بعد تِلك الحادثة التِّي حدثت لـ هيلار بِسبب والدِها ، و التِّي لَم يعرِفها جين بعد و في الواقِع هو لا يُريد معرِفتها، بَل يستمرُّ فقط في إسعادِها بِقدر الإمكان، قرَّر أن يقوم بأخدِها إلى مكانه السِّري كما قال و الذِّي كان حقل مملؤا بالوُرود ذوات الرَّائحة الزَّكيةِ .
كانت تقِف وَسط تِلك الوُرود و هي تحدِّق حولها مُنذهلةً مِنْ جمال المكان، شعرت بأناملهِ الدَّافئة على عكسها تُحيط خاصَّتها لِيقُوم بعدها بِسحبها و يتَّخدا الأرض مقعداً لهُما فوق الحشائِش الخَضراء .
هيلار كانت مُبتسمةً أثناء جُلوسهم، هي لم تستطِع مَنعها مِنْ عَدم الظُّهور، تِلك الأحاسيس التِّي بداخلها كانت حُلوةً بِنظرها، لم تُرَاودها قَط، لكنَّها تَفعل الأن، زفرت الهواء للرَّاحة التِّي إعتلتها مُنذ جلوسِهم.
جين كان يتأمَّل ملامح الجَّالسة بجانبه، والتِّي كانت جديدةً على أنظارِه، هي لم تكن عابِسة و لم تكُن نظرُتها خامِلة، وجهها لم يكُن شاحباً، بل إبتسامةٌ رَقيقة كانت مُرتسمةً على ثغرها، حدقتَيها كانتا تَلمعان، و تـحمِلُ على محياهَا إشراقةٌ لم يَعهَدها مِنْ قَبل.
- جين!
- نعم هيلار؟
- المكان، إنَّه خلَّاب.
- أحِبُّ اللُجوء إلى هُنا حينما أتضايقُ مِنْ أمرٍ ما، إنَّه مكان يبعثُ السَّكينة في داخلي
- كيف عرِفتَ هذا المكان؟
- أنا أتجوَّل كثيراً، و عرِفته عَنْ طريق الصِّدفة.
- جين، أريد أن أخبركَ بأمرٍ لكن لا تُفكِّر كثيراً فيه
- حسناً
- سابقاً ... كلَّما قرَّرت إنهاء حياتي والانتِحار، أنهارُ و جَسدي يرتجِف ودموعي لا تتوقَّف ، شيءٌ ما فيّ كان يُريد العيش، وكَم كُنت أمقُته، فكُلُّ ما بِداخلي كان يدفعُني للحُصول على حقّي مِنْ الرَّاحة، حتَّى ظَهرت أنتَ في حياتي، في البِداية كُنت أرمقكَ بنظرةٍ مُشمئزَّة، ربَّما لكونكَ كُنتَ كثير الإبتسام، و لتِلك الألوان التِّي كُنتَ ترتديها والتِّي كانت تُؤلم عيناي ولازالت!
شيئاً فشيئاً هذا الشعور بدأ يزول، بدأتُ أحِبُّ رفقتكَ والحديث معك، أنتَ لم تترُكني كما فعل السَّابقين بل تشبتَّ بي، أنت شخص جيِّدٌ جين، لقد تغيَّرتُ بفضلك، أنا أقِرُّ بهذا.- بشأنِ ثيابي التِّي تُؤلم عينيكِ الجميلتين فأنا متأسِّفٌ عزيزتي، فلا أستطيع تغييرها، لكن ما يهِمُّني أنَّكِ بِتِّ أفضل هيلار، أنا حقاً سعيدٌ لأجلكِ مِنْ صميم قلبي
- لا أريد منكَ تغييرها! ، ثُمَّ هناك أمرٌ آخر أريد إخباركَ به، هو أنَّني قد دخلتُ إلى معهدٍ للفُنون، هُناك سأطوِّر موهِبتي بالرَّسم
إبتسم جين و لم يُجبها، ليسود الصَّمت لفترةٍ قصيرة حتَّى قال بنبرة هادئة
- هل تتذكَّرين في الجامعة، عندما أخبرتكِ برغبتي بمساعدتكِ؟
- أجل أتذكَّر
- إذن لابُدَّ مِنْ أنَّكِ تتذكّرين ما قلتُه لكِ
- لقد قلتَ الكثير وقتها جين
- صحيح، إذن سأذكركِ!
أنتِ أخبرتني يومها أنَّ ما بداخلكِ الحديث عنه صعبٌ بأنَّه لا يُمكن وصفه، لكنَّني أجبتكِ بأنَّني سأجعلكِ تشعُرين بِتلك المشاعر اللَّطيفة وأن تُشغلي أفكاركِ بأمورٍ بدل تِلك الأفكار السَّيئة- أوه! و لَقد نجحتَ بِهذا جين، أُهَنِّئك
أرجعَ شعرَه إلى الوراء قائلًا:
- أنتِ مَنْ ساعد نفسكِ هيلار، أنتِ مَنْ كُنتِ تَرغبين بالشِّفاء، و إلَّا لما بتِّ بهذه الحالةِ الأن.
- لكن بِدونك لـكُنت قَد أنهيتُ أمري مُنذ زمنٍ، فأنتَ مَن أشعَل تِلك الرَّغبة بِداخلي.
- هيلار، هل تذكُرين عندما أخبرتكِ أنَّني بدأت أقع؟
- أتذكَّر هذا أيضاً، أنَّكَ تقع في الحب
- أجل، و أظنُّ أنَّني قد وصلتُ إلى القاع بِالفعل
- هل تمسَّكت جيِّدا؟
- لا لم أفعَل، الأمرُ حدثَ قبل أن أدرِكَه
- هنيئاً لكَ بهذا الحُب إذن، أسرِع بالإعتراف لَها حتى تُحافِظ عَليها و تكون لكَ
جين لم يُجب و ظلَّ ينظرُ إليها بنظراتٍ مُبهمة لم تَنتبِه لها تِلكَ الشَّاردة في اللاشيء.
....