الخاتمة

4.1K 158 28
                                    

الخاتمة

أطرق (هاني) رأسه وتحرك بخطوات بطيئة وقلبٍ مثقل ليعود نحو مكتبه .. استدار ليدخل المبنى ليتوقف من جديد واهتز قلبه بقوة عندما سمع صوتاً رقيقاً يهمس اسمه .. سحب نفساً قوياً وهو يستدير ببطء نحو مصدر الصوت وعقله يتوسله ألا يفعل .. هذا ليس إلا سراباً آخراً ... قلبه المشتاق دفعه ليستدير إلى يمينه ورفع رأسه بخشية ليتنفس بقوة وتسارعت نبضاته وهو ينظر لوجهها وعينيها اللتين تعلقتا به باشتياق مماثل وحب لا يمكن أن يخطيء أحدهم رؤيته .. تسارعت أنفاسه وهو يسمعها تهمس اسمه من جديد ليهمس ذاهلا بصوت متهدج

_"(ماس)"

طغى تألق عينيها على أنوار أعمدة الشارع الكهربية التي بدأت تنير المكان مع حلول الظلام وابتسمت بخجل لينتفض قلبه مستيقظاً من ذهوله وهو يهتف فيها .. إنها هي .. ليست سراباً .. هي هنا حقاً .. أمام عينيه .. حرك قدميه بتردد ليتقدم نحوها بخطوات بطيئة مترددة كأنما لا زال يخشى أن تكون سراباً بالفعل .. كان المطر يسقط فوقه وبلله تماماً لكنه كان ذاهلاً عن كل شيء إلاها .. توقف أمامها أخيراً وتعلقت عيناه بعينيها اللتين ابتسمتا له بحب وشوق وجعلتا قلبه ينبض بعنف مجنون وهو يهمس بارتجاف

_"(ماس) .. هذه أنتِ حقاً؟ .. أنتِ هنا؟"

هزت رأسها ودمعت عيناها وصوت مختنق صدر من حلقها دون أن تستطيع الرد ليرفع كفًا مرتجفة نحو وجهها يخشى أن يلمسها فتتبخر .. لامست أصابعه وجهها البارد ليرتجف قلبه أكثر .. هي هنا حقاً .. لم تختف .. إنه يشعر بها .. يراها .. يشعر بأنفاسها تتردد .. يكاد يسمع صوت نبضاتها تسابق نبضه المتسارع .. همس بذهول وهو ينظر لعينيها اللتين أغمضتهما لتسيل دموعها

_"لقد عدتِ"

فتحت عينيها تنظر له من بين دموعها وهي تهمس بشوق

_"لقد عدت"

_"أنتِ هنا حقاً .. أنا لا أحلم"

هزت رأسها مبتسمة بحب

_"لا أنت لا تحلم .. أنا .."

انقطعت كلماتها بشهقة حين أحاطتها ذراعاه وضمها إليه بقوة لتسقط مظلتها أرضاً ويغرقها المطر معه واتسعت عيناها وهو يهتف باختناق

_"لقد عدتِ .. أنتِ هنا .. لا أصدق .. رباه كم اشتقت لكِ .. لقد عدتِ"

أحرقت الدموع عينيها وارتجفت بذهول بين ذراعيه دون أن تملك القدرة على أن تبعده عنها .. لقد اشتاقت له بالمثل .. لا تملك القوة على الابتعاد الآن .. عقلها هتف فيها أن هذا خطأ .. يجب أن تبتعد .. لكن قلبها لم يملك القوة لدفعه بعيداً .. كانت تريد أن ترفع يديها وتتشبث به أكثر لكنها قاومت نفسها وهي تهمس اسمه بصوت مختنق ودموعها تتساقط بحرقة ... كان غارقاً في مشاعره لا يصدق أنها عادت حقاً .. يسمعها ويشعر بها بين ذراعيه تبكي اشتياقاً مماثلاً لاشتياقه .. فتح عينيه فجأة منتبهاً لما فعله وابتعد ببطء ليحررها من بين ذراعيها وتطلع بارتباك امتزج بشوقه لوجهها الباكي المحمر بشدة وخفق قلبه بحنان وهو يهمس

شظايا ماسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن