رن هاتفي معلنا وصول رسالة جديدة ... حملته بدون أن أفكر في شخص المرسل ولا ماهية الرسالة .. فالرسائل النصية تصلني طوال الوقت من قبل الكثيرين .. لكن ليس منه .. حملقت في شاشة الهاتف وأنا ألمحه ، ذلك الاسم الذي كان سبب الكثير من ليالي الأرق التي مرت بي ... عضضت شفتي مانعة اياها من الارتعاش وأنا أفتح تلك الرسالة ...
كان لها عليَّ نفس أثر جرعة مخدرات على مدمن أمضى ستة أشهر من دونها ... أعرف أن ذلك سيء لكن لا يمكنني منع نفسي من الابتسام ...
" أرجوك توقفي... لما الكذب ؟ أنا و انت مختلفان ؟؟
لا، لا اضن ذلك . .
اش يا حمقاء اش من كان يتحكم بي... لا أعرف إن كان أقوى من آبي أو أضعف منها ... لكنني أعرف أنه أقوى مني ... فأنا لم أستطع التحكم في آش بينما إستطعتِ التحكم في آبي "
اكفهرت قسمات وجهي ولم يعد لتلك الابتسامة أثر ..
تبا لك ولاستنتاجاتك الغبية ... أتظن آش ذاك أقوى منك ، هل أعطيته اسما وشكلا والآن تود اعطاءه قوى تحكمٍ أقوى من خاصتك ؟؟
دعني أخبرك شيئا .... آبي ليست سيئة .. و آش ليس سيئا أيضا ... أنا سيئة وأنت كذلك .. نخبئ حقيقتنا خلف شخصيات وهمية ونكن لها من الحقد ما نكنه لأنفسنا .. في محاولات بائسة لإقناع العالم بأننا أشخاص مثاليون ... أخفي أفعالي السيئة وتخفي ضعفك ...
"أتدرين أن مقدار السعادة الذي عشناه و نحن معا لا يحصى . . وأن الم فراقنا بلغ أضعاف تلك السعادة ...
أنا لا أزال أتألم انا ماذا عنك ! ؟ ."
أرحت رأسي إلى الوراء ليستقر على وسادتي ، غاصت عيناي في سقف الغرفة بينما غاب ذهني لمدة ليست بالقصيرة ... سأكذب إن قلتُ أنني أعرف كيف غاب وأين ذهب ... انتفضت بعدها قبل أن تسيطر علي تلك الهواجس كاملة ..
"لا أزال أتألم أيضا ... "
كتبت بمزيج من الحنين وبعض مشاعر الحب والكره المتضاربة في محاولة بائسة مني للرد على رسالتك ... ثم عدت ومحوتها عند إدراكي لجسامة الخطأ الذي كنت على وشك ارتكابه، عادت إلى ذهني كل المشاهد الحزينة التي مرت بي ، وتمثلت أمامي كل النتائج السلبية لقراراتي السابقة .... كأن كل ذلك الألم غلف اللحظات السعيدة و الجوانب المشرقة من علاقتنا بغشاوة تحول بيني وبين تذكرها ... لكنني تذكرت إحدى اعترافاتك بدلا عن ذلك !
" لقبتني بالمريض العقلي و انا كنت مريضا بها . .
انا و صاحبة القصة تجاوزنا مرحلة الصداقة و الحب بأشواط .. تشكلت بيننا رابطة تعجز الكلمات عن وصفها... انا الذي تخليت عن مشاعري لأصبح أقوى، أضعُف و لا أستطيع التحكم بشيء عندما أكون معها ... كيف لا ؟ و قد كانت مركز كوني ...
حتى إذا وصفها العالم كله بأسوء الصفات كانت ملاكا في عيني ...
لكنني أحببت نعتها بالحمقاء . . ."
كان الأمر مزعجا حد اللعنة ... كيف أنني أتعب لبناء ذلك الجدار حولي وأخص قلبي بالحماية مانعة أيا كان من الاقتراب .. وكيف أنك أنت، برسائلك أو بحضورك الطاغي في تحية ترسلها الي عبر شخص ما ، تهدم كل ما تعبت من أجله .. لتعود وتحتل تلك المساحة مجددا ...
لكن لم يبد لك الأمر كاِحتلال .. بل كحق لك تريد استرجاعه !! . .
واصلت القراءة ..
"سائت الأحوال يا عزيزتي . . .
لم أرد أن تكون الأمور هكذا ... لكنني اعرف أن لا أحدا يريد الاعتراف بأنه مخطئ . .
حمقاااء أتدرين اني احببتك و لا أزال أحبك ..
أنت تسكنين عقلي .. أنا أحاول نسيانك ..
و أنجح في ذلك فعلا لثواني معدودات ..
حتى تعودي مبتسمة و تسأليني عن حالي
_مقطع من ذكرياتنا_
آخر يوم ، لم يفترض بي القدوم لكنني كنت هناك ، ومن أجلك . . أردت توديعك بصدق .. لم أستطع ..
هناك أدركت أن نفس أقطاب المغناطيس لا تتلاقى . .
و أدركت أيضا اني فقدتك... جل ما أردته هو سماعك تتلفظين إسمي . . لكنك لم تفعلي ... "
"لكنك لم تفعل أيضا ..." أردفت بخذلان...
لم يكن الأمر بسهل علي أيضا ... فنظرات الناس كانت تقتلني أيضا . . تلك الهمسات كانت تخدش كبريائي . . و الأسئلة الغريبة تضغط على موضع الجرح القديم. .
لم أعتد على ذلك و لن اعتاد . . لكنني تحملت ذلك ، تشارُكُنا لنفس المعاناة أزال بعض الثقل من على كاهلي وجبر خاطري بما يكفيني للاستمرار .. يكفينا للاستمرار ..
.
." آنساتي.. أتردن الوصفة لاحبائكم ؟
كثير من الحب و طفولة مستعصية . .
مشاكل في المنزل والكثير من الجروح المعنوية . .
و لنتيجة كاملة . . يجب أن يكون انا . .
أنصحكم بعدم تجربتها . . . عشت دوامة من الألم بشتى أنواعه و لا أريد لأحد عيش ألم مماثل "ختمت بها رسالتك .. متناسيا شيئا ... شيئا مهما ..
لم جعلتني أعيش ذلك الألم أيضا بالرغم من أنك لا تريده لأي أحد آخر ؟!
أنت تقرأ
كيف_انتهت_صداقتنا
Non-Fictionالكتاب عبارة عن مذكرات فتاة عن علاقتها بصديق مراهقتها اقتباسات من الكتاب : *علاقة غريبة ومميزة ، لم تكن حبا ولا صداقة لكنها تجاوزتهما الى علاقة أعمق من ذلك ، علاقة لا يمكن وصفها ، علاقة اجتذبت نظرات الاعجاب والحسد أينما حلت ... لقد كانت مميزة لحد ب...