دونارما ٢

22 3 1
                                    

تحتل البعثات الدونارمية المعروفة لدينا باسم الدوزونات المدن المقامة على ساريات السماء السادسة و المشهورة بطابعها الرطب و سحبها المليئة بالغيوم و الأمطار الكثيفة . أما الأماكن المخصصة لتجميع المعلومات و المعروفة باسم المينورات فتحتل ساريات السماء الخامسة و الرابعة و جزء من ساريات الأولى . السماء الخامسة مشهورة بجوها المعتدل ذي الرياح الهادئة , أما السماء الرابعة فمعروفة برياحها الجافة شديدة السرعة . أما السماء الأولى فمشهورة بكثافتها و التي تجعلك تشعر كما لو كنت تسبح في مياه ضحلة ذو لون بني باهت .
لا يشمل المستوى الجراديني على الدوزونات و المينورات فحسب , بل تشتمل على مدن هامة معنية بتدريب صغار الدونارميين و إكتشاف أي الطوائف ينتمون إليها مع تنمية قدراتهم و محاولة منحهم خبرات هامة سيحتاجونها في المستقبل . هذه المدن منتشرة على ساريات السماء الثالثة و الثانية و جزء من ساريات الأولى . تُعرف تلك المدن بالسوريفات و لكل طائفة لدينا سوريف أكبر خاص بها و يتولى تنظيم شئون بقية السوريفات التابعة لنفس الطائفة , و تُدعى تلك السوريفات بالكوريفات . تشتهر السماء الثالثة بطابعها الهاديء , فلا تكاد تسمع أدنى صوت في هذه السماء . أما السماء الثانية فمعروفة بجوها المتقلب , فأحيانا تكون حارة جافة و أخرى عاصفة ممطرة .
بعد إنتهاء المينورات من تجميع المعلومات من دوزوناتنا المنتشرة في الكون كله , يقوم بعض ممن ينتمون إلى فئة الحوابي بنقلها من المستوى الجراديني إلى المستوى الزواتيني و الذي يشغل حيز قاع الأنهار و البحار و المحيطات على سطح دونارما . قد يظن الكثيرين أن المستوى الزواتيني مرآة للمستوى الريمي , لكن في الواقع إن بينهما إختلافات جمة لا حصر لها . على سبيل المثال فإن المدن المقامة في المستوى الريمي مبنية على مستوى أفقي واحد فوق سطح الماء , أما مدن المستوى الزواتيني فمقامة على مستويات عدة قد تصل في أعماق ضخمة إلى قرابة الثلاثين مستوى . تُعد المستويات المتعددة للمدن المقامة في المستوى الزواتيني كحال أقرانها في المستويين الجراديني و الكواديري علامة فارقة بين عصري ما قبل الأوميد و ما بعده . و الأوميد هو ما يعُرف أيضا لدينا بلحظة نهاية الحرب الهمجية . فأثناء الحرب إستطاع أجدادي تجميع معارف لا تقدر بثمن ساهمت على نقل الحضارة الدونارمية من نطاقها الضيق في المستويين الأونري و الريمي إلى النطاق الاضخم الذي توجد عليه الآن .
يبدأ عمل الدونارميين الأهم على الإطلاق في المستوى الزواتيني , حيث تقوم طوائف متعددة بمهام تقسيم المعلومات إلى رتب حسب أهميتها , ثم مراجعة المعلومات و ربطها بما هو موجود سلفا في سجلاتنا , إضافة إلى تقييم دقتها و مدى درجة الوثوق فيها , نهاية إلى كتابتها في سجلات جديدة أو إضافة معلومات إلى السجلات القديمة , مع الوضع في الإعتبار أن أي معلومة خاصة بأي سجل هام او سري أو في غاية القدم يتم تحويلها منذ البداية إلى المستوى الكواديري . بعدما ينتهي جيش الدونارميين في المستوى الزواتيني من كل هذه المهام تتولى طائفة الحوابي بنقل السجلات النهائية إلى المستوى الكواديري .
يُعتبر المستوى الكواديري أحدث المستويات عمرا في دونارما , كذلك يُعتبر اكثرها غموضا و سرية . فإن كان المستوى الزواتيني و المستوى الجراديني محرمة على أي جنس لا ينتمي لدونارما , فإن المستوى الكواديري نفسه محرم على الغالبية العظمى من الدونارميين أنفسهم . يقطن المستوى الكواديري طائفتين لا ثالث لهما , طائفة المينج و هم قادتنا و من يتقلدون الحكم ويتحكمون في زمام الأمور في إمبراطورية دونارما المعرفية الكبيرة , و طائفة طائفة الإيسوريين , و هي الطائفة التي انتمي إليها في دونارما . تنوط طائفة الإيسوريين بمهمة الحفاظ على السجلات الموجودة منذ الرتوش الأولى لحضارتنا العتيدة . لذا فإن المستوى الكواديري يُعتبر في رأيي بمثابة مكتبة عملاقة تحوي عددا لا يُحصى من السجلات و المعارف .
يشمل المستوى الكواديري على مستويات متعددة من التجاويف العملاقة أشبه ما يكون بالكهوف الضخمة و المعروفة باسم النفيرات . كثير منها طبيعي المنشأ و عدد أكبر قمنا نحن بصنعه بأنفسنا على مدار تاريخ حضارتنا الطويل . تضم نفيرة عددا لا يُحصى من الغرف الضخمة المخصصة لحفظ السجلات , و المعروفة لدينا باسم الرقعات . رغم أن المستوى الكواديري يُعتبر أحدث المستويات عمرا في دونارما إلا أنه بالفعل أكثرها أهمية و خطورة و أضخم المستويات حجما على الإطلاق .
يتولى الإيسوريين التحكم في الجزء الاعظم من المستوى الكواديري عدا المنطقة الوسطى و التي تُعتبر نواة المستوى و مركز دونارما و قلب حضارتنا القوية . هذه المنطقة مُحرمة حتى على الإيسوريين عدا قلة منتقاة منهم معروفون باسم إيسور , و أنا جزء من هذه الفئة المختارة .
أُعتبر أحدث المنضمين إلى طائفة إيسور من دونارما , رغم أن سني يقارب الستون عاما إلا أنني في نظر الكثيرين من أبناء طائفتي الجديدة شابا صغيرا . لا أهتم حقا بالسلطة و النفوذ الممنوحين لي نظرا لكوني إيسور , فما يهمني حقا هو نهل كم المعرفة المخبأة داخل رقعات المستوى الكواديري . ها أنا ذا في مقتبل رحلتي الجديدة أرنو من منبع المعرفة و سجل تاريخ الكون كله أرتحل داخل النفيرات بخطى متؤدة و كل ما أريده هو الإضطلاع على كل السجلات الموجودة في رقعات كواديري دونارما . أنا آفارو إيسور كواديري و المعروف بين قومي بساحر دونارما .

AvaRo آفاروحيث تعيش القصص. اكتشف الآن