تسارعت خطواته يسبقها قلبه إلى مكان لقائهما المعتاد، ابتسامته تكاد تشق شفتيه يقاوم ليتحكم فيها مذكرًا نفسه بمن حوله، لا يريد أن يثبت للجميع أنه صار أحمق. ابتسم مرغمًا، لا بأس، مرحبًا بالحماقة إن كانت ستجعله سعيدًا هكذا.
حان الوقت ليعترف لنفسه على الأقل أنّه واقع في الحب، مر أكثر من شهرين منذ تواعدا على اللقاء والتقيا بعدها أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يتورط أكثر بمشاعره. كان إعجابه بها يتزايد وأصبح يتشوق ليراها من جديد ويناقشا كتابًا جديدًا، وبلا وعي كان الحديث ينزلق عن الكتاب إلى الحديث عن نفسيهما.
أخبرها كل شيء عنه، عن أبيه الراحل الذي كان موظفًا بسيطًا لكنّه لم يجعلهم يشعرون بالحاجة لشيء، عن أمه الحبية، عن شقيقته الشقية التي تثير جنونه، وصديق عمره، أحلامه وطموحه وعمله الذي أنشأه معه بعد أن شعر أنه لن يكتفي بعمله عند الآخرين، ليتمكنا من إنشاء مكتبهما الهندسي والذي بصعوبة تمكنا من وضعه على بداية الطريق إلى سلم النجاح.
وهي كانت متحفظة بالبداية من الحديث عن شيء يخصها، لكنّه مع الوقت حصل على ثقتها وبدأت تفتح قلبهاله، أخبرته عن أسرتها، أبويها الراحلين، شقيقها الذي حفر في الصخر لأجلهم، أخبرته عن الحادث الذي فقدت فيه بصرها قبل سنوات وكيف نجت بمعجزة. تألم قلبه لأجلها وهو يتخيل ما عاشته وما تحملته لتبدو الآن بهذا الثبات وهي تتحدث، وتمنى لو عرفها قبل أن يحدث كل هذا، لم يكن ليتركها لحظة.
تنهد بحرارة وابتسم، لا بأس، سيكون معها من الآن فصاعدًا فقريبًا سيعترف لها بحبه وسيطلب لقاء شقيقها ليطلب يدها للزواج. حتى لو لم تكن قد أحبته بعد فسيجعلها تقع بحبه بعد الزواج، لن يتركها تضيع من يده.
توقفت أفكاره حين وقعت عيناه عليها وخفق قلبه انبهارًا مع طلتها الرقيقة بفستان أبيض زادها رقة وشعرها الأسود الطويل ينساب حرًا إلا من طوق أبيض.
هل تعرف كيف تذبح بطلتها هذه؟ اقترب منها ببطء وتمهل ليستوعب وجودها الخطر على قلبه المسكين ويشبع عينيه المشتاقتين لها، وككل مرة أدركت وجوده فأشرق وجهها وابتسمت أجمل ابتسامة رآها في حياته لتهمس برقة
«هاني، هذا أنت؟ أتيت أخيرًا»
أسرع يحتل مقعده وخانه قلبه ليقول دون مقدمات
«أوحشتِني»
انفرجت شفتاها بصدمة قبل أن يحمر خداها بفتنة فسعل بحرج وقال
«كيف حالكِ؟ هل تأخرت عليكِ كثيرًا؟»
هزت رأسها بخجل
«أنا من أتيت باكرًا»
وابتسمت بمرح محاولة التخلص من حرجها
«أردت الاستعداد جيدًا لمناقشتك الصعبة يا حضرة الناقد العظيم»
أنت تقرأ
شظايا ماس
Romanceليتني علمت حين التقينا أنني سأقع أسيركِ للأبد .. وقتها لم أعرف أن للماسِ سحراً مهلكاً كهذا الذي أوقعني بحبكِ دون أن أشعر .. ليتني عرفت .. لربما وليتُ الأدبارَ منذ البداية ولجعلتُ بيني وبينكِ بُعدَ المشرقين .. لم يخبرني أحدٌ أن جرحَ الماسِ لا يبرأ و...