وانا اتجه نحو قسمي... لمحته من بعيد ، كان متجها الى هناك ايضا... لم ارد الذهاب.. اردت ان استدير، اعود للبيت ، اعانق وسادتي وابكي مطولا... لكن لا ، لم افعل... و لن افعل ، هذا النقاش حتمي... فقد كان لي كالسرطان ، اعتدت على صحبته ومؤانسته لي لدرجة انني نسيت هدفه الأساسي وهو تدميري ، والعلاج الكيميائي ليس سوى وسيلة لاطالة المدة قبل موتي الحتمي وزيادة العذاب خلالها ، لكنني لن اخوض هذا العلاج... لن اهرب ، بل ساواجهه... اخذت نفسا عميقا ، عدلت وقفتي ، مسحت كل التعابير عن وجهي واتجهت الى القسم متجاوزة اياه دون النظر اليه حتى ! ... عندما دخلت بدأت باستجماع شتاتي، قبل ان يتبعني بتلك الابتسامة على وجهه كأن ما يحدث لا يعني له شيئا.. يتميز أصحاب الوجوه الضيقة بصوت رقيق ومنخفض ، وجههم لا يعبر عن عواطفهم.. اشك في وجود عاطفة ما تحت ذلك القناع الذي يستفزني .. كانت عيناي مركزتان على انفه ، ولازلت لا اعلم كيف استطعت منع نفسي من لكمه... بدء بالكلام والكلام والكلام ،وأكاد أقسم انني لم اسمع كلمة مما قاله، فقد كان في ذهني سؤال واحد ، انتظرته ليسكت كي اطرحه عليه.. "وما ذنبي انا ؟" اردفت بنبرة مرتعشة تغطيها طبقة من الثقة المزيفة... رد وكأنه يدينني "ذنبك هو كونك جميلة، ظريفة، ومرحة " بحق السماء كيف يفترض بهذا ان يكون ذنبا... وددت ان ارد " انت الوحيد الذي يراني كذلك صدقني" لكنني لم افعل "انت بارع في الكذب " هذا كان ردي !! ... حسنا ، ان كنت اعرف هذا الشخص جيدا فهو سيحاول قلب الامور لصالحه، سيستخدم سؤالي كورقته الرابحة.. وهاهو يردف "حسنا، و ما ذنبي انا ؟" .. من الجيد انني توقعت ذلك... رددت بجدية "ذنبك ؟ .. كأنك لا تعرف ! .... ذنبك هو انك لا ترسم حدودا بين اصدقائك وعاهراتك" لم يجدر بي قول ذلك، لكنني فعلت.. و ما كان رده.. "أتشبهين نفسك بتلك العاهرات" حسنا لم لا فأنت تعاملني الآن كما تعاملهن ! لم ارد عليه ، فقد كنت مشغولة باسكات العاصفة الثائرة داخلي.. استجمعت قواي وصرخت "حسنا ما الذي تريده ؟" لكنها خرجت من فمي بصوت منخفض ونبرة هادئة.. اجابني: "اريدك ان تكوني جزءا فعليا من حياتي أو ان تغادريها كليا" وقد التمست بعض التحدي في صوته... فرددت "ما الذي تقصده؟" رغم انني كنت اعرف قصده جيدا.. هو لن يفعل هذا بي، اليس كذلك ؟ ... اجتاحت ملايين الاسئلة عقلي في تلك اللحظة... شعرت بتيار بارد يجتاز جسمي ، وبالعبرات تتجمع في عيني... لكنني أخفيت تأثري ، اكاد اصبح بمهارته في التظاهر.... رد علي بابتسامة جانبية "اما ان تكوني خليلتي أو ودعي أمر صداقتنا" ... بدا متأكدا من اجابتي... لا ليس اليوم عزيزي.. "حسنا، لك ذلك... انتهت صداقتنا ، لكن تذكر جيدا أنك انت من أنهاها" قلتها وانا اتفحص وجهه ، لاحظت ارتسام الدهشة واختفاءها بسرعة، هل توقع ان اضحي من اجل صداقتنا _التي لم تعن له شيئاً- صداقتنا لا تستحق ان اصبح احدى عاهراتك للحفاظ عليها، اضافة الى انني ضحيت بما فيه الكفاية... اردف منخذلا "حسنا، اذا لن اجبرك على فعل شيء لا تريدينه" مهلا لحظة، ألم يفعل ذلك توا، ألم يجبرني على انهاء صداقتنا... و هم مغادرا لو لم اوقفه " علينا أن نضع قواعد" قلت بسرعة... استدار مستغربا، فأكملت "منذ اليوم لن احدثك ولن تحدثني.. سنحذف بعضنا من كل وسائل التواصل الاجتماعي، ماعدا الانستغرام ، لكننا لن نتحدث فيه.. اضافة الى اننا لن نجلس معا بعد اليوم " وافق بسرعة، ورحل بأسرع من ذلك... أهو مستعجل للتخلص مني لهذه الدرجة ؟ ... "دعني اعانقك، سيكون أول وآخر عناق لنا !!" صرخت ليستدير إلي لآخر مرة لكن كبريائي كانت كحاجز ردع تلك الصرخة، لتعود وتضربني من الداخل وتدفن تلك الأمنية تحت انقاض نفسي المهدمة....
انا أعرفه جيدا.. ويمكنني الجزم انه سيعود بعد ان يدرك الخطأ الجسيم الذي ارتكبه، لكنه لن يجدني حين عودته 💔
أنت تقرأ
كيف_انتهت_صداقتنا
Non-Fictionالكتاب عبارة عن مذكرات فتاة عن علاقتها بصديق مراهقتها اقتباسات من الكتاب : *علاقة غريبة ومميزة ، لم تكن حبا ولا صداقة لكنها تجاوزتهما الى علاقة أعمق من ذلك ، علاقة لا يمكن وصفها ، علاقة اجتذبت نظرات الاعجاب والحسد أينما حلت ... لقد كانت مميزة لحد ب...