الفصل الثالث عشر
مد وسام يده مصافحاً أحد عملائهم بعد توقيع عقد مشروعهم الجديد معه وتنهد وهو ينظر لصديقه الذي صافح الرجل باحترام دون أن تنشق شفتيه عن ابتسامة واحدة رغم كون ذلك المشروع خطوة كبيرة لشركتهما التي شقت طريقها بنجاح خلال العامين السابقين .. تحرك متبعاً صديقه وهو يودع العميل للخارج وهز رأسه بأسى وهو يفكر .. من المحزن أن يفكر أنّ النجاح الكبير الذي حققته شركتهم في الفترة الأخيرة كان بسبب ما حدث مع (هاني) والألم الذي جعله ينغمس في العمل بطريقة جنونية بعد أن تعافى بصعوبة من تلك الصدمة المؤلمة التي تعرض لها قبل عامين .. لم يعد يبتسم منذ رحلت الفتاة التي أحبها وتحول إلى آلة عمل لا ترتاح ... لا فائدة من التحدث معه فقد حاول الجميع دون جدوى .. هز رأسه يطرد أفكاره جانباً وهو يتقدم ليضرب على كتفه قائلاً بمرح مفتعل
_"مبارك لنا يا صديق .. نحن في طريقنا لنحقق إنجازاً جديداً"
حركة بسيطة لركن فمه بشبه ابتسامة كانت هي كل ما حصل عليه من (هاني) الذي قال بهدوء
_"إن شاء الله يكتمل المشروع على خير"
_"إن شاء الله .. أنا أكثر من متفائل يا صديقي .. والآن .. ما رأيك بالذهاب لمكانٍ ما لنحتفل بهذه المناسبة السعيدة؟"
التفت له بشبه ابتسامة باهتة وقال وهو يربت على كتفه
_"للأسف لن يمكنني الذهاب لأي مكان .. ربما في وقتٍ لاحق .. عليّ أن أُقِل (هنا) من مكتب المحاماة الذي تتدرب فيه"
أومأ برأسه ليربت (هاني) على كتفه مرة أخيرة وتحرك مغادراً وهو يقول
_"أراك غداً إن شاء الله يا (وسام) ... في أمان الله"
تنهد بأسى وهو يجيب
_"في أمان الله يا (هاني)"
وتابعه بعينيه بحزن وتابع هامساً
_"متى سينتهي حزنك يا صديقي؟"
استقل (هاني) سيارته وانطلق بها متابعاً الطريق أمامه بشرود وعيناه اللتان أصبح الحزن مقيماً داخلهما منذ رحلت هي .. لا يعرف كيف احتمل كل هذه الأيام والشهور .. وضع يده على صدره يضغط على قلبه بقوة .. شظايا حبها المؤلمة لا زالت تنزف داخله ولم يستطع أن ينزعها هي أو ذكرياتها من داخله .. لا زالت أحداث تلك الليلة تمزقه دون رحمة كلما تذكرها .. تلك اللحظة التي تهاوت فيها بين ذراعيه وتوقف قلبه تماماً لحظتها وهو يرى الموت يشدها منه .. زفر بحرقة والألم يزداد بصدره فأسرع يخفض سرعة سيارته ليتوقف بها إلى جانب الطريق ومال برأسه يسنده إلى مقود السيارة وهو يحاول التنفس بصعوبة .. ماذا يفعل بنفسه؟ .. على هذا المعدل سيمرض قلبه فعلياً .. هل هذه وصيتها له؟ .. ألم تخبره أن يتابع حياته كما كان يفعل قبل أن يعرفها؟ .. كيف يفعل؟ .. كيف يمحوها من ذاكرته كأنها لم تمر بها يوماً؟ .. كيف فكرت أنّه يمكنه أن يفعل؟ .. همس اسمها باشتياق وألم .. عامان مرا منذ ودعها .. عامان لا يعرف كيف مرا عليه حتى الآن ولا زال ينتظر رغم أنّه يعرف أنّها قد لا تعود أبداً .. لكن ماذا يفعل في قلبه المشتاق الذي يرفض أن ينساها .. يُغرق نفسه في العمل طيلة اليوم حتى لا يجد وقتاً مع أفكاره المعذبة وحتى يتمكن من العودة في نهاية اليوم ليلقي بنفسه على الفراش ويغرق في النوم لكنّها ترافقه إلى أحلامه .. هناك المكان الوحيد الذي يمكنه أن يراها فيه .. صوت طرقات على نافذة سيارته جعلته يرفع رأسه ويلتفت بعينين مرهقتين ينظر بتساؤل للوجه الذي أطل عليه وصاحبته تسأل بقلق
أنت تقرأ
شظايا ماس
Roman d'amourليتني علمت حين التقينا أنني سأقع أسيركِ للأبد .. وقتها لم أعرف أن للماسِ سحراً مهلكاً كهذا الذي أوقعني بحبكِ دون أن أشعر .. ليتني عرفت .. لربما وليتُ الأدبارَ منذ البداية ولجعلتُ بيني وبينكِ بُعدَ المشرقين .. لم يخبرني أحدٌ أن جرحَ الماسِ لا يبرأ و...