(4)

3.7K 190 26
                                    

بقلم : نهال عبد الواحد

وذات يوم بينما كان جلال يمر بين الموظفين متفقدًا أحوالهم وكان دائمًا ما أن يمر من أمامهم حتى يقف الجميع دون حراك مارًّا من أمامهم في كبره كعادته.

لكن هذا اليوم بينما مر كعادته وبالطبع لم يكن يمر إلا ليرى إحداهم بعينها، بالفعل وقف الجميع منتفضًا كعادتهم إلا تلك الجالسة منغمسة في عملها واضعة في أذنيها سماعتين تسمع شيئًا ما فلم تشعر بوجوده ولا مروره أو بأي شيء وكأنها في عالمٍ آخر -عالمها الخاص- فلم تقف ولم ترفع عينيها رغم نظرته الطويلة نحوها لكنها لم تنتبه إطلاقًا.

فانطلق جلال إلى مكتبه وقد زاد حنقه وغضبه فوق ما كان عليه، لقد ثقل حسابها معه وتضاعف، كيف لها لا تكترث لوجوده؟ لم تنتفض وتقف له مثل غيرها!

وبعد انصرافه جاءتها إحدى زميلاتها وطرقت على المكتب فانتبهت لها مها ونزعت السماعة من أذنها قائلة بدهشة: كأن هناك أمرًا!

-ما الذي فعلتيه أيتها الحمقاء؟!

- حمقاء! ماذا جرى؟

- السيد جلال مر منذ قليل.

- وماذا فيها يعني؟ كنت منغمسة في عملي.

-هذا صحيح، لكن كان عليكِ الوقوف لتحيته.

- ولِمَ لمْ تخبريني وقتها؟ على أية حال عندما مر وجدني أعمل.

-ليس الأمر بهذه البساطة.

- ماذا يمكن أن يحدث مثلًا؟! لم أكن ألعب ولا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو أحادث أحدهم عبر الشات، وأعتقد إن كان هناك خطب ما كان حدثني أو علّق مباشرةً.

-أنتِ لا تعرفيه، ولم تريه كيف كان ينظر لك بأعين تشتعل غضبًا.

- أراكي مبالغة.

-أنتِ حرة.

فلم تكترث لها مها وعادت لما تفعله ووضعت السماعتين في أذنيها وكأن شيئًا لم يحدث.

لكن بالطبع جلال ذهب لمكتبه في قمة غضبه والذي قد وصل للغليان فأسرع خلفه ياسين ونهى.

سأله ياسين بفضول: ماذا حدث أخي؟ هيئتك ليست على ما يرام، لقد أفزعتنا!

صاح جلال: ولم لا أفزعها إذن؟!

- تفزع من؟

- صاحبتكم تلك.

فقالت نهى: تقصد مها!

فأومأ جلال: أجل هي، أمُرّ من أمامها وتظل جالسة وكأن شيئًا لم يحدث! تراها مغرورة! أم تظن أنها صاحبة المكان؟ لا أنا جلال النوري! من يرجف ويفزع من إسمه الكثير، من تتمنى الكثيرات أن ألمحها بطرف عيني، لكن تلك الحمقاء وكأنها لا تعرفني!

تابعت نهى: هي بالفعل لا تعرفك.

صاح جلال: لم تقف كغيرها! لو انتبهت قليلًا لعلمت من أكون، من تظن هي؟ مهلًا، كأنك ستدافعين عنها مجددًا!

(المعجبة المهووسة)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن