8 - وجه كاللغز

780 24 0
                                    

وجه كاللغز

لم تستطع مادلين أن تخبر ديانا بشأن نيكولاس في تلك الليلة ، وكانت قد وجدتها في الفراش عندما وصلت ، نائمة على ما يبدو ، وقضت مادلين نفسها ليلة بيضاء ، وصحت في اليوم التالي كأنها لم تنم على الإطلاق ،وجدت ديانا منتصبة في الفراش ترتشف بعض محلول الاسبرين فيما يبدو ، وكانت تبدو مختلفة الوجه ، فسألتها عما بها فأخبرتها بأنها مريضة ، وإنها تعتقد انها اصيبت ببرد ، فاعدت لها زجاجة ماء ساخن وبعض الطعام ، وقررت أن تخبر نيكولاس بامرها حتى إذا جاء ، لم يقل شيئا يغضبها ، فتذرعت بأنها ستقابل وكيل المالك وخرجت حيث إتصلت بفندق ستاج هاتفيا ، وكانت العاشرة والنصف صباحا ، ولكن بدا من صوت نيكولاس انه لا يزال في الفراش ، قالت انها لا تستطيع ان تخبر ديانا بأمرهما اليوم ، فوافق على ذلك ولكنه طلب أن يحضر ، حتى تعتاد ديانا رؤيته ، وإتفقا على أن يكون ذلك في الثانية بعد الظهر ، وشعرت بانها تواقة الى رؤيته ولكنها كانت قلقة بشأن سلوكه إزاء ديانا ، ووجدتها مضطربة في حالة حزن فمسحت وجهها بإسفنجة مبللة بماء بارد ، وطلبت منها ديانا بعض عصير الليمون فاعدته لها ، ونامت بعد ذلك ، فتناولت مادلين وجبة خفيفة بدل الغداء ، وهي ترقب الساعة بإستمرار ، لم يكن قد بقي على عيد الفصح إلا اربعة ايام وكان من المقرر أن يطير آل فيتال الى ايطاليا يوم الخميس على الأكثر ، وكان من المقرر أن يحدث الكثير حتى ذلك الحين
.منتديات ليلاس
وجاء نيكولاس بعد الثانية بقليل ، وشعرت في حضوره بإضطراب كأنها قطة صغيرة ، فتساءل عما بها وعانقها وهنا إرتفع صوت ديانا يناديها ، وبينما كانت تسقيها بعض عصير الليمون ، د خل نيكولاس ، فإتسعت عينا ديانا غير مصدقة وكادت تشهق بالشراب ، وبدت كارهة لرؤيته ... وأشار نيكولاس بضرورة الإتصال بالطبيب ، وخرج للإتصال به رغم معارضة ديانا ، وبناء على تعليمات مادلين ، فنظرت ديانا الى امها بغضب وقالت:
" تركته يفعل ذلك عن عمد ، كلاكما شخصان بغيضان !".
فشهقت مادلين قائلة:
" ولكن لماذا؟ لا نريد أكثر من أن تتحسن حالتك في أقرب وقت".
" لماذا؟ حتى تشعرا بحريتكما في الخروج متى شئتما؟".
" لم يكن لهذا داع يا ديانا".
" حقا ؟ حسنا ، فليحضر الطبيب إذا ، وسترين إن كان هذا يهمني !".
وكان الدكتور فولدز رجلا مسنا ، ولكنه جاء على الفور ، وبعدما فحص ديانا عاد الى غرفة الجلوس ، وقال إنه لم يجد شيئا أكثر من إحتقان في الأنف بسبب برد خفيف في الراس ، وأنها تتمارض ، ويجب ان تذهب الى المدرسة.
اخذ نيكولاس يتحرك متململا بعد ذهاب الطبيب ، وقال:
" يا ألهي ، لا بد أنها تعتقد أننا مغفلان تماما ! حسنا لن تستطيع أن تفلت بما فعلت ...".
تطلعت اليه مادلين متسائلة:
" وما هذا؟".
" هذه الفكرة التي تساورها ... إنها إذا شاءت ان تتظاهر بالمرض فكل تصرف من جانبنا سيصبح معلقا ، وربما يلغى".
" وماذا ستفعل؟".
قال وهو يدفع بيديه في جيبه:
" أخبرها بالحقيقة الان ! من الواضح انها تدرك أنك تخفين شيئا".
أمسكت مادلين بذراعه وقالت:
" انا موقنة بأنك محق يا نيكولاس ، ولكن ليس في وسعنا ان نخوض في هذا كله الآن... ليس في هذه اللحظة".
تساءل بصوت بارد:
" لماذا".
هزت مادلين كتفيها وهي لا تكاد تجد الكلمات ، وقالت:
" اوه ، اعتقد انني أريد ان تكون الأمور مستقيمة بيننا ، والآن ، ستحدث مشادات كلامية ، ويعلم الله متى يطول العداء بعد ذلك".
عبس نيكولاس ، وقال وهو يتهمها:
" إنك تخشين أن تخبريها يا مادلين ! ولكن تذكري أننا في يوم الأحد ، وستصل والدتي يوم الأربعاء ثم تسافر الى فيلينتيا يوم الخميس... فإلى متى تتوقعين ان تؤخري يوم السؤال هذا؟".
إلتفتت مادلين بعيدا وقالت:
" لا أدري... حدث الأمر كله فجأة ".
" فجاة؟ فجاة ؟ اتريدين يا مادلين ان أنتظر الى ما لا نهاية حتى تستجمعي بعض الجراعة لمواجهة إبنتك في أن تتيح لك سعادة كبيرة؟".
" كلا ... أنا لا أريد الإنتظار ، ولكنني لا اريد ان أحطم قلب ديانا".
قال بخشونة:
" قلب إبنتك لأعسر على التحطيم من قلوب اعرفها... فهل ستقولين لها الآن؟".
" إنني ... إنني... ارجوك يا نيكولاس".
فتناول معطفه فجأة ، وبدا وجهه كاللغز وإن إلتهبت عيناه بالغضب.
وقالت مادلين ، وهي تشعر بقلبها يثب من فمها :
الى اين... أنت ذاهب؟".
قال وهو يمضي الى الباب:
" سأعود الى الفندق".
" أوه يا نيكولاس، لا تذهب هكذا".
ولكنه تجاهل توسلاتها وفتح الباب وخرج واغلقه وراءه بدون ان تستطيع منعه ، كانت هذه تجربة مؤلمة له ايضا، فلم يسبق ان تحدته امراة علنا ، وإنه لمن المهانة أن يدرك انه رغم إفتقارها الى الحسم ورغم جبنها المتعثر ، لا يزال يريدها ، يريدها على نحو كان يمكن معه لو بقي ان يلين وان يوافق على تاجيل زواجهما الى ما شاءت.
وتهاوت مادلين بمرارة على الأريكة وقد وجدت نفسها وحدها ، وفاضت الدموع من عينيها ، كان وقع ما فعلته به يغمرها ويؤلمها.

الماضي لا يعودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن