها كخادم ولا أقدر على الصمت على الظلم والفساد الذي سأشاهده وربما أكون شريكا فيه.
شاهدته من شرفتها يتحرك بعصبيه في الحديقه فنزلت من غرفتها وتوجهت إليه، شاهدها وهي تقترب وقلبه يخفق بشده ويود لو أن يجري إليها ويضمها لصدره، لكنه تماسك وتحكم في ملامح وجهه حتى لا تفضحه، رأت نظرات الألم والحيره على وجهه فقالت:
-فارس ماذا بك ؟ منذ بدايه الحفل وأنت متجهم ألست سعيدا أنك ستكون حارسي الخاص؟
-هذا شرف لأي جندي يا مولاتي الملكه لكني أخشى أنني لا أستحق تلك الثقه الكبيره؟
-لم؟ أخبرني الحقيقه
-جلالتك تعرفين أن والدتي مسنه وهي في أشد الحاجه إلي
-أحضرها تعيش معك هنا أم أن هناك أمر أخر تخفيه عني؟ تكلم بصراحه ربما تكون حبيبه تود العوده إليها؟ ومن أجلها تضحي بالمنصب؟
-أبدا ليس لي حبيبه..ثم رفع عينيه إليها ليختطف منها نظره تروي ظمأ قلبه ، ثم تذكر مكانته فأخفضهما سريعا فقالت:
-فارس لقد إئتمنتك على نفسي فلا تتخلى عني
إنهارت كل مقاومته وود لو أن كانا في عالم مختلف ليس فيه طبقات عندها كان سيركع تحت قدميها ويقبل يديها ويعترف لها بحبه ورغبته في البقاء بجوارها العمر كله.ثم أفاق من أوهامه وقال دون أن ينظر إليها:
- هذا شرف كبير لا أستحقه وأعدك أن أكون عند حسن ظنك مولاتي وأن أفديك بنفسي.
إنصرفت وتركته الأفكار تتصارع في داخله بين حبه الشديد لها ورغبته في تطهير البلاد من فساد الحكام لينعم الشعب بقليل من حقوقه ويحيا حياه أدميه، هل يكون حارسها وولاؤه لها وللملك أم يكون ولاؤه للشعب أم يضعها بين ضلوعه ليحميها من كل شر بل ويحميها حتى من نفسه؟؟ ظلت الأفكار تتصارع بداخله وتمزقه أشلاء ولم يستطع إيجاد حل.
في اليوم التالي بدأ عمله كحارس شخصي من حراس الملكه وكانت له مع باقي الحراس غرف في أطراف القصر للإقامه، صارت لحظات عمله الأكثر سعاده لقربه من محبوبته والأكثر ألما لأنه لايستطيع أن يعترف لها بحبه وزاد ألمه عندما رفضت أمه الحضور للعاصمه لتعيش بقربه فكان يذهب لها مره كل شهر عدة أيام يقضيها بقربها فبعده عن أمه في كبرها يمزقه فهو يود أن يكون بجوارها ليخدمها ويرعاها.
خلال فتره بسيطه عرف عن قرب مالم يعرفه من قبل عن الملكه التي كانت ترعى دور الأيتام وتزورها بنفسها ، وتستمع لشكاوى المشرفين على الدور وتهتم بحلها،كذلك إهتمت بأحوال النساء وخاصة من لا معيل لهم وخصصت لهم جمعيه توفر لهم قروض لعمل مشروعات صغيره تدر عليهن دخلا محترما كما تقوم بتسويق منتجاتهن، كما صارت تولي إهتمامها للعنايه الطبيه والمستشفيات وزارت العديد منها في كافة أنحاء المملكه ،خاصة في المناطق الفقيره، وحاسبت الكثير من المسئولين عن تقصيرهم وقررت بناء العديد من المستشفيات في المناطق النائية وخاصة في بلدة الصيادين حيث زارتها وذهبت بنفسها لزيارة أم فارس التي إستقبلتها كملكه فقالت فريده:
-يا سيدتي أنت صاحبة فضل علي فتحتي لي بيتك وعاملتيني كإبنتك وشملتيني برعايتك وأنت لاتعرفين من أكون
-لكني اليوم عرفت فيجب أن أعاملك كما تستحقين يا مولاتي
-لا بل عامليني كإبنتك فمنذ وفاة أمي لم أحظ بحنان إلا منك فقط ومازلت أحتفظ بالوشاح الذي صنعتيه من أجلي وبملابسك
إحتضنتها أم فارس وقالت:
-بارك الله فيك يا إبنتي وحفظك من كل شر ووقاك شر كل من أراد بك سوءا
نظر إليها فارس وشعر أن الدعوه هذه موجهه ضده ولكن هل مازال يضمر لها سوءا بعد كل ما رأى من تواضعها وعملها من أجل مصلحة الشعب؟؟ هل يضمر الإنسان سوءا لشخص يفضله عن نفسه؟؟ هل يضمر الإنسان سوءا لأقرب الناس إلى قلبه؟؟ لا إنها أغلى عليه من نفسه ولا يضمر لها إلا كل الحب،حتى لو كان حب بلا أمل. أفاق من أفكاره على صوت والدته تقول لفريده:
-لم أعد أريد من الدنيا شئ سوى أن أرى فارس متزوجا ولديه أطفال
فنظرت لي فريده وقالت:
-لم لا تحقق رغبة والدتك يافارس؟
-يا مولاتي لا أفكر في الزواج حاليا
-بسبب الإمكانيات الماديه ؟؟
- لا يا مولاتي لدي أسباب أخرى
قلتها وأنا أختطف نظره سريعه من عينيها وكنت أود أن أصرخ وأقول وهل تركت مساحه في قلبي لأي إمرأة أخرى؟؟لقد إحتل حبك قلبي وما أجمل هذا الإحتلال، فلأول مره لايقاوم جندي مثلي المحتل بل يريده ألا يرحل أبدا فأنا أحبك ولا أرغب في سواك ولكن هل تتزوج الملكه بمجرد حارس؟؟ مستحيل.
ترى أحقا لا يفكر في الزواج؟ أم أن فيه قلبه سر يخفيه؟ وماسر تلك النظرات التي أراها في عيونه والتي يخفيها عندما أنظر إليه؟ يبدو أن فارس لديه ما يخفيه ولكن ما لايخفى علي أن في قلبه شئ تجاهي، وأنا لا أعلم لم أشعر بالأمان وأنا بجواره، وأحاول أن أتحدث معه وأستمتع بنبرات صوته التي تفيض رجوله وقوه، هل تعلق به قلبي أم هو مجرد تعود؟ أفيقي يا فريده إنت الملكه وهو مجرد جندي حارس لك لا تنجرفي وراء مشاعرك لأن ذلك لا يليق بملكه؟؟ وهل للملكه سيطره على خفقات قلبها؟ نعم فلست كباقي البشر هناك حدود لمشاعرك، لكني إنسانه وأتمنى أن أحظى بالحب وأن أحب أيضا أليس من حق الملكه أن تحب؟؟
نجلاء لطفي
أنت تقرأ
الغرام المستحيل بقلم نجلاء لطفي
Romanceأحداث تلك القصه خياليه تماما وتصورت أنها تحدث في العصور الوسطى في بلد ما على ظهر الأرض، وليس لها أية علاقه بالواقع من قريب أو بعيد ، وليس لها علاقه بالسياسه الحديثه ولا بأي بلد حديث، هي مجرد خيال أشبه بالحواديت التي كنا نستمتع بها عندما كنا صغار وتأ...