الأَيَّامُ تَمرّ بِبُطئٍ شَدِيد ، كُل يَوم يُشابِه سَابِقَهأَشعُر بِالتَّعبِ الشَّدِيد ، لَيْسَ و كَأنَّني كُنتُ بَخيْر في الأَيَّامِ المَاضِيَة
لَكِنَّ الْيَوم مُختَلِف ، أَشْعُرُ بِأَنَّني غَيرَ قَادِرَة عَلَى كَبتِ مَا بِدَاخِلي أَكْثَر
ذَاتي مُرهَقة ، لِدَرَجة أني أَمْلِكُ رَغبَة عَارِمَة بِأََن أُؤذِي نَفْسي ، أُريدُ الشُّعور بِذَلِكَ الأذَى عَلى جَلَدي لأتَنَاسَى آلم رُوحي .
أَحْياناً أَشعُرُ بِأَنَّني صِرْتُ عَلى حَافَّة الهَاويَة
لَكِنَّنِي مَعَ هَذَا أَسْتَمِرُّ بِالمُقَاومَة .
............
أَغْلَقَت مُذَكَّرتِها رَمَادِيَّة اللّونِ ، ثُمَّ نَهَضَت مُلْتَقِطَة حَقِيبَتَهَا المَدْرَسِيَّة لِتَخْرُجَ مِنْ المَنْزِل
تَسِيرُ في الطَّريقِ بِمَلامِحَ بَاهِتة و نَظْرَةٍ فَارِغَة كَالفَرَاغِ الذِّي بِدَاخِلِهَا ، تَنَهَّدَت طَويلاً اثْرَ شُعُورِهَا بالضِّيقِ عِنْدَ رُؤيَتِهَا لِمَبْنَى المَدْرَسَةِ يَظْهَرُ أمَامِهَا
فَهِي تَمْقُتُ المَدْرَسَة لِلغَايَة ، وَالدَيْهَا هُمَا مَنْ يُجْبِرَانِهَا عَلى الذَّهَابِ إلى المَدْرَسَة ، و يُرْغِمَانِهَا على الدِّرَاسَة بِشَكْلٍ مُكَثَّفٍ حَتَّى تَحْصُلَ على عَلاَمَاتٍ مُمْتَازَةٍ
بَيْنَمَا هِي تَنْظَرُ لِكُلِّ هَذَا على أَنَّهُ شَيءٌ بِلا فَائِدَة
كُلُّ شَيءٍ قَد فَقَدَ طَعْمَهُ بِنَظَرَهَا و لَم يَعُدْ لَهُ أَهَمِّيَة.دَخَلَتْ إلى المَدْرَسَة ، تَحْدِيداً إلى السَّاحَة المُكْتَظَّة بِالطُّلاب ذُوي الرِّدَاء المُوَحَّدِ
إتِخَدَت مِن ذَلِكَ الرُّكْنِ في نِهَايَة السَّاحَة مَوْضِعاً لَهَا بَيْنَمَا تُمْسُكُ حَمَّالتي حَقِيبَتِهَا بِقُوَّةٍ وتَنْظُرُ إلى الطُّلابِ بِنَظْرَةٍ مُتْعَبَةٍ ، هِي تَكْرَهُ الأمَاكِنَ المُمْتَلِئَةِ بِالنَّاس ، أَصْوَاتِهِم العَالِيَة و ضِحْكَاتِهِم الصَّاخِبَة ، كُلْ هَذَا يُزْعِجُهَا و يُتْعِبُهَا .
رَأَتْ جَسَداً يُغَطِّي عَلَيْهَا لِتَرْفَعْ بَصَرَهَا و تَجِدَهَا تِلْكَ الفَتَاةُ التِّي إعْتَادَت التَّنَمُّرِ عَلَيْهَا
هِي و قَبْلَ أَنْ تَنْطُقَ بِكَلِمَة جَارِحَة للجالِسَةِ أَمَامِهَا ، قَامَت بِدَفِعِهَا بِسَاقِهَا لِتَسْقُطَ أَرْضاً و تَتَأوهَ بِأَلَم
لَقْد سَئِمَت مِنْ الصَّمْتِ و تَلَّقي كَلِمَاتٍ جَارِحَة أو تَسْميتِهَا بِالمَريضَةِ نَفْسياً ، و مَا فَعلَتْهُ الأَن لاَ شَيء مُقَارَنَةً بِمَا هِي تَتَلَقَّاهُ
......
كَانَتْ في فَصْلِهَا ،تَضَعُ وَجْهِهَا عَلى الطَّاوِلَة و المُعَلِّمَةُ تُلْقِي شَرْحَهَا الذِّي كَانَ مُمِلاً لِلأغْلَبِيَّةِ
"و الأن مَنْ التِّي سَتُكْمِلُ الشَّرْح؟"
الجَمَيعُ رَفَع يَدَه ، مَا عَدَاهَا
رَأسُهَا لَم يَتَحَرَّك مِنْ مَكَانِه ، هِي تَكْرَهُ المُشَارَكَةِ في الحِصَص ، فَثِقَتُهَا بِنَفْسِهَا مَعْدُومَة تَمَاماً
مَرَّ الوَقْتُ سَريعاً رُغْمَ بَقَائِهَا لِوَحْدِهَا فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ
فَمَنْ كَانوا تَحْتَ مُسَمَّى صَديقَات ،لَم يَبْقوا مَعَهَا بِمُجَرَّدِ أَنْ أَصَابَهَا هَذَا المَرَض .لاَ أَحَدْ سَيَكُونُ بِجَانِبِك وَقْتَ حُزْنِك .
...........
كَانَتْ تََكْتَبُ فُروضَهَا المَدْرَسِيَّةِ ، و تَرْمِي بِبَصَرَها نَاحِيَة هَاتِفِهَا بين الحِين و الأخَر الذِّي كَانَ الأَخير يَهْتَزُّ مُعْلِنًا وصولَ إشْعَارَاتٍ جَديدَةٍ
تَريد الإمْسَاكَ بِهِ و تَرْكَ تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ المُمِلَّة و التِّي تَجْهَلُ مَاهِيَةُ أهَميَّتُهَا .
وضَعَتْ القَلَم ثُمَّ مَدَّ أَنَامِلِها نَاحِيَتِه ، و بِمُجَرَّدِ أَنْ أمْسَكَتْه حتَّى سَمِعَتْ صُرَاخَ وَالدَتِهَا
"هِيلاَر ، اتْرُكي هَاتِفَكِ و أكْملي فُروضَكِ"
تَنَهَّدَت ثُمَّ أَعَادَتْهُ لِمَكَانِه لِتُمْسِكَ قَلَمَهَا و تُكْمِلَ كِتَابَاتِهَا
مَرَّ الوقت حَتَّى حَلَّ اللَّيل ، و خَلِدَ الجَميعُ إلى النَّوم مَا عَدَاهَا
أزَاحَت الغِطَاء مِنْ عَلى جَسَدِهَا ، و سَارَت بِخُطوَاتٍ بَطيئَة نَاحِية هَاتِفِهَا الذِّي لَمْ يَتَوقَّف عَنْ الإهْتِزَاز إلى الأن
ثُمَّ حَمِلَتْهُ و قَامَتْ بِفَتْحِهِ و تَجِدَ تِلْكَ التَّعْليقَات التِّي كَانَتْ تُشَجِّعُهَا عَلى الإسْتِمْرَار
مَلامِحُهَا لَمْ تَتَغَيَّر حِينَ قِرَاءتِهَا لِتِلْكَ التَّعْليقَات ، فَهِي قَدْ إِعْتَادَتْ عَلَيْهَا ، و لا تَجِدُ أَيَّ فَائِدَةً مِنْهُم
فَهُمْ بِنَظَرَهَا مُجَرَّدُ أُنَاسٍ إفْتِرَاضيين ، لا يَعْرِفونَ شَكْلَهَا و لا يَعْرِفونَ أَيَّ شَيء عَنْهَا ، سِوى أَنَّهَا فَتَاة هَاوية تُجيدُ الرَّسمَ و تُشَارِكُ رَسَمَاتِها مَعَ مُتَابِعينَهَاأَعَادَتْ هَاتِفَهَا لِمَكَانِه ، ثُمَّ إِتَّجَهَتْ نَاحِيَة المِنْضَدَةِ خَاصَتِهَا المُبَعْثَرَة بِأَوْرَاقٍ تَحْمِلُ رَسمَاتٍ مُبْهَمَة
جَلَسَتْ عَلَى الكُرْسي لتُشْغِلَ المِصْبَاح و تَبْدأ بِالرَّسْم
.......