نثر الترقيم أيامه كأوراق خريفية تتساقط عند أول هبّة ريح تائهة لتدك قلاع القرب و يمسي أطلالا خربته معالم الكتمان حتَى تنامى أطوارا بكلمات خاوية وأرواح باهتة ، راح يذرع مكتبه المواجه لخاصتها و الذي لا يكاد يفصله سوى رداء نافذة شفافة...توقف قليلاً قرب النافذة ليجدها مشغولة باللوحة الإلكترونية مما أعطاه فرصة لإقتحام مكتبها مباشرة بدون طرق.
- تناهى إلى مسامعها وقع خطواته المنسابة كإيقاع يوقظ روحها ، ثم بلغ أذنيها صوته المعاتب و هو يمضي مقتربا : لم تجاهلتِ اتصالاتي طوال الفترة الماضية ؟؟؟
رفعت حاجبيها لتتحول نظراتها من الهدوء إلى كآبة عميقة لكنها غمغمت بصوت رزين : هل احتجت لشيء ؟؟
دونغهي : لقاءاتنا نادرة جداً مؤخرا ، علينا استغلال فرصة تواجدنا في مكان واحد و تمضية بعض الوقت معا !
هزت كتفيها بغير اكتراث معلقة : لا أظنك تريديني أن أحتكر كل أوقاتك !
أردفت معيدة بصرها إلى اللوحة و هي تعزم على إحباط محاولته في التقرب منها : اعتقدت بأن الأمر طارىء لدرجة قدومك لمكتبي..
صمت مليا ثم تنهد بعمق : أردت تناول طعام الغداء معك ، إنه لأمر مهم بالنسبة لي...
قالت له منكرة : أنا مشغولة لست متفرغة مثلك ، طوال النهار و أنت تتجول بين ممرات الشركة...هل قمت بعمل مفيد حتى الآن ؟
دونغهي و عيناه تجوبان طاولة مكتبها : أنهي أعمالي بسرعة كما ترين لدي كفاءة مهنية عالية ، و على ما يبدو بأنك تفتقرين إليها لدرجة انشغالك بمراقبتي ليتراكم العمل عليك ، أقري بذلك !!
قالت بلهجة تطفح بالضيق : أنا جادة ، علي إنهاء الأوراق بين يدي...
دونغهي بريبة : لم هذه الملفات كثيرة لهذه الدرجة ؟؟
هيجو : إنها نهاية الشهر و علي تدقيق المعاملات القانونية للشهور الفارطة...
دونغهي : إنه وقت الغداء ، خذي استراحة قصيرة..
- بلسان مثقل بالخيبة و تعبير غامض نطقت : لا أستطيع ، احظى بطعام صحي...
شيء غامض لا يسره ، استطاع أن يمتص الخيبة عوضا عن روح التحدي و المشاكسة التي كانت تخيم على أحاديثهما ، تأملها قليلاً بنظرات يعيث فيها التساؤل محاولا معرفة ما بها فهي لم تكن بهذا المزاج الهادىء في حضوره قبلا و هذا ما تركه ساهما في الإستغراب قبل أن يدس يده في جيبه و يمضي في طريقه دون أن يعلن استسلامه.
رن جرس هاتفها بعد أقل من ساعة لتتجاهله حتى وردتها رسالة نصية مفادها أنه تعرض لحادثة سيارة و هو يقبع الآن في مركز الشرطة.
هرعت إلى العنوان الذي ذكره في الرسالة و كل ما يقودها شعور قوي كالخوف تماما ، عبرت المدخل بقلب راعش اقتحم نجواها متماديا في الظهور و انتشرت ألحان كئيبة تحمل معها نغمات قلب معذب...أما محياها فبعد أن وقعت أبصارها عليه راح يلوح عليها و يشوبه بعض الشحوب ، بعينين تائهتين تطوف بهما ذكريات عابرة ، و تنمان عن آلام هائلة انعكست في نظرتها آهة تكومت و هي تقترب منه بلهاث رازح تحْت وَطْأَةِ لَجّة الأوجاع.
![](https://img.wattpad.com/cover/173803887-288-k382235.jpg)
أنت تقرأ
حب على عرش الکبرياء
Romanceللحب صوت منفرد لا نملك إلا الخضوع له طائعين مستسلمين ، و للكبرياء تعاسة تدفعنا لتجاهل لغطه....