6 - غولف العواطف الحارة !

810 28 0
                                    

غولف العواطف الحارّة !

لم يصب عشاء السبت قدرا من النجاح ، وبذل أدريان كل جهده ولكن مادلين كانت تعلم انه غير سعيد ، وجاء هارفي كامنغز ودعاهما الى نزل قريب للرقص قائلا أن معه ماري لي وبول لوكاس ، وعرض عليها ادريان الذي لم يكن يميل الى الرقص ، ان تذهب ، ولكنها إعتذرت ، وإنصرف هارفي ، وقال لها ادريان انه كان في وسعها الذهاب مرافقة كامنغز ، فردت عليه بانها تعلم أنه يحاول ان يجعلها تهتم بهارفي ، وتساءلت :
" هل تعتقد ان رجلا ما يمكن ان يشبه آخر ؟ إنني أذكرك ان الأمر ليس كذلك".
بدا الشعور بالذنب على وجه أدريان وأدركت مادلين انها أصابت الهدف ، وهنا راى ادريان الخاتم الزمردي ، فإتسعت عيناه وقال مدهوشا:
" من اين لك هذا ؟ وأين خاتم زواجك؟".
" أعطاه نيكولاس لي.... أليس جميلا؟".
" جميل جدا ، ولا يقدر بثمن ، إنه أجمل شيء وقعت عليه عيناي".
شعرت مادلين بقلبها يخفق بشدة ، لم يكن نيكولاس قد ذكر انه على هذا القدر من القيمة ، وغمغم ادريان:
" ربما كنت مخطئا ، وإذا كان فيتال أعطاك هذا الخاتم ،فلا أظن انه ينوي شيئا مخادعا ، كان في وسعه ان يعطيك خاتما يرضيك الى حد الإعجاب ، بدون ان يكون غالي القيمة ، ولعل السيد فيتال ليس بالسوء الذي إشتهر به !".
غمغمت مادلين مبتسمة:
" إنني متأكدة من ذلك".
ومرّ الأسبوع التالي ببطء ، وتخللته مكالمات نيكولاس الهاتفية ، وتحسنت علاقة مادلين بديانا ، ولكن مادلين كانت تعلم انه امر مؤقت ، ويبدو ان تقدير نيكولاس بالتغيّب اياما قليلة قد طال ، ورغم انه كان يتصل بها بدا متحفظا ، وبعد اسبوع ، وفي صباح الحد كانت مادلين تتناول طعام الإفطار عندما دق جرس الباب.
ظنت مادلين لأول وهلة أنها قد تجد نيكولاس على العتبة ، ولكنها وجدت ماريا .. دعتها الى الدخول يخالج قلبها شيء من الخوف ، لماذا جاءت ماريا هذه الساعة من الصباح ، وهي ليست وقت زيارة؟
دخلت ماريا وأبدت إعجابها بالغرفة ، ثم تطلعت الى مادلين قائلة إن نيكولاس طلب منها الحضور.
" هل عاد الى أنكلترا؟".
" كلا ، إتصل هاتفيا في وقت متأخر ليلة أمس".
حاولت مادلين ألا تبدو مفرطة اللهفة ، وأخبرتها ماريا بأنه كان يتوقع العودة في منتصف الأسبوع ، وأنه يخشى ان تكون مادلين فهمت الأمر خطأ ... وشعرت مادلين بالإرتياح يغمرها ، وقالت ماريا:
" إنه يريد محادثتك اليوم ، ولا أعتقد أنه يحبذ فكرة الإتصال بك دائما وانت في امدرسة".
ثم سالتها فجأة :
" إنك مغرمة بوالدي .... أليس كذلك؟".
فأومأت مادلين برأسها ، وقالت:
" هل تمانعين؟".
" لا ، ليس كذلك في الحقيقة وإن كنت اعترف بان هذه أول مرة يكون فيها مسؤولا امام إمرأة عن تصرفاته".
" إنك تاخذين الأمر بهدوء".
فقالت في حياء:
" فيما يتعلق بنيكولاس ؟ أظن ذلك ولم أعش معه طوال هذه السنوات بدون أن أعرفه جيدا ، إنه شخص رائع ، الجميع يحبونه ، إنه سلس الحركة ومسل ، وأرادت كثير من النساء أن يتزوجنه ، غنيات وفقيرات على السواء".
منتديات ليلاس
كانت ماريا تشبه ديانا في عزلتها ، ولكن بينما إختارت ديانا تحطيم سعادة والدتها ، أرادت ماريا أن تساعد والدها ، حتى ولو كان ذلك على حسابها.
حملت مادلين فنجان قهوتها الفارغ الى المطبخ ، وتمددت ماريا على الأريكة في كسل... ووجدت مادلين انها تحب ماريا كثيرا ... وكان يقلقها أن ماريا قد لا تحبها ، ولكنها شعرت الان بصفاء ، أما ماريا فلم تعرف أمرأة عن كثب سوى جدتها ، وكانت تتوق الى شخص تبثه آمالها ومخاوفها ، وعرفت أن مادلين يمكن ان تكون هذه المرأة ، فهي متفهمة قادرة على الإنصات.
وفجأة ، فتح باب آخر ودخلت ديانا ببيجامتها تجعد شعرها الأسود ، وتوقفت لدى رؤية ماريا ، وألقت اليها بنظرة حذرة ، فإبتسمت ماريا ، وألقت اليها بنظرة حذرة ، فإبتسمت ماريا ، كانت دائما ودودة إزاء الناس مهما كانوا وقحين ، ورأت أن ديانا طفلة مدللة مزعجة ، فبادرتها بالتحية ، ولكن ديانا لم تبتسم بل سالتها إن كان والدها موجودا ، فهزت رأسها نفيا ، وقالت إنها جاءت وحدها.
" حسنا".
قالت ديانا ذلك وتناولت مشطها ، وبدأت تمشط شعرها الذي كان يبدو عنيدا مستعصيا ، وقررت ماريا أن تتجاهل وقاحتها ، وجاءت مادلين على الأصوات ، وسالتها إن كانت ستخرج ، فقالت إنها ستذهب الى المدرسة مع جيف ، ليشرف على صغار التلاميذ وهم يلعبون الكريكت ، وسألتها ماريا إن كان جيف هو صديقها فردت قائلة ببرود ، وبنظرة إحتقار:
" بالطبع ... لا أريد الإفطار يا أماه ، ساستعد للنزول ".
تطلعت مادلين بقلق الى ماريا ، وديانا تضع فنجانها وتمشي بعزم وإعتداد الى غرفة النوم ، من المحقق ألا تكون بينهما اية صداقة ، نظرا لعناد ديانا ، قالت في إرتباك:
" انا آسفة ، ولكن ديانا لن تقبل الأمر المحتوم فيما يبدو ".
بسطت ماريا يديها وغمغمت ، وهي ترقب مادلين بتفرس:
" لكنها ستضطر ، إنك تدركين ان أبي جاد في ذلك؟".
شعرت مادلين بوجنتيها تلتهبان ، وتساءلت بصوت قلق:
" كيف تقولين شيئا كهذا ؟".
" انا أعرفه ، ثم إنك أول مرة قدّمني اليها بهذه الطريقة !".
شعرت مادلين بمخاوفها تتلاشى ، كانت كلمات ماريا كالبسلم ، وما لبثت ديانا ان ظهرت ترتدي بنطلونا فضفاضا وسترة مادلين ذات الفراء ، ونظرت بإزدراء الى المراتين الأخريين وقالت:
" إنها العاشرة والنصف ، وسيأتي جيف قريبا في سيارة والده".
وما لبث الجرس أن رن ، فقفزت ديانا الى الباب ، وجاءت بجيف وهي تتوقع ان تجعل ماريا تغار منها على ان لها صديقا وسيما ، ولكن الأمر لم يحدث على هذا النحو ، فعندما رأى ماريا حدّقفيها بدهشة ، وأدركت ديانا أنها إرتكبت خطأ ، ولكنها إضطرت الى تقديم كل منهما للآخر ، فإتسعت عينا جيف وهو يدرك الإسم ، وحيّته ماريا بيسر وطلاقة ... وبدت له - في ردائها الأحمر الأنيق – مختلفة عن الفتيات اللواتي يعرفهن ، ولمعت عينا ديانا بغضب وهما يواصلان تبادل النظر ، أما ماريا فكانت مسرورة ، إذ تعلمت من وقت مبكر كيف تعامل الأولاد ، وعندما خرجا تساءلت مادلين عما ستقوله ديانا لجيف عندما ينفردان ، فقد كانت غاضبة وهي خارجة ، قالت ماريا متفهمة:
" لا تقلقي ، ستعود الى طبيعتها ، ولعلها تعتقد أنه رائع لأنه وسيم ، أما أنا فأظن أنه ذئب ، ولن يؤذيني في شيء ولكنني لست متأكدة من ذلك بالنسبة الى ديانا".
وأخبرتها ماريا أن هارفي هو الذي جاء بها ، وأنه سيحضر لإصطحابها ، وقالت لها إنه رآها ، فاخبرتها مادلين بأنها كانت في صحبة أدريان ، وأن نيكولاس لم يعترض على ذلك ... وحدثتها ماريا عن جدتها وإسمها كريستينا وقالت إنها لا تزال في أواخر الخمسينات ، وأنها كانت في الثامنة عشرة عندما ولدت نيكولاس ، وأن جدها وقع في غرامها من أول نظرة ، وهذا أمر لا يحدث إلا في الكتب على ما يقولون ، ولكنها – أي ماريا – لا تعتقد ذلك ، بل إن المرء ليدرك احيانا ان ثمة شخص آخر يناسبه على الفور ، فآمنت مادلين على قولها إذ كانت قد إنجذبت الى نيكولاس من البداية.
واخبرتها ماريا أنهما سيذهان الى إيطاليا في عيد الفصح ، حيث بيت جدتها في فيلينتيا على ساحل البحر المتوسط ، على مسافة 50 ميلا جنوب روما ، ويعد البيت تحفة رائعة من الجمال – مزود بشرفات تزينها احواض من الزهور – وفي ساحته نافورات جميلة، كما أن لديهما يختا مسمى بإسمها ماريا كريستينا يقف الان في خليج نابولي، وأن والدها سياتي به الى فيلينتيا ، وبدا القلق على وجه مادلين وقالت:
" إنه لأمر مخيف هناك هوّة ضخمة تفصل بيننا ، وإنني لمدهوشة لأن والدك نظر حتى ناحيتي".
" نيكولاس سئم نساء المجتمعات اللواتي يتدلهن في حب الرجال الأغنياء من ذوي الوسامة ، إنهن يعتقدن أن المظاهر هي كل شيء وينفقن الأموال يوميا على العناية بوجوههن وأجسامهن ، ولكنك لست مثلهن، إنك تبدين طبيعية ومتواضعة ، ولا تحتاجين الى كورسيهات غالية لتهب لك جسما رشيقا، أو كتل من مواد التجميل لتنقية بشرتك ، الرجل يريد المرأة التي تبدو في الصباح ، عندما تنهض من الفراش ، في نضرتها نفسها كما كانت وهي تتناول العشاء ، الليلة السابقة".
ودقّ جرس الباب ، وجاء هارفي قائلا وهو يبتسم:
" أهلا ... كيف حال الأرملة الرائعة ؟ تخلصت مني في الأسبوع الفائت تخلصا حسنا ، كنت هناك ، ونيكولاس لم يكد يخرج من البلاد ، تتناولين العشاء مع ذلك البغيض سنكلير!".
قالت مادلين في إستياء:
" أدريان ليس بغيضا ، ونيكولاس يعرف كل شيء عنه ، وإن كنت لا أعرف لماذا أشرح لك تصرفاتي".
ودعاها هارفي الى أن تأتي معهما لتناول الغداء ، لا سيما وان نيكولاس يتحدث هاتفيا في الثانية والنصف ، وأمنت ماريا على ذلك ، ولكن مادلين إعتذرت بسبب ديانا ، وإن كانت قبلت الحضور بعد الغداء.... وما أن خرجا حتى اسندت مادلين ظهرها الى الباب في ضعف متسائلة عما يريد أن يتدث اليها نيكولاس بشأنه ، وإنتابها القلق ... وجاءت ديانا الى البيت في حالة سيئة ، فقد قضى جيف فترة الصباح كلها يسالها عن ماريا ، ولو كانت ماريا صديقة لربما ضحكت ديانا من هذا كله ، ولكنها كانت تنتمي الى العدو لذلك فهي محرمة!
وتناولت غداءها في صمت ، ولم تعترض عندما اخبرتها مادلين انها ستذهب الى فندق ستاج بعد الظهر لتلقي مكالمة من نيكولاس ... وفي الفندق ، الذي كان لا يزال غاصا برواد الغداء ، نظر اليها موظف الإستقبال بإستغراب ، ولكنه رد عليها بأدب عندما سمعها تطلب ماريا فيتال ، وكانت ماريا هي التي فتحت لها باب جناحها وأدخلتها ، وقدمتها الى مرافقتها الآنسة سايكس ، التي سالتها عن نفسها ثم أخبرتها بأنها كانت سكرتيرة في وقت ما للكاتب جون بروكس.
وجاءها هارفي بشخصيته المرحة ، وتناولوا القهوة جميعا ، وأخيرا جاءت الكالمة ومادلين في ذروة توترها ، فاشارت عليها ماريا بأن تتلقاها في غرفة أخرى ، ففرحت لذلك ، وجاءها صوت نيكولاس يرن في أذنيها كالموسيقى ، وأخبرها أنه يفتقدها ، ولكنه لا يستطيع الحضور قبل يوم السبت ، وإن كان يود الحضور فورا وذلك لإضطراره لأستقبال بعض العملاء ، وقال لها إنه سيلعب الغولف لينفس عن بعض عواطفه الملتهبة ، مع زوج شقيقته وليس مع أي إمراة أخرى ، وطلب منها ان تتظره في مطار لندن عندما يحضر في نحو السابعة مساء فوافقت وهي سعيدة ، وسالت الدموع ساخنة من عينيها وهو يودعها ، ولكنها جففتها بسرعة ، وودت لوتنصرف بدون أن ترى أحدا لتعيش من جديد كل كلمة قالها لها.

الماضي لا يعودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن