"الطقس بارِد اليوم.." أردفت صوفيا أثناء تواجُدنا بشُرفة المنزل، نُراقِبُ تَوَهُّج النجوم في السماء ونُشاهد عمليّة تطهير الشوارع والأزقّة عن طريق الأمطار الشتويّة المُحببة إلي قلبي.
"أجل.. لكنهُ جميل!" أومأت بهدوء فإنتبهت لي لتضع معطفي علي كتفاي وتبتسم بدفء، ناولتني كوب الشاي الساخِن لأُعانقه بيداي فيتسلّل الدفء إليّ تدريجياً.
"سأذهب لأنام يا عزيزتي، أكمِلي سهرتكِ مع النجوم أيتها الكاتبة العظيمة.." إبتسمت بِلُطف فلم أتمالك نفسي من الضحك، مسحَت علي شعري ورحلت لِأُطلِق تنهيدة مُعبّأة بالتعب.
أرهقني التفكير.. التفكير فيما مَضَي، والتفكير في المُستقبل.. تُري هل ستستمر حياتي علي هذا النحو؟ ألن أشعُر بمُداعبة الحشائش لقدماي مجدداً؟ ألن أركُض مجدداً؟ ألن أعُد للمنزل مُتذمِّرة لأن قدماي تؤلمانني لكثرة السَير؟
إن إستمرّت حياتي علي هذا النحو... هل سأتحمّل كل هذا؟
أجل ألِكسندرا ستفعلين، مرّت سنوات.. ولازِلتُ مُتماسِكة، لا بأس بالمزيد من الوقت..
"مرحباً، هل أجلس بجواركِ؟" نظرتُ بجانبي فوجدتُ شون -بطل قصّتي- يرسِمُ إبتسامةً علي شفتيه الكرزيّتَين.
"أوه، أنت مُجدداً؟" نظرتُ أمامي مُبتسِمة، فسحب المقعد التي كانت تجلس عليه صوفيا مُسبقاً وأخذ مكانها، ثُم أخذ يُحدّق في النجوم مثلي.. وأردف "مُجدداً وللأبد يا عزيزتي!"
إبتسمتُ بسعادة، علي الأقل سأجِد مَن يكسر مللي ويُشاركني وِحدَتي.
"القمر باهِت اليَوم، إنطفأت لمعتهُ دون سببٍ يُذكَر." تمتمت لأحتسي كوب الشاي، أوما شون قائلاً "والنجوم باتت تختفي بهدوء ليحلّ محلها بساطٌ مُظلِم."
"الطَبيعة الغاضِبة سيطرت علي الموقف." رفعتُ كتفاي، فنظر لي "رُبما هو عِقاب للبشر، يظلّون يرتكبون المعاصي والجرائم ثم يتذمّرون لإنقلابات الجوّ المُفاجِئة.."
إبتسمت لتلمع عيناي بإعجاب "وتُشاركني معتقداتي الغريبة أيضاً؟ مُبهِر!"
"لا تنسي أن مُعتقداتك هي مُعتقداتي، أنا شخص من نسيج خيالكِ." رفع كتفيه ببساطة وظلّ يُحدّق بي، إستدرتُ له لأبتسِم.
"تبدين مُتعبة، صعبة هي الحياة الواقعية أليس كذلك؟" سألني مُبتسماً بأسف فأومأت سريعاً وتنهّدت.
"أحمدُ الله أنني أنتمي لعالم الخيال."
نظرتُ لهُ بغرابة، ثم وجدتُ نفسي أقول "أنت تعلم أنني قد أجعلك تموت -في القصة- بأيّة لحظة أليس كذلك؟"
"لا أهتم." إسترسل حديثه "سأظلُّ حيّاً في بعض الفصول، بالتالي سأظلُّ متواجداً في عالم الخيال"
"ليتني أنضمُّ لعالمك شون!" قُمتُ بهفّ الهواء بغضب، إتكأتُ برأسي علي يدي وأكملتُ تحديقي في النجوم.
أنت تقرأ
منتصف الليل في باريس.
Fantasíaإن إمتزج واقِعُكَ مَع خيالِك، هل سيكون عَقلُك هو الضحيّة الوحيدة؟ حَـــادِثــَةٌ، وقعَت في باريس بالثانية عشر صباحًا، خُرِّبَت حياتي بعدها لِتنقلِبَ رأسًا على عقب. - جميـع الحقـوق محفوظـة لـي©. • فازت الرواية بمسابقة النشر الاقليمي على مستوى القاهرة...