البنت وامها
طوت مادلين آخر رسالة ووضعتها في الظرف وأغلقته سعيدة شاكرة ، وتنفست الصعداء ، ثم وضعت الغطاء البلاستيك على آلتها الكاتبة ، واغلقت درجها بالمفتاح ، ودست المفاتيح في حقيبتها ، وبينما كانت تسير الى الباب إلتقطت سترتها المصنوعة من الجلد وإرتدتها وهي تمر ببصرها في أرجاء الغرفة لتوقن من أن كل شيء مرتب في عطلة نهاية الأسبوع ، وعندما إرتاحت الى ذلك فتحت الباب وخرجت.
كانت الممرات الطويلة ، التي كسيت أرضيتها بالمطاط ، تمتد أمامها ، وتحيط بها على الجانبين فصول دراسية ومزيد من الممرات ، وكانت تبدو الآن بغير الحشود المثرثرة من الأولاد ، عارية مقفرة لا حياة فيها ،وفجاة ظهر جورج جاكسون ، بوّاب المدرسة ، من احد الركان الكثيرة وإتخذ طريقه اليها ، فإبتسمت مادلين حين رأته يقترب ، إذ كانت ولوعة بالحارس المسن ، الذي كان يرعى الأمور بكفاءة عالية.
تساءل وهو يقترب منها:
" الم تذهبي بعد يا سيدة سكوت ؟ تعلمين ان الساعة تجاوزت الخامسة".
اومأت مادلين برأسها وقالت:
" انا ذاهبة الان يا جورج ، تركت الرسائل القليلة الأخيرة على مكتبي كالعادة ".
قال جورج ، وهويبحث في جيوبه عن غليونه:
" حسنا ، ساتولى امرها ، إذهبي الان يا عزيزتي ، فإن إبننتك ستتساءل اين انت".
قالت مادلين ، وهي تبتسم مرة أخرى:
" قد تكون على صواب ، أراك يوم الإثنين".
ومضت عبر الممر ، وكعب حذائها لا يكاد يحدث صوتا ، ومع أن المدرسة كانت خالية ، كان فيها ما يجذبها اليها ، وكانت تستمتع بالعمل هناك كسكرتيرة للناظر – أدريان سنكلير ، كانت سكرتيرته لأكثر من خمس سنوات الان ، منذ جاءا الى أوترييري.
وكان مدخل هيئة التدريس يفضي الى مكان وقوف السيارات ، التابع للمدرسة ، ومادلين ، التي تمتلك دراجة بخارية سكوتر مشت بسرعة الى حيث كانت اوقفتها ، وكانت الدراجة البخارية هي الآلة الوحيدة المتروكة في المكان ، وبينما كانت تدفع بقدمها آلة التشغيل ، إرتعدت ، كان الوقت في اواخر مارس – آذار ومع ذلك كان الهواء لا يزال باردا برودة الثلج في الصباح والمساء ، ولم يكن ركوب الدراجة البخارية يبعث على البهجة كاشهر الصيف الدافئة.مضت راكبة الى باب الخروج وتباطات وهي تصل الى الطريق الرئيسي ، كان المرور يتدفق بجوارها ، وكان معظم المارين من العمال الذين غادروا مصنع السيارات القريب ، ومع أن أوترييري كانت بلدة صغيرة ، إلا ان المصنع الجديد الكبير الذي قام على مشارفها زاد من حجم التعداد الى حد كبير وكانت هناك بيوت تبنى تدريجيا ليقيم فيها الرجال الذين كانوا في الوقت الحاضر يرتحلون الى عملهم من اماكن بعيدة.
وعندما توقفت حركة المرور قليلا دخلت مادلين مجراها الرئيسي ، وغيّرت سرعتها وكانت تستمتع بشعور الحرية الذي تتيحه لها الدراجة البخارية ، اما المركبات المنذرة بالخطر ، التي كانت تندفع حشودها بجوارها فلم تكن لتضايقها كثيرا ، لم تشعر بانها عصبية ، ولم تكن كذلك أبدا وهي تقود وكان ركوب الدراجة البخارية لا يستغرق منها سوى جهد ضئيل.
وفجأة مرت بجوارها مسرعة سيارة حمراء ضخمة ، وبدا جسمها الثعباني المنساب دليلا اكيدا على سرعتها غير المحدودة ، وعبست مادلين والتيار الناجم عن مرور السيارة يكتنفها كموجة طويلة من امواج المحيط ولم تكد تستقيم حتى إضطرت الى تشغيل فراملها بكل ما تملك من جهد في الوقت الذي بدا فيه ذيل السيارة يندفع بعنف سريع نحوها ، كان السائق قد توقف بغتة بسيارته ، وكان مصباحاها المزدوجان يشعان كمنارة ويضيئان الطريق حتى في وضح النهار.
أنت تقرأ
الماضي لا يعود
Romanceالماضي لا يعود - آن ميثر - روايات عبير القديمة الملخص أخطأت مادلين مرة في شبابها , إلا أنها هرعت تحتضن الثمرة بكل ما أوتيت من حب وحنان وتضحية . وعملت جهدها كي تنشأ ابنتها ديانا في جو عائلي لا تشوبه شائبة . فتزوجت رجلاً لم يكن بحاجة الى زوجة بقدر حاج...