حقا... ما التالي

257 15 3
                                    

الساعة الثانية بعد الزوال...  يا الهي أنا أفتقده وبشدة...  فجأة لاحت لي تلك الفكرة، لم لا أسأل صديقا ثالثا ليتوسط بيننا، ربما يمكنه حل ذلك الخلاف، لم لا ؟.. استدرت استرق النظر كالعادة،  تلك العادة السيئة التي ادمنتها منذ رحيله .. وهاهو صديق طفولتي يجلس بجانبه..  حسنا ليكن هو الصديق الثالث..  ناديته واخبرته ان ينتظرني بعد انتهاء الحصة لأنني أحتاجه في موضوع مهم نوعا ما ، وافق دون ان يحاول ان يفهم ما الموضوع ، يبدو ذلك تصرفا جد عفوي لكنه منحني الكثير من الثقة، فبالنهاية لازال لدي اصدقاء حقيقيون..
بعد مرور البعض من الوقت، سمعت بعض الوشوشة من الخلف، لكنني لم اهتم كالعادة...  شعرت بغصة تتجمع في حلقي وببعض الغثيان _نعم ذلك حدسي_ لكن هل استمعت له ؟ لا طبعا !! ...طلبت اذن الاستاذة، وخرجت لتنشق بعض الهواء...  عند عودتي عادة الغصة مجددا، لا بأس ، اظنها انذارا لاصابتي بالزكام قريبا..  عند رن الجرس ، شعرت بحماس عارم وبتدفق الاردينالين في عروقي، لم انتبه لنفسي الا وساقاي تقودانني اليه، استرسلت في الكلام مباشرة واستطعت لمح ملامحه العشوائية تتحول الى اخرى جدية ومتابعته لما اقول باهتمام كبير "يوجد شيء هام نوعا ما عليك معرفته ..." لم اكد اكمل اول جملة، حتى ظهرت من العدم..  في الواقع، كانت هنا طوال الوقت لكنني لم المحها بسبب حماسي الزائد، لكن ها أنا أفعل الآن.. شعرت بمغص خفيف في بطني، ليس بالأمر الجلل _لكنه كان حدسي مجددا_ "أخبرتك انني سأخبرها، الم أفعل"... رد عليها "تخبرينها ماذا ؟ .. لا يوجد شيء لتخبريها به.. كما اننا نناقش امرا شخصيا ، فلتعودي في وقت لاحق" بنبرة مازحة تخفي تحتها توترا لم ألحظه..  لست بتلك الغباوة لألا ألمحه، لكن ثقتي وحبي الكبيران لصديق طفولتي حجبته عني...
  ميمي كانت تلك الفتاة الواثقة التي تقول ما تظن ان عليها قوله، وتفعل ما تجده الصواب لفعله، غير مبالية بما يظنه الآخرون ... ردت عليه كأنها تتحداه "انا لن ارحل من هنا قبل ان اكلمها".... وهنا تدخلت محاولة تلطيف الاجواء بالابتسامة البريئة على وجهي "هيا ميمي لنتكلم خارجا ...خد اقرأ هذه الورقة ريث عودتي" قلت بلطافة، لتجرني وراءها الى الخارج وهي ترمقه بنظرات غريبة..  اردفت بقلة صبر "ارجو ان يكون الامر جديا !  " ... "اووه، صدقيني انه كذلك...  الم تسمعي ذلك التشويش في القسم عندما كنت تناقشين الاستاذة.." ردت علي بمزيج من الجدية واللطف..  كان ذلك اغرب مزيج مر على مسامعي... رددت وأنا لا ازال افكر في مدى جدية الأمر "لا لم انتبه، فكما قلت كنت مشغولة بمناقشة ذلك الموضوع الذي نسيت ماهو أصلا " .. قالت وكأنها تبذل جهدا كبيرا لتدفع تلك الكلمات خارجا "في الواقع سأخبرك بما كانوا يتحدثون عنه...  ...... .. " كانت تلك الجمل كفيلة بمسح الابتسامة من على وجهي، و كل الافكار والصور الايجابية من عقلي، ليتوقف بعدها تدفق الاردينالين، يليه تخامل حركتي، وانشلال حواسي..  مما ترك لها المجال لتسيطر علي... من هي ؟... ستعرفون في الوقت المناسب... 
ركضت عائدة الى الداخل... انتشلت تلك الورقة من بين يديه، وغادرت مسرعة وشرارات الغضب تتطاير من عيني...  كان هذا ما يبدو علي، لكن الامر كان اكبر من ذلك بكثير !!  .. لقد كنت اصارعها، وبعد دقيقتين استعدت السيطرة، نظرت حولي ما الذي فعلته، تلك الورقة الممزقة بين اصابعي ، النظرات الغريبة الموجهة الي، ترجي اصدقائي لي بأن أهدء ..  اظنني صفعته ؟ .. او ربما لم افعل..  لم كان عليه فعل ذلك ، خصوصا هو، يعلم مدى حساسيتي من الأمر..  هاهو قادم نحوي .. يا الهي ما هذه المهزلة..  "لا تغضبي بدون سبب، دعيني اشرح لك" قال وصبره ينفذ...  حسنا لا أظنني صفعته، لانني لو فعلت لكان يصرخ علي الآن.. "حسنا فلتشرح" قلتها وانا اعلم انه لن يستطيع ان يشرح، لا يمكنه ذلك فحسب...  لم يقل شيئا..كما توقعت تماما..  استدرت وأنا أمنع دموعي من النزول، لم علي أن ابكي كل مرة، ألم اعتد الخيبات بعد ؟ .. صرخت "لا تكلمني بعد اليوم" وابتعدت.. 
لكم تمنيت ان يلحق بي ويخبرني انه لم يفعل ذلك، ان الأمر برمته كان مجرد مزحة غبية...  وانه لا يمكن ان يفسد صداقة دامت أحد عشرة سنة بطريقة مماثلة ..
  لكنه لم يلحق بي!  لأنه فعل ذلك

كيف_انتهت_صداقتناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن