٢ | نمَط حياتي.

1.2K 157 28
                                    

"صوفيا!" نادَيتُ بهدوء لتأتي وتُساعِدُني بدفع الكُرسي بخفّة لأنزل للطابِق السُفلي، ها قد بدأ يومي في السادسة صباحاً.

"الفطور جاهِزٌ علي مائدة الطعام، وأطعمتُ أوسكار وهو الآن يلهو في الحديقة." أبلغتني بإنجازاتها لليوم، وثبّتتني أمام مائدة الطعام لأشكُرُها علي مجهودها ثم أدعوها للإنضمام إليّ.

فطوري المُعتاد: الخُبز الفرنسيّ وكوب الشاي باللبن، وقطع الكعك بالشوكولاتة او البُرتقال، مع تُفّاحة أو أي قطعة فاكِهة، وحين أنوِي التغيير: أشربُ كوباً مِن الشوكولاتة الساخِنة بدلاً من الشاي.

رَنَّ هاتفي علي المائِدة، فإلتقطتهُ لأُجيب بتلهُّفٍ شديد.

"مرحباً يا آنِسة، لقد فتحتُ المحل لتوّي، ما هي طلباتِك لليوم؟"

نظرتُ إلي صوفيا مُتسائِلة، فقالت: "لقد نفذ الحليب، ونُريد الجُبن، وأيضاً نُريد السُكّر والمعكرونة، آه أجل والبيض لخفقِ الحلويّات."

أعدتُ تجميع الطلبات في رأسي، فسئِمتُ قائلة "كما سَمِعت! ولا تتاخّر"

أغلقتُ المُكالمة لأُحدِّثُها بينما آكُلُ التُفاحة: "أليست تلك الأشياء هي طلبات البارحة نفسها؟"

"أجل.. وقد نفذت ماذا أفعل!" رفعت كتفيها بينما تملأُ فمها بالطعام.

"روايتي عُرِضَت علي دور نشرٍ في مِصر وسوريا وأوكرانيا، وأُصدِر منها ثلاثة آلاف نُسخة في كُل بلدةٍ علي حِدَة، وهكذا أصبحت سلسلة رواياتي تُباعُ في جميع أنحاء العالَم!" أخبرتها بفرحٍ غَلَّف نبرتي، فسُرَّت لرؤيتي سعيدة وقالت "هذا رائع! أنتِ تستحقين ذلك لقد عملتِ طويلاً علي تحقيقِ هدفكِ."

أجل، فالكِتابة لِمُدّة أحد عشر عاماً لم تكُن سهلة بالمرّة، ولكن ها أنا ذا أُحقِّقُ أحد أحلامي التي ظننتها مُستحيلة في أول يومٍ أُمسِكُ فيه بالورقة والقلم، حمداً لله.

صوفيا لا تجمعني بها عِلاقة واضِحة، هي مُربيَتي وهي بمثابة والدتي تماماً، وأُحدِّثُها بشفافيةٍ بالِغة وكأننا صديقتان مُنذُ زمنٍ طويل، ولا أخشي أن أتحدث معها في أي شيء، تهتم بي وتُساعِدُني في أموري الحياتيّة.. نحنُ تجمعُنا علاقة عمل أو صداقة أو علاقة عائليّة حتي! أنا فقط لا أتخيّلُ حياتي من دونِها.

"أوسكار! كَلبٌ لطيف! حسناً هذا يكفي." ملّستُ علي شعرِه حيثُ قفز علي وجهي ليلعقني فجأة، وضعتهُ أرضاً فنظر لي بِحُزن.

"إلعب في الخارِج يا أوسكار!" صنعتُ تواصُلاً بصريّاً معهُ، فنبح وقفز لأجده يجلس علي حجري بأريحيّة، ويبدو بأنه أحبَّ تلك الوضعيّة حيثُ أخذ يتدلل مُثيراً عواطفي لأُداعبه.

*****

"كأسُ عصيرِ الجوافة، البسكويت الطازج، المياه المُثلّجة، الأضواء الخافِتة.. هذا جيد!"

منتصف الليل في باريس.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن