الفصلان الثالث والرابع

4.9K 109 4
                                    

الفصل الثالث

جلست أمام مرآتها تمشط شعرها وهي تنظر لانعكاسها الشاحب. ما الذي تفعله بنفسها؟ شقيقها محق، هي تقتل نفسها بالبطيء. لماذا لا تستطيع العودة لما كانت؟ ببساطة لأنه لم يعد بالإمكان. العودة بالزمن ترفٌ لم يعرفه البشر بعد. تُرى لو استطاعت العودة أكانت أصلحت خطأها أم ببساطة لا يمكننا تغيير الماضي؟ مهما حاولت فالنتائج واحدة، وكل ما يمكننا إنقاذه هو الحاضر والمستقبل وألا نسمح لماضينا بإفسادهما.

إلياس أخبرها هذا، وهي تعرف أنه محق، لكنّها لا تستطيع. كيف يمكنها والماضي لا يريد تركها وشأنها؟ رفعت عينيها تنظر لانعكاس شقيقتها الجالسة على فراشها تقلب في روايتها المفضلة. لميس لا تريد أن تنسى ولا أن تجعلها هي الأخرى تنسى، لماذا لا تصدق أنها لم تقصد سرقة الشاب الذي أحبته؟ لماذا لا تريد أن تصدق أنها لم تتعمد وقوع ذلك الحادث؟

حركت المشط في شعرها وتنهدت وعيناها تنحرفان نحو صورة قديمة لها هي ولميس. غامت عيناها وهي تنظر لوجهها المشرق بالحياة والعبث وشعرها الذي كانت تحبه قصيرًا مبعثر الخصلات بالكاد يلامس رقبتها بينما لميس بشعرها الطويل تقف بخجل وارتباك وشقيقهما إلياس يقف في المنتصف يلف ذراعيه حولهما بحنان وحماية. شقيقها هو الآخر ما زال يلوم نفسه على ما حدث، ماذا كان بيده أن يفعل؟ إلياس يحارب من أجلهما منذ وفاة والديّهم، فعل المستحيل لأجلهما لذا هي لا تحتمل أن يشعر بالذنب أو التقصير. هي من كانت أنانية كما قالت لميس، هي من أفسدت كل شيء.

تنهدت بقوة لتسمع لميس تتساءل

«ما الأمر؟»
تنفست بقوة والتفتت لها

«لا شيء. أنتِ ما الذي تفعلينه هنا؟ لماذا لا تذهبين لغرفتكِ؟»

مال رأس شقيقتها وابتسمت

«ماذا؟ ألا تطيقين رؤيتي يا شقيقتي الحبيبة؟ لماذا يا تُرى؟ لأنني أذكركِ بجريمتكِ في حقي، صحيح؟ لا تحتملين النظر لضحية أنانيتكِ وقلبكِ الأسود يا ألماس؟»

نهضت من مكانها هاتفة بحنق

«يكفي، لا أريد سماعكِ، اذهبي لغرفتكِ. لا تريدين أن تصدقي براءتي؟ لا تفعلي. لكن بالله عليكِ توقفي عن جعل حياتي جحيمًا»

رددت بنعومة خبيثة

«لكنني هنا لهذا السبب يا ألماس، لأجعل حياتكِ جحيمًا. أعرف أنكِ كنتِ تكرهينني منذ صغري وكل ما فعلتِه كان بسبب كراهيتكِ وغيرتكِ مني»
أغمضت عينيها بألم وصدرها يزداد اختناقًا بينما واصلت لميس باتهام

«هل نسيتِ عندما دفعتِني لأسقط في حمام السباحة وكدت أموت؟»

صاحت بوجع

«كان حادثًا، كان مجرد حادث بحق الله، لم أتعمد إيذائكِ»

ضحكت بسخرية

شظايا ماسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن