خُذني إليك

63 9 2
                                    

كانت وتين تتمشي في الغابة تحت ضوء القمر و صوت الرياح مع خرير الماء هو المُهيمن علي صمتها ، تسمرت مكانها بصدمة عندما وجدته مُستلقي علي الأرض ، إرتفعت وتيرة أنفاسها بشكل ملحوظ ، إقتربت مِنه أكثر لتجده مُغلق عنينه و صوت أنفاسه مستقرة دليل علي نومه ، جثت وتين علي رُكبتها و إقتربت مِنه تُطالع ملامحه الهادئة بإشتياق شديد ، وضعت أناملها علي وجهه و بدأت في الغناء بهدوء .
" خُذني أليك ، قد حار نبضي في الهوي بين يديك ، قد سال الورد دمعاً مُراً شوقاً إليك ، موتاً ، حياةً ، لا اُبالي فقلبي لديك ، خذني إليك .
ارتشف النور ، و أعتصر الرحيق من ثغر الشذا ، يعانق روحي ورداً أحمر فيه الردّي ، يا ضحكة أُشيح عنها ظِل الندي ، خذني إليك ."
تململ إلياس في غفوته فسحبت وتين يديها بسرعة و إتجهت إلي داخل الغابة .
نهض إلياس من علي الأرض و بدأ في النظر حوله بغموض ، تحرك بعدها إلي خارج الغابة مُتجهاً إلي منزله ، تحت أنظار وتين الدامعة .
دخل إلياس إلي المنزل و صعد إلي غرفته مُباشرة متجاهلاً قيس ، جلس إلياس علي فِراشه و أسند مرفقية علي قدمه ، دخل عليه قيس قائلاً بقلق : ماذا بك يا رجل ؟
نظر له إلياس بوجوم و قال : لقد كنت في الغابة ، لقد غفيت هُنَاك علي مقربة من النهر ، لقد زارتني في حُلمي يا قيس ، سمعتها تُغني ، كانت قريبة مِني بشدة ، و لم أستطع حتي أن أمد يديّ لألمسها ، لقد تعبت يا رجل .
نظر قيس إليه في حُزن وقال : إهدئ يا قيس ، سيمر مل شئ يا صديقي .
نظر له إلياس بحُزن واضعاً يديه علي أيسر صدره : إنه يرفض الإستماع إليّ ، يرفض و بشدة ، لو فقط أعلم لماذا فعلت هذا إليّ ؟ لقد دمرتني يا قيس ، و فوق كل هذا لا يزال قلبي ينبض من فكرة أنها كانت بالقرب منيّ ، و الأصعب من هذا أنها مُلك لغيري ، لقد كانت يوماً ما لي يا قيس ، و ها هي أمامي و مُلك غيري ، و قلبي لا ينبض إلا لها .
نظر له قيس عاجزاً عن الكلام ليربت علي كتفه بهدوء .
                  ******************
كانت أصابع وتين تلعب علي البيانو بعشوائية ، لاحت إلي ذاكرتها أحداث أمس ، لتتمتم قائلة " خُذني إليك يا إلياس " .
دخلت عليها ليلي قائلة بمرح : مرحباااااااا .
نظرت لها وتين بهدوء قائلة بصوت مُتحشرج : مرحباً .
نظرت لها ليلي بتساؤل قائلة : ما بكِ يا وتين ؟
نظرت لها وتين و هي تبكي بصمت و قالت : لقد رأيته أمس يا ليلي ، إنه علي قيد الحياة كما كنت أشعر .
قالت ليلي بهدوء : وتين إنكِ ته......
قاطعتها وتين قائلة بحدة : لا ، أقسم لكِ أنه علي قيد الحياة ، لقد رأيته و وضعت يديّ عليه أمس ، إلياس علي قيد الحياة يا ليلي .
قالت لها ليلي بتروي : حسناً إهدئ .
قالت وتين بحدة : لا تقولي لي إهدئ ، لقد كان في حفل عيد ميلادي يا ليلي ، لقد كان هُنَاك ، أنا أشعر بهذا .
طالعتها ليلي قائلة : حسناً ، اُصدقكِ يا وتين ، أرجوكِ عزيزتي إهدئ .
إقتربت ليلي من وتين و أخذتها بين ذراعيها ، ربتت ليلي علي كتفيها بهدوء ، بدأت وتين في البُكاء بشدة لتشد ليلي من إحتضانها لوتين تاركة لها مساحتها للبكاء ، بعد بُرهه من الزمن بدأت وتين في الهدوء ، قاطعهم دخول الخادمة و هي تقول : إن السيد إيهم في الأسفل بإنتظاركِ سيدتي .
قالت ليلي بهدوء : حسناً ، إذهبي أنت ِ .
قالت الخادمة : حسناً سيدتي .
نظرت ليلي إلي وتين و بدأت في مسح دموعها و قالت : هيا وتين لننزل لنري ماذا يريد ؟
قالت وتين بصوت خافت إثر بكائها : هيا.
نزلت وتين إلي الأسفل مع ليلي ، وجدت أيهم جالساً بإنتظارها ، نهض أيهم قائلاً : مرحباً عزيزتي ، كيف حالكِ ؟
قالت وتين و هي تحاول جاهدة جعل نبرتها طبيعية : بخير يا أيهم و أنت ؟
قال أيهم بإبتسامة : بخير و أنت يا ليلي ، كيف حالكِ ؟
قالت ليلي بإبتسامة : بخير يا أيهم .
قال أيهم بعد ما جلس : وتين عزيزتي لقد دعاني صديق لي لتناول طعام الغداء معه و مع صديقه اليوم ، و طلب مني أن تأتي معنا ليتعرف عليكِ .
نظرت له وتين بتعجب : من هو صديقك هذا ؟
قال لها بهدوء : لقد كان معي في الجيش هو و صديق أخر ، و إنتقل إلي هنا مؤخراً .
هزت وتين رأسها قائلة : حسناً ، سأصعد لأغير ملابسي و أخبر أبي و أتي .
قال أيهم بإبتسامة : حسناً عزيزتي ، ليلي ما رأيك في القدوم معنا ؟
نظرت ليلي لوتين لتجد وتين تُطالعها و قالت بعدها : حسناً لا مُشكلة ، سأتي .
صعدت ليلي مع وتين إلي غُرفتها لترتدي ملابسها و تتجه إلي غرفة والدها ، طرقت وتين الباب لتسمع صوت والدتها و هي تصيح قائلة " تفضل" .
دخلت وتين الغرفة قائلة : مرحباً أمي .
ردت عليها بلقيس بإبتسامة : حبيبتي مرحباً .
قالت وتين مُتسأله : أين أبي ؟
ردت عليها والدتها قائلة : لقد ذهب إلي الشركة لحضور إجتماع مهم .
قالت وتين بهدوء : حسناً ، إن ايهم بالأسفل و قال لي أنه صديقه دعانا إلي تناول الغداء معه ، و سأذهب أنا و ليلي لن نتأخر لا تقلقي .
نظرت لها بلقيس بحنو و قالت : حسناً حبيبتي ، أوصلي سلامي إلي أيهم و ليلي ، أُحبكِ .
نظرت وتين لها بإبتسامة : و أنا أيضاً أمي ، إلي اللقاء .
نزلت وتين إلي الأسفل و إتجهت مع أيهم و ليلي إلي مكان المتفق عليه.
                       *************
كان إلياس واقفاً أمام المرآه يرتب هندامه ، دخل عليه قيس قائلاً : أمتأكد مما تفعله يا إلياس ؟
نظر له إلياس من خلال المرآه قائلاً بجمود : أجل .
قال له قيس و هو يُطالعه بُحزن : أتمني .
رد عليه إلياس قائلاً : هيا لا نريد التأخر .

كانت وتين جالسة تشعر بالتوتر الشديد ، نظرت إلي أيهم قائلة : سأذهب إلي الحمام مع ليلي يا ايهم و لن نتأخر .
نظر لها أيهم بإبتسامه : حسناً وتين .
إتجهت وتين مع ليلي إلي الحمام مُسرعة ، لتوقفها ليلي بعدما دخلا إلي الحمام قائلة : ما بكِ يا وتين ؟
نظرت لها وتين بأنفاس مضطربة : لا أعلم يا ليلي ، أشعر بأن هُنَاك شيئاً سيحدث .
طالعتها ليلي بهدوء قائلة : لا تخافي ، أنا معكِ عزيزتي ، لن يحدث شئ إن شاء الله .
نظرت لها وتين بتوتر قائلة : أتمني .
إتجهت وتين إلي الخارج مع ليلي مُتجهه إلي أيهم مُسرعة ، بدأت خطوات وتين في التباطؤ و هي تُطالع ذلك الذي يجلس أمام أيهم .
نظر لها أيهم قائلاً : ها قد جاءت وتين .
نهض صديق ايهم من علي الكرسي و إلتفت لها بهدوء قائلاً : مرحباً وتين .
طالعته وتين بصدمة مرسومة علي ملامح وجهها ، أكمل أيهم كلامه قائلاً : هذا صديقي إلياس ، و هذا قيس .
كانت ليلي واقفة تُطالعهما بصدمة ، نقلت بصرها إلي قيس الواقف يُطالعها بصمت ، ثم إنتقل ببصره إلي وتين .
ألجمت الصدمة لسان وتين و بدأت تسري في جسدها رعشة قوية ، شعرت وتين بدوار يسري في جميع أنحاء جسدها ، نظرت إلي إلياس الواقف أمامها بعد مرور خمس سنوات ، لتسقط وتين بين يديّ إلياس مُغشياً عليها ليكون أخر ما تراه عيناه التي تنظر لها بغموض شديد .
                ******************
مرحباً أيها الأولاد التائهين 👋🏻🖤🙈
توقعاتكم🙈💃💃
25/1/2018 💃🖤🙈

الندم | Regret |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن