بينما نمضي لأرضنا

122 10 9
                                    

كانت تتمشي وتين برفقة إلياس علي شاطئ البحر و هي تُطالع ساعة يدها كل دقيقة طالعها إلياس مُتعجباً و قال ضاحكاً : وتين حبيبتي ، ما بكِ ؟ لماذا تنظرين للساعة كثيراً ؟
نظرت له وتين و إبتسمت قائلة : أنتظر حلول منتصف الليل لأكون أول من يهنئك بعيد ميلادك .
قهقه إلياس و قال : مجنونة .
جلسا علي أرض الشاطئ سوياً و قالت له وتين: ماذا تتمني في عيد ميلادك أيها الملتحي؟
نظر لها إلياس و قال مُبتسماً : أن أظل معكِ .
إصطبغ وجهه وتين بالأحمر و قالت : أتمني ذلك أيضاً .
نظرت وتين لساعتها و شهقت بشدة قائلة : إنه منتصف الليل ، أغمض عينيك بسرعة هيا هيا هيا .
أغمض إلياس عينيه و قال ضاحكاً : حسناً ، حسنا.
شعر إلياس بوتين و هي تضع شيئاً ما بيده و سمعها و هي تقول بحماس : هيا أفتح عينيك .
طالع إلياس ما بيده فوجده كارت أسود اللون ففتحه و قرأ الكلام المكتوب باللون الذهبي " أُحبك حبين حب الهوي ، و حب لأنك أهل لذاك "
نظر لها إلياس مُبتسماً و نهض و أمسك يدها قائلاً : عندما أراكِ تسكن جميع أرواحي خلا قلبي .
و قبل يدها قائلاً : أدامكِ الله لي يا وتيني .
               ********************
جلس قيس أمام إلياس في المقهي و قال له مُتسائلاً : ماذا ستفعل ؟ أستذهب .
قال له إلياس بخفوت : نعم يجب عليّ الذهاب يا قيس ، إن أرض فلسطين بحاجة ليّ ، و لن أتركها .
نظر له قيس و قال : و وتين ، هي بحاجة لك أيضاً ، لقد مر عام واحد علي زفافكما .
نظر له إلياس بخفوت و قال : سأتركها في أمانة الله و أمانك ، لا تتركها إذا لم أعد أرجوك .
رد قيس بغضب طفيف : أأحمق أنت ، بالتأكيد لن أتركها لا تحتاج لتقول هذا ، لكن أمتأكد من ذهابك ؟
أومأ إلياس و قال : بينما نمضي لأرضنا يا قيس و نحررها يهون كل شئ يا صديقي حتي موتي .
زفر قيس قائلاً : أتمني أن تعود لنا يا إلياس ، متي ستذهب .
قال إلياس بخفوت : غداً إن شاء الله .

نظرت ليلي لوتين و قالت مُبتسمة : أنت حامل ، اللعنه .
طالعتها وتين بصدمة و قالت : لا أُصدقك هذا ، يا الله .
قالت ليلي بفرحة عارمة : سيكون هناك صديق ليافا إبنتي أخيراً .
نظرت لها وتين ضاحكة و قالت : سيفرح إلياس كثيراً.
ردت ليلي مُبتسمة : سأذهب الأن و سأتي غدا لنحتفل .
قالت وتين مُبتسمة : حسناً ، لا تتأخري .
بعد ذهاب ليلي بفترة قصيرة عاد إلياس للمنزل ، إتجهت وتين ناحيته مُسرعة و قالت له في حماس : هناك ما أريد إخبارك إياه .
طالعها إلياس بهدوء و قال : و أنا أيضاً .
ردت وتين : حسناً قل ما عندك ، بعدها سأخبرك ما عندي .
نظر إلياس لها و قال بخفوت : أنا عليّ العودة لفلسطين ، يحتاجني رجال المقاومة هناك و عليّ الذهاب لهم .
نظرت له وتين بصدمة و قالت : متي ستذهب ؟
رد عليها قائلاً : غداً صباحاً .
أومأت وتين و قالت بهدوء : أعادك الله لي سالماً يا إلياس ، سأنتظرك و لو الدهر كله في غيابك .
إحتضنها إلياس و قال بخفوت : و أنا سأعود يا وتين .
                     ****************
مر من الوقت الكثير علي ذهاب إلياس و إنقطعت عنه الأخبار ، كانت وتين في شهرها الخامس و إقتربت من السادس .
جلست ليلي و معها والدة وتين و قالت : أنا قلقة عليها كثيراً يا عمة بلقيس ، لقد إنقطعت أخبار إلياس من سفره ، أخشي أن يكون قد أصابه مكروة.
نظرت لها بلقيس بحزن علي إبنتها و قالت : أرجو من الله أن يعود ، أنا خائفة بشدة علي وتين .
دخل قيس إلي المنزل و جلس أمامها بعدما ألقي السلام ، وضع رأسه بين كفيه و قال بحزن دفين : أين وتين ؟
طالعته ليلي و قالت بخفوت : إنها بالحديقة مع بيجندودا .
نهض قيس و قال لهما : تعالا معي سنذهب لها .
إتجهوا سوياً للحديقة الخلفية للمنزل و تجاهل أسئلتهما ، وقف قيس أمام وتين و هو يقول : مرحباً وتين .
طالعتها وتين و قالت بخفوت : مرحباً قيس .
جلسوا سوياً أمامها علي المقعد و قال قيس بهدوء : هناك ما أريد إخبارك إياه عن إلياس .
نظرت له وتين و قالت مُسرعة : ما به ؟ لماذا إنقطعت أخباره ؟ أخبرني يا قيس لقد نهش القلق نياط قلبي ؟
طالعها قيس بحزن دفين و قال : لقد أُصيبت الكتيبة التي كان إلياس بها ، كان هناك كثير من المُصابين و القتلي،  لم يتم إيجاد إلياس بين المُصابين ، و هناك الكثير من جثث القتلي التي لم يتم إيجادها ، هناك إحتمال وارد أن يكون إلياس بينهم .
شهقت والدة وتين بشدة ، أما ليلي فقد بدأت في البكاء بصمت ، طالعته وتين بصمت و صدمة إحتلت ملامح وجهها .
نظر لها قيس بحزن و قال : أنا أسف لذلك الخبر يا وتين ، صدقيني حاولت كثيراً البحث عنه لكن لم أجده ، كان لنا الكثير من الأصدقاء يا وتين و لم يجده أحد منهم .
نظرت له وتين بحزن مختبئ داخلها و قالت بخفوت : لقد قال أنه سيعود يا قيس ، و سيعود ، أنا مُتأكدة من ذلك ، صدقني سيعود .
إحتضنت بلقيس وتين و قالت لها : أعانكِ الله يا إبنتي .
وضعت ليلي يدها علي كتف إلياس تحاول مواساته فنظر له بدموع حبيسة عينيه و قال : لقد ذهب إلياس يا ليلي .
                *********************
صدي صوت بكاء طفلة في غرفة وتين ، فقامت ناحيتها و حملتها وقالت لها : حبيبتي إهدئ ، أنا هنا لا تخافي.
بدأت وتين في الدندنة لإبنتها إلي أن داهمها النوم . وضعتها وتين بجانبها علي السرير و طالعتها بهدوء ، ملامحها تميل بشدة لملامح إلياس .
وضعت وتين رأسها علي الوسادة و قالت لها بخفوت : قُدس ، إبنتي الحبيبة لقد مر عام من ولادتكِ يا حبيبتي و منذ اليوم الذي جئتي فيه و أنتِ تذكريني بإلياس ، لقد ذهب يا حبيبتي و انا علي يقين أنه سيعود .

الندم | Regret |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن