الغرام المستحيل
الحلقه السابعهقالها أبي أمرا فلم أستطع مخالفته، ذهبت لغرفتي وبكيت كثيرا ربما لأن والدي حرمني أن أكون بجوار فارس في تلك اللحظات التي يحتاجني فيها، أو لأنني مازلت ملهوفه عليه رغم خداعه لي، أو ربما لأنه فعل ذلك ليكفر عن ذنبه فقط وليس حبا في كما أظن، لا أعلم لكني كنت بحاجه للبكاء. نمت وخلال أحلامي رأيت فارس يغرق في البحر وأنا على قارب فمددت يداي لأنقذه وأجذبه بكل قوتي وقبل أن يصعد لقاربي جاء حوت كبير وإمتطاه فارس وأخذه بعيدا عني . قمت مفزوعه وإرتديت ملابسي بسرعه ونزلت للإطمئنان على فارس وكان الوقت مبكرا فمازال القصر هادئا، دخلت غرفته فوجدته يتصبب عرقا وينادي علي ظننته في وعيه لكني وجدته مازال غائبا عن الوعي فخرجت مسرعه وطلبت الطبيب الذي جاء مسرعا وقام بالإسعافات اللازمه وطمأنني على إستقرار حالته وأنه سيتماثل للشفاء.
مرت علي أيام غيابه عن الوعي كأنها دهور، لم أغادر فيها القصر لحظة بحجة خوفي من أن يتكرر الهجوم علي وفي الحقيقة كنت أخشى الخروج بدون فارس كما كنت أخشى أن يحدث له شئ وأنا لست بجواره. أفاق فارس أخيرا فانقطعت عن زيارته تماما ، لا اعلم حينها هل كنت أعاقبه على خداعه أم أعاقب نفسي على ثقتي به،رغم ذاك الحنين الذي يدفعبني للذهاب لرؤيته ولومرة واحده إلا أني قاومت قلبي وحنيني بشده تغلبت عليهما ولم أذهب. كان والدي يستعد لمكافئته وتعيينه قائدا للحرس لكني طلبت منه أن يعينه أحد قواد حرس الحدود الجنوبيه وعندما سألني عن السبب فقلت له:
-له والده مسنه تحتاجه بجوارها وبهذا نكون كافئناه أكثر
وافق والدي وبمجرد شفاء فارس كان عليه أن ينفذ النقل ، قبل أن يسافر طلب مقابلتي وقال:
-مولاتي هل غفرت لي ذلتي؟
-ما أظهرته من شجاعه في الدفاع عنك يجعلني أغفر لك فكلنا نصيب ونخطىء لكن تعلم ألا تستمع لطرف واحد فالحقيقه لها عدة وجوه.
-شكرا لكرمك يا مولاتي فأنت لم تفضحيني عند مولاي الملك
-لكنك لم تعد محل ثقتي كما كنت لذا أبعدتك عن... القصر
-وهذا أقسى عقاب أواجهه في حياتي فالموت عندي أهون لكني سأظل جنديك المخلص يا مولاتي
- مع السلامه وأتمنى أن تحقق نجاحا في عملك .
تركته ومشيت وأنا أتمزق لأني لن أراه مجددا، يبدو أن الدنيا تمن علينا بالسعاده لحظات ثم تحرمنا منها سنوات.
كان عقابا قاسيا حقا ألا أراها كل يوم حتى أخر يوم من حياتي فتلك هي عقوبة الموت على قيد الحياه، فكيف لقلبي أن يحيا بدون رؤيتها؟ وكيف لروحي أن ترتوي بلا نظره من عينيها؟ لقد قتلتني ببعدي عنها ، لكني أستحق فقد خدعتها لكني لم أكن أقدر على إيذائها أبدا. ليتها تعلم أني أحبها أكثر من نفسي، وأن الموت أفضل من بعدي عنها وفقدي لثقتها وإحترامها. سأبذل كل جهدي لأثبت لها إخلاصي فكل أملي في الحياه أن استعيد ثقتها في مرة أخرى سأكون درعا وسيفا لحماية الوطن لأثبت ولائي وإخلاصي.
شعرت في بُعده بالوحده وتملكني الحزن والكأبه عدة أيام حتى جاء والدي لغرفتي التي لم أكن أغادرها إلا نادرا، وقال لي:
-حتى متى ستتخلين عن واجباتك كملكه وتنغمسين في خوفك ؟ هل تناسيت دورك؟ حياتنا يا بُنيتي ليست ملكا لنا إنما هي ملكا لشعبنا والملكيه ليست ترف بل هي تكليف وواجبات علينا القيام بها رغم كل شئ، هيا أنفضي غبار الخوف والحزن وأخرجي للناس وقومي بواجبك.
إحتضنني وقبلني في وجنتي وخرج، هل يشعر بما في قلبي؟ هل يدرك سر حزني؟ كيف أخرج وفي كل مكان في القصر ذكرى له؟ سأراه في كل ركن في القصر ، لكن والدي مُحق فماباليد حيله فعلي واجبات علي القيام بها ولعل إنغماسي فيها يُنسيني. أغرقت نفسي في مسئولياتي كملكه حتى أنسى ولكن ذكراه كانت تهاجمني كلما خلوت بنفسي وكان قلبي يتأرجح بين التعلق به وبين النقمه عليه لغدره بي وخداعه لي، وروحي تكتوى بنار الحنين وتتجمد نفسي من قسوة الوحده وبرودتها، فرغم كل من حولي فروحي وحيده لا تجد من تأنس إليه وتتألف معه.
كان ما يرد إلي روحي أحيانا أن أسمع أخبارا عن بطولات فارس وتقدمه في عمله بشكل مذهل وطلب رؤساؤه ترقيته كل ذلك خلال مده وجيزه لا تتجاوز العامان، هي وجيزه بحسابات الناس لكنها مرت على قلبي دهورا طويله وأنا أحرم على نفسي رؤيته فقد إنقطعت عن زيارة المنطقه الجنوبيه حتى لا أراه.
كانت مملكتنا يجاورها من الجنوب دوله بيننا وبينها مشاكل على الحدود بسبب رغبة ملكها الإستيلاء على جزء من أرض مملكتنا ولكن كان الخلاف محل تفاوض حتى مات ملكها وتولى إبنه الحكم وشن هجوما عنيفا على الجنوب وإشتعل القتال بين قوات حرس الحدود وبين الجيش المهاجم ورغم أنه الأقوى والأكثر عددا إلا أن قواتنا تصدت لهم وأوقفت تقدمهم للداخل حتى وصول النجده لهم. في اليوم التالي وصلتنا الأنباء أن قائد قوات حرس الحدود ونائبه قٌتلا في الهجوم وأن فارس هو من يقود جنودنا للدفاع عن الأرض ببساله، فاستدعى والدي فرق لمساندتهم من كافة الولايات وبالفعل تحقق النصر لنا وتم هزيمة جيش العدو وردهم عن حدودنا ، وأصبح فارس البطل المغوار الذي تتحدث عن بسالته المملكه كلها.
إستدعى الملك فارس لتكريمه وتكريم قادة الجيش على النصر وكان علي أن أحضر ذلك التكريم، كان قلبي يخفق بشده لفكرة رؤيته فكم إشتاق إليه واكتوى بنيران الفراق، وكم حثني على رؤيته ولو مرة واحده ولم أستجب له، فما أقسى خداع الأحبه على النفس. جاء موعد التكريم ووقفت بجوار الملك بكل شموخ وعظمه أحاول بقدر الإمكان ألا تلتقي عيناي بعينيه ولكن عيناي تمردتا علي وراحتا تبحثان عنه في كل مكان حتى إكتحلت برؤيته، ورغم النصر والمجد فإن في عيونه حزن شديد، ترى ما سرهذا الحزن؟؟
قام الملك بتكريم الكل بمنحه وسام ومصافحته وعندما جاء دور فارس ضجت القاعه بالتصفيق للبطل وعندما إقترب لمصافحة الملك قال له الملك:
- كعادتك بطل كما عهدناك يافارس
-روحي ونفسي فداءا للوطن يا مولاي
توجه فارس ناحيتي لمصافحتي وقلبي يخفق بشده وأحاول أن أتحكم برجفة يدي ، فرجعت خطوه للوراء حتى لا أصافحه إنما إكتفيت بإيماءه من رأسي وإبتسامه مصطنعه وقلت لوالدي:
-مولاي الملك أرى أن أفضل مكافأه للبطل ترقيته وتعيينه كقائد لحرس حدود المنطقه الغربيه فقد وردت أخبار أن الملك المهزوم تحالف مع ملك الدوله المجاوره ويسعون لشن هجوم علينا من جديد وليس لهم إلا بطل كالقائد فارس فما رأي مولاي؟
-أوافقك الرأي فلن يردعهم سوى فارس، أيها الناس لقد أصدرت أنا والملكه قرارا بترقية فارس للرتبه الأعلى وتعيينه قائدا لحرس الحدود بالمنطقه الغربيه
تهلل الجميع ونظر إلي فارس بأسى فقد أدرك أني مازات غاضبه منه وأن ترقيته جزء من عقابي له وقال:
-أشكر لك كرمك مولاتي وأتمنى أن أكون دائما جديرا بثقتك الغاليه
مست كلماته قلبي فقد أدرك أني أريد إبعاده عن العاصمه وأني مازلت غاضبة منه، لكنه لا يدرك أني أخشى من قربه على نفسي، فأنا أخشى من ضعف قلبي أمام نظرات عينيه ومسامحتي له، وأخشى أن يحن قلبي إليه، فحبي له مستحيل ونسياني له مستحيل وبين المستحيلين أتمزق إربا.
نجلاء لطفي
أنت تقرأ
الغرام المستحيل بقلم نجلاء لطفي
Romanceأحداث تلك القصه خياليه تماما وتصورت أنها تحدث في العصور الوسطى في بلد ما على ظهر الأرض، وليس لها أية علاقه بالواقع من قريب أو بعيد ، وليس لها علاقه بالسياسه الحديثه ولا بأي بلد حديث، هي مجرد خيال أشبه بالحواديت التي كنا نستمتع بها عندما كنا صغار وتأ...