١٦ | ورود بيضاء.

307 56 13
                                    

"أردتُ أن أسألك الكثير من الأسئلة التي تعذّر عليّ إيجاد أجوبتها."

هزّ رأسَهُ مُرحِّبًا بالأمر، فشبكتُ يداي معًا فوق مكتبه لتدور برأسي بعضُ الأسئلة المُلِحّة..

"أنتِ بكامل قواكِ العقليّة يا ألكسندرا وكل ما يحدث حولكِ حقيقيّ! ولكن مَن يدري؟ قد يملك الطبيب إجابات لأسئلتنا الغريبة لا يملكها أيٌّ مِنّا.. فكل ما أستطيع قوله لكِ هو أنه لم يسبق لنا في عالم الخيال وأن ظهرنا في الواقع لأيّ شخص من قبل! أو حتى إصطحبناه لعالمنا! تلك الظاهرة غريبة في أعيُن جميع ساكني عالم الخيال، أفهمتِ بأنه هناك الكثير من الأسئلة التي يجب أن يُجاب عليها؟!"

أغلقتُ عيناي مُتنهِّدة، ثم تشجّعتُ وطرحت سؤالي "لِمَ لَم يظهر لي غيرُ شون بالتحديد؟"

عدّل نظاراته الطبيّة على جسرِ أنفِه الطويل قائلًا "أمرٌ طبيعيّ يا ألِكسندرا، فما فهمتُ من حديثكِ عنهُ أنهُ كان يُجسِّد مواصفات فتى أحلامِك، فبدأتِ تتخيّلينه حولكِ! وسؤالكِ يبدو غير منطقيًّا.. فلو كان أي أحد غيره لسألتِ لِمَ ظهر لكِ هذا الشخص تحديدًا، ويظلّ السؤال غير منطقيّ."

أوماتُ مُتفهِّمة، ثم شعرتُ بأن الأسئلة تبخّرت من رأسي لتوتُّري الشديد، فأنا أخشى أن أحصُل على إجابةٍ تُكمِل سلسلة صدماتي المُتتالية التي لم أفِق منها بعد..

سألني الطبيب مُبتسِمًا ببشاشةٍ أراحتني "ماذا بَعد؟"

جرى السؤال على لساني فور أن إهتديت إليه "أخبرتَني أن الهلوسة أصابت حواسي كلّها فإستطعت الشعور بلمستِه، لكنّي لازلتُ لا أفهم كيف تكون لمساته واقعيّة لهذا الحدّ!؟"

"لأن الهلوسة لا حدود لها، فهي تبدو كالواقع تمامًا في وجهة نظر المُصاب.." إبتسم لي في النهاية، فدفعني لطرح سؤال آخَر..

"لِمَ لا أتوقّع ما يحدُث بيننا وما يقوله لي؟! رغم أنك تخبرني بطريقةٍ غير مُباشِرة أن رؤيتي له كانت ناجِمة عن رغبتي بذلك.."

"إتّضح لي أنكِ لم تفهمي مرضكِ بشكلٍ كافٍ، فهُناك فرقٌ كبير بين الوَهم والهلوسة! الوهم يحدُث بكامل إرادتكِ، لكنّك تقنعين نفسكِ بأنهُ حقيقة، وغالبًا ما تستطيعين التمييز بينهُ وبين ما هو حقيقي بسهولة، إنما الهلوسة لا تحدُث بإرادتكِ، وإنما يُسجّل في عقلِك الباطن مَن ترغبين برؤيتهم فقد ترين شُخوصًا تشتاقين لهم كشخصٍ توفّى على سبيلِ المثال، إنما لا علاقة تربُطُ ذلك بما يحدُث أثناء الهلوسة."

هززتُ رأسي مُتفاعِلة مع حديثِه، ورغبتُ بسؤالِه عن حقيقة وجود عالم الخيال.. لكن إن كان شون غير حقيقي في وجهة نظره، فهل سوف يقتنع بوجود عالم الخيال؟ هذا هو الجنون بأُم عينيه! أعتقد أنه يجب أن أحتفِظ ببعض الأسئلة لنفسي..

"حسنًا، كيف وقفتُ على قدماي وسِرتُ بأريحية؟ كيف كان يتبخّرُ عَجزي في بعض الأحيان؟"

منتصف الليل في باريس.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن