مرحبًا...
أستقرأ تلك الورقة إن كتبتها؟ وتسمع صرخاتي إن أطلقت سراحها؟
فغيابُك يمزّقني، يعتصرني حنينًا ويُسكِنني ألمًا.
وإشتياقي يُحاصرني، يملأني أملًا، ثم يكويني وجعًا.
وأبقى أنا هُنا، وأنت هُناك..
تتقطّعُ أوتار أملي، وتذبلُ ورود حُبّي كُلّما مرّت الأيام.
يشحبُ وجهي، ويظهرُ عَجزِي، وأنت لم تأتِني حتى في الأحلام!
أهذه النهاية لقصّتِنا؟! أهكذا الزمانُ يُفرِّقنا؟!
وعدتني بالبقاء، فهل تخلف بوعدِك؟
ملأت عينيّ دموعًا، والذنبُ ذنبُك.
لعلّ حِبر قلمي مسموعًا، فيحنّ قلبُك! وتعود إليّ...
ورُبما لا فائدة مما أكتُب... فلا أنت تقرأ، ولا أنا أهدأ.وضعتُ قلمي على الدفتر لتنهمِر دموع عيناي وأجهش بالبكاء، لا أكترث إن سمعتني صوفيا... فقد حمل قلبي من الشجن ما لا طاقة له به!
إفتقدتُ نظرتَهُ، إبتسامتَهُ، لمستَهُ، ضحكتَهُ، وتفيضُ أوردتي شوقًا وإشتياقًا أليمَين!
مرور شهر كامل دون ظهوره في حياتي ليس بأمرٍ هيّن! أملأُ قلبي أملًا في مجيئه كلّ ساعة، فيخذلني في نهاية اليوم ولا يأتي...
ألا يمكنه أن يرحمني ولو قليلًا؟ أن يأتِني ولو دقيقة؟ أن يُحيي روحي التي تُسلَب منّي شيئًا فشيئًا..!
أنا الليلة مَسلوبة القوى، مَعدومة الإرادة، منزوعة الأمل.
لكن قلبي في إنتظارك لا يطرق بابه الملل...*****
طَلَب لي قهوةً بالحليب لمعرفته بكم أحبها، لكن اليوم كان لا طعم لها!
فها نحنُ في الجلسة الخامِسة، وهو يفحص بعض الأوراق أمامه ويزمّ شفتيه بعد أن أخبرني بأنه قد شخّص حالتي بعد بحثٍ طويل وشكوك وظنون راودته طوال تلك الجلسات الماضية، أُتابِع تحرّكاته بهدوء عساني أستبشِرُ شيئًا، لكنّهُ كان حريصًا على تركي فريسةً للتوتّر والقلق..رفع عينيه عن الورق أخيرًا وكأنّه أشفق عليّ، ثم حدّق بي وقال "تعرفين أنني لم أشخّص حالتكِ في الجلسات الأولى لأنني لا أحكُم على الحالة أمامي دون دراستها من كافة النواحي وبشتّى الطُرُق، وأعتقد أنّكِ بدأتِ تعتادين على إسلوبي.." أومأت له ليُتابِع، وأشعر بقلبي يكاد يخلع صدري، وحُبيبات العرق تتجمّع على جبهتي.
إرحمني من حيرتي وأفكاري وإخبرني بما توصّلت إليه قبل أن تنهار أعصابي!
"لقد إكتشفت الأمر. تُعانين من الهلوسة وهي شكل من أشكال الإضطرابات النفسيّة، وقبل أن تقولي بأنّكِ لستِ مجنونة فسألحقكِ وأخبركِ بأنني أعلم ذلك، فالمُصاب قد لا يعاني من أي إضطرابات عقلية ومع ذلك يكون مُصابًا بالهلوسة! فهي تحدث لأشخاص أصحّاء عقليًّا في معظم الأحيان! إن الهلوسة ما هي إلا بروز الأماني والأفكار والرغبات من العقل اللا واعٍ على صفحة الوَعي والواقع، وتُحدِث بعض التحيّزات في الميتا-إدراكية بدماغك، ولكن ما حدث معكِ كان نتيجةً للوحدة التي عانيتِ منها لفترةٍ طويلة والعزلة الاجتماعية التي فرضتِها على نفسك، لأن كل الفحوصات التي أجريتِها تقول بأنّكِ سليمة جدًا ولا داعٍ للشكّ."
أنت تقرأ
منتصف الليل في باريس.
Fantasyإن إمتزج واقِعُكَ مَع خيالِك، هل سيكون عَقلُك هو الضحيّة الوحيدة؟ حَـــادِثــَةٌ، وقعَت في باريس بالثانية عشر صباحًا، خُرِّبَت حياتي بعدها لِتنقلِبَ رأسًا على عقب. - جميـع الحقـوق محفوظـة لـي©. • فازت الرواية بمسابقة النشر الاقليمي على مستوى القاهرة...