أجلِسُ كلَّ يومٍ على الكرسي و أنا أُراقِب تحرُّكاتِها، أتمعَّن النَّظر في ضحكاتها التِّي لم أكن أنا سببُها على الأغلَب، أراها كيف تتمسَّك بِه و تنظر إليه بأعينٍ لامِعة، تبتسم له كلَّما تلاقت أعيُنهما، هي تحبُّه وهو أيضاً، هُما سعيدان ومُستمتِعان، لكن ماذا عنِّي أنا؟ ألا أستحق مقداراً مِنْ السَّعادة أنا الآخر؟
هي لا تنكُر مافعلتُه مِن أجلِها، علاقتُنا لازالت مِثلما هي لكن إعتبارُها لي كـصديقٍ أمرٌ يؤلمني، فأنا لا أعتبرُها هكذا، هي بنظري أكثرُ مِن صديقة.لطالما لاحظُّتُ العلاقة المميَّزة التِّي تجمع بين هيلار و يونقي، لكنَّني لم أتوقَّع أنَّ نهايتها ستكون هكذا، حُبٌ مُتبادل مِن قَبل الطَّرفين، أنا سعيدٌ لأجلها، كون قلبها قد نبُض لأحدٍ أخيراً، لكنَّني تمنَّيت لو أنَّه نبض لي، عوضاً عنه.
- ج . ن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأغلقَ مُذكَّرته التِّي بات يَستخدمُها لِتفريغ مكنوناتِه، لم تكن عادته كِتابةُ ما يَجول في خاطِره، لكنَّه يَعلم أنَّها كانت عادة هيلار، للتَعبير عَنْ مشاعِرها سابقاً فَقرَّر تَجربتِها، و هي بِالفعل تُساعده.
خرج مِن المنزل متَّجهاً إلى الجامعة، و حين دخوله إليها، رأى هيلار واقفةً وحدَها لأول مرَّة، فـمُنذ أن إرتبطَت بـ يونقي و هو يلتصقُ بِها دائماً الأمر الذِّي كان يمنع جين من التَّقدم ناحيتها و الحديث معها، كان ينظر إليها مشتَّت الذِّهن، متردِّدا بشأنِ الذَّهاب إليها، خوفاً مِن أن يَفقد نفسه بمُجرَّد أن تلتقي عيناه بخاصَّتِها
فالشَّوق الذِّي بداخله لم يكن بالشّيء السَّهل، هو لم يعُد يحتضِنها مثل ذي قبل، لم يعد يُقبِّل جبينها، لم يعد يُمسك بأناملها الباردة حتَّى يقوم بتدفئتها، كلُّ هذا تلاشى بمجرّد وقوعها بالحب بأحدٍ آخر، هو لا يفهم كيف لها أن تحبَّ أحداً غيره، أليس هو مَن أذاقها طعم الرَّاحة و الأمان، أشعرها بشعور كان محبَّباً لِقلبها، إلا أنَّ الأخير لم يختره بل فَضَّل أحداً آخر، متناسياً أنَّه هو مَن أحياه.
تنهَّد عندما رأى يونقي يتقدَّم مِنها ثم يعانقها بينما يُتمتم بكلماتٍ لها جعلت الأخرى تضحكُ بخفوت، ضيَّق جين عينيه وهو يشعُر بآلمٍ في يساره إلا أنَّه تجاهله و أكملَ طريقه ناحية محاضرتِه
طوال الوقت كان يُكرِّر في ذهنه بأنَّ الحياة غير عادلة، هو لم يكن يرغبُ بمقابلٍ منها اثر ما فعله، لكن في ذات الوقت، هو لا يظنُّ أنه يستحقُ ما حدث
هو بات يتألّم بعدما نَزع الآلم منها، كما لو كان قد إقتلعَه مِن داخلها و وضَعهُ بداخله لتتبادَل أدوارِهما، لكن الآلم الذِّي بداخله مختلف، هو مُجرَّد آلم عاشقٍ بائس.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يونقي يُحادث هيلار على الهاتِف، حتى أخبرتهُ برغبتِها بالنَّوم، ليُغلق كلاهُما و يستَلقي على سريره، و يبدأ بإرجاع ذكرياتِه مُنذ إضطرابه حتَّى إلتقائه بـ هيلار و تحسُّنه، يونقي كان أيضاً مصاباً بالإكتئاب لفترةٍ مِن الزَّمن، حتَّى إلتقت عيناه بـها، هو شعر بشيء غريبٍ وقتها، وقد أحبَّ هذا الشعور و قرَّر الإقتراب مِنها للتَّعرف عليها، و كون حالتَه مشابهةً لِحالتها لم يكن مِن الصَّعب عليه معرفةُ ما تُعانيه، ممَّا سمح له مِن التَّقرب مِنها أكثر، بالتَّالي رغَب بمساعدتها عندما تأكَّد مِن صِحَّة تخمينه، وهي قابلت رغبته بالرَّفض، و بالنِّهاية هو أحبَّها مبادلةً الأخرى أحاسيسه ليتواعدا.
.....
بالنِّسبة لـهيلار فهي قد تحسَّنت تماماً، رغم حُزنها القليل لمَعرفتها أن صديقها يكنُّ لها المشاعر بينما هي لا تبادله، هي كانت تتمنَّي لو أنَّها تشعر بها ناحية جين لا يونقي، فهو مَن جعلها تقضي على إكتِئابها، هو مَن أنعشَ روحها، و مَن رسم البَسمة على وجهِها، لكن كما قالت هي ذات مرَّة"القلب غبي، وقد يقع في حبِّ شخص مِن المُفترض ألا تحبِّه"
لكن بالنِّهاية جين سيتغاضى عن هذا، مشاعره ستخمد و تبرُد مع الوقت، سيجد حبَّه الحقيقي يوماً ما، ولن يسمح للحزن بأن يطغى على ذاتِه مطوَّلا، لربَّما هو الأن مُنقبض القلب مهموم البال عابساً، لكن ليس كل ما نتمنّاه نتلقّاه، وهو يعلم هذا جيداً، وهذا العبوس سيُنتزع لتحلَّ مكانه بسمةٌ مُشرقة، كما كان قبلًا
النِّهاية~
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ