(الأخير)

4.1K 211 95
                                    

بقلم: نهال عبد الواحد

تركها مازن بعد أن أخذ منها ذلك الميثاق أن لا حديث، تعامل أو لقاء ولا أي شيء وقد اقتنعت بوجهة نظره رغم صراع قلبها معها وخوفها من أن يمل ويبتعد.

بالفعل كانت تذهب إلى مكان التصوير وتتجاهله تمامًا ولا تلتفت إليه وإن استدعت الظروف مواجهته في أحد المشاهد التي يسجل حوارها فتضطر للقيام بها لكن بمجرد انتهاء التسجيل تعود كما لو كانت لم تراه يومًا.

بالطبع ذلك كان يؤلمها من داخلها فإلى متى ستظل صامدة هكذا وهو حبها الوحيد خاصةً عندما ترى حالته كيف أصبحت، لكنها ظلت محافظة على وعدها لأخيها وهي تتمنى من داخلها أن يظل متحملًا ولا يمل فينتهي كل ذلك العشق مثل حالات كثيرة تعشق لكن لا تستمر حكايتها مثلما بدأت، وكأنها لا تجري خلف الحب بل نحو مزيد من الألم والفراق.

أما هو فذلك التجاهل كان يشعله غضبًا لكن سرعان ما يهدأ حاله ولا يمل حتى لا تضيع منه للأبد، فرغم طول الخصام إلا أنه لازال لديه أمل في العودة ورغم كل ما يلاقيه كأن روحه تنتزع منه ويضرب قلبه رياح الخصام القوية، كلما تذكر كم أحبها وعشقها لكن الطرق تتفرق بينهما ولا يستطيع السيطرة على زمام الأمور، وكأن ذلك الخصام قد ذهب بهم إلى طريقٍ مسدود لا مُضي ولا رجعة، وصار قلبه كالشمعة يحترق حينًا و ينطفئ حينًا أخرى، يبدو أنه قدر العشاق ألّا يعيشوا دون لحظات مؤلمة، يا ترى هل لعشقهم نفس النهاية الحزينة مثل كثير من العشاق روميو وجوليت، قيس وليلى ألا يمكن لتلك النهايات أن تتغير ولو مرة؟! خاصةً لو كان عشق جارف كهذا.

يبدو أن اثنانتهما يجريان نحو تجرع الألم ومزيد من الأوجاع، لكن ترى لمتى؟! ألا يوجد حب بلا وجع؟!

ومرت شهور على ذلك حتى صارا لا يفهما أنفسهما هل لازالا يعيشان؟ وكيف لازالا يعيشان في دائرة ذلك الخصام؟!

وذات يوم إذ كان مازن في بيته فجاءه ياسين وجلال زائرَين فرحّب بهما وقدّم لهما مشروب.

قال مازن: رغم عدم وجود زوجتي إلا أني أجيد التصرف، تفضلا!

فأخذ كلا منها كوبًا ثم قال ياسين: لقد طلبنا منك ذلك الموعد لنتحدث بشأن أمر جلال ومها.

صاح مازن بلامبالاة: أمر من؟! هو كاد أن يكون أمر لكن لم يحدث أي شيء فكل شيء توقف وانتهى.

فسأله جلال: لماذا؟! منذ أشهر وأنا أحاول التواصل معها بشتى الطرق لكن بلا فائدة.

ابتسم مازن وأجاب بفخر: لأن أختي نشأت أن تطيع أوامر الرجال، فأنا أكون مسافرًا وفي عرض البحر وكلامي يُنفذ هنا على أمي وأختي قبل زوجتي.

قال ياسين محاولًا تهدئة الأوضاع: يبدو أن هناك سوء فهم!

تابع جلال: أعلم أني مخطيء، لكن أقسم لك أني تغيرت وتعلمت ذلك الدرس القاسي! أرجوك لقد نفذ تحملي ونفذت طاقتي، صدقني لن يحبها أحد بهذا القدر ولا طاقة لي بأي بُعد أو ترك.

(المعجبة المهووسة)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن