الفصل الأول
ألقى نظرة في ساعة يده بتوتر قبل أن يرفع عينيه يديرهما في المكان من حوله ليتنهد بعدها وقدمه تضرب الأرض بوتيرة عكست توتره الداخلي. يعرف ما سيحدث بعد قليل، منذ اتصلت به لتطلب لقاءه وهو أدرك ما هو مقبلٌ عليه. زفر بقوة وأغمض عينيه، ما كان يجب أن يخاطر وهو يعرف جيدًا أين مكانه من قلبها. كان يعرف أنها قبلت بخطبتهما هربًا من شيءٍ ما وأنّها قبلت به مضطرة، لكنّه أمِل. تمنى لو استطاع جعلها تتخطى ذلك الحاجز وتعطي فرصة لمستقبلٍ يجمعهما. هل كان أنانيًا أم أحمق؟ لا يدري، لقد أُعجِب بها حقًا. أعجبته شخصيتها الهادئة المتحفظة وأخلاقها ورقتها، شعوره بالارتياح نحوها جعله يوافق على قرار الخطبة. لم يتوقع حين رضخ أخيرًا لرجاء والدته أن يتخلى عن عزوبيته ويسعد قلبها بزواجه، أن يُعجب بالفتاة التي أخذته لمقابلتها. أعجب بها وبأسرتها التي لم تجعله يشعر أنه غريب منذ اللحظة الأولى.
تنبه من شروده على صوت النادل يسأله ماذا يطلب فأخبره بابتسامة أخفت بؤسه أنه في انتظار أحدهم، فهز رأسه باحترام وغادر ليتركه فريسة لأفكاره من جديد. تذكر بأسى الفترة القصيرة التي جمعتهما، حاول جاهدًا انتزاع ذلك الذي وضع حاجزًا بينه وبين قلبها لكنه عبثًا كان يحاول. كانت بعيدة، متباعدة، ودائمًا حزينة رغم اعتقادها أنها كانت بارعة في إخفاء حزنها عنه. تنهد بحرقة وهو يسند ظهره للمقعد ويدير عينيه في المكان متوقعًا حضورها في أي لحظة. هل وقع بحبها أم أنه كان مجرد إعجابٍ لم تسمح هي له بتباعدها أن يتطور لأكثر من هذا؟ ربما، وربما هذا الألم الذي يطبق على صدره هو إحساسه بالفشل. لقد فشل، وبجدارة، فشل أمام مجهول. يقسم الآن أن خصمه رجلٌ وقعت هي بحبه ولم تستطع تجاوزه. رآه في عينيها وفي نظراتها نحوه كأنما تقارن بينهما، في كل مرة يلمح خيبة الأمل بعينيها كان يعرف أنه يقترب من هزيمته يومًا بعد يوم؛ لهذا يتألم. لأنه خسر أمام ذلك الشبح، لأنه في كل مرة كان يدرك أنه لم يرق لمستوى رجلها المجهول.
تحسس قلبه بألم يهمس لنفسه مواسيًا، لا بأس، من الجيد أنه كنت يستعد لهذا اليوم وجيد أنه قد أتى قبل أن يتورط بمشاعره. ابتسم بمرارة قبل أن تختفي ابتسامته مع رؤيتها تقترب باحثة بعينيها عنه قبل أن تراه فتتقدم بخطوات بطيئة قرأ فيها خوفها وترددها. ابتسم وهو ينهض لاستقبالها، كما توقع، ملامحها تفضح كل ما تنوي قوله. وقفت أمامه فابتسم مُرحِبًا وعيناه ترمقانها بأسى، يتأمل عينيها المتورمتين من البكاء ووجهها الشاحب وحركة يديها المتوترة، دعاها لتجلس قائلًا بهدوء ناقض عواصف قلبه
«تفضلي يا ورد»
جلست ومنحها الوقت لتهدأ بينما يشير للنادل ليقترب ويأخذ طلبهما المعتاد وانتظر انصرافه ليلتفت نحوها وابتسم سائلًا
أنت تقرأ
شظايا ماس
Roman d'amourليتني علمت حين التقينا أنني سأقع أسيركِ للأبد .. وقتها لم أعرف أن للماسِ سحراً مهلكاً كهذا الذي أوقعني بحبكِ دون أن أشعر .. ليتني عرفت .. لربما وليتُ الأدبارَ منذ البداية ولجعلتُ بيني وبينكِ بُعدَ المشرقين .. لم يخبرني أحدٌ أن جرحَ الماسِ لا يبرأ و...