بصفتي طالب علوم دينية أواجه أحياناً السؤال التالي: شيخنا، لماذا يحرّم الإسلام بعض أنواع المرَح؟ وأحياناً السؤال التالي: ما هي حدود اللذّات والأفراح المحرّمة؟ ما مقدار الموسيقى المحللة في الأعراس؟ وما الحد الذي إذا تجاوزناه تصبح محرّمة؟ أنا لا أودّ الإجابة على مثل هذه الأسئلة أبداً.تُشعرني هذه الأسئلة وكأنني في وادٍ أتى عليه القحط! هذه أسئلة أناس أصابهم القحط! أناس لم يُعطَوا حتى جرعة واحدة من الدين! أيُّ قراءةٍ تحملُها عن الدين يا هذا؟ لِمَ أنت عالق في هذا الجزء؟ كان عليك أن تسألني: أنا لا أبلغ منتهى المتعة في الصلاة فماذا أصنع؟! كان عليك توجيه مثل هذا السؤال إلَيّ. مالي أراك عالقاً بالأغاني المحللة والمحرّمة؟! لأيّ شيء خُلِقنا يا ترى؟! هل خُلِقنا لنجتنب الذنوب فقط؟! حقّاً؟!.. أخُلقنا لمجرّد اجتناب المعاصي؟! هل تقبل أنت نفسك بهذا المنطق؟!
يشهد الله إنّ هذا أشبه بمَن يسأل: بعد تناول البوظة كم مرّةً علينا لَعقُ عودها قبل رميه؟!! كلّما عجّلتَ في رميه قد يكون أفضل!!
ـ لكن أهُو حرام؟
ـ لا.. ليس حراماً.. كلا.أيّ سؤال هذا؟! والله إن السؤال عن الموسيقى المحللة والمحرمة يشبه هذا السؤال تماماً! فلتتناول البوظة يا رجل! أمثال هؤلاء القليلي القيمة يقولون: الحياة ليست كلّها عزاء ودعاء.. لابد لنا من بعض التصفيق والمرح!!
ـ عذراً.. لكن ألا يتمتّع المصلّون بصلاتهم؟ عبثاً يصلّون إذا لم يستمتعوا بصلاتهم! أفلا تتزوّد بالطاقة من صلاتك؟! إذن لابد أن كهرباءَها مقطوعة فلم تشحن بطاريتَك حينما وصَلْتَها بها! إنك إن لم تستشعر الشوق في داخلك فقد استهزأت بنفسك، على حد قول الإمام الرضا(ع).
إن حوار البعض مع الله أشبه بحواره مع شرطي المرور إذا وقف عند الإشارة الضوئية. إنه يقف عند الإشارة.. فينظر إليه الشرطي نظرة، فيخاطبه: أرأيت؟ لقد توقّفتُ عند الإشارة.. سوف لا تغرّمني.. صحيح؟
ـ كلا، لا أغرّمك.
ـ سوف لا تتعرّض لي، فصلاتي..
ـ أجل.البعض إذا صلّى قال في ذات نفسه: لقد أتيتُ بصلاتي.. نعم أتيت بها وأديتُ ما علَيَّ..! هو لا يترقّب شيئاً آخر
ـ طيّب، ثم ماذا؟!
تعالوا نطالب بحقوقنا.. التي نستحقّها لتديّننا.. نستحقّها لديننا.. لصلاتنا.. لعباداتنا.. لصيامنا.. لنخاطب أنفسنا: كان لابد أن تبعث هذه العبادات فيَّ النشاط.. أبَعثَتْهُ؟.. لم تَبعَثه؟ إذن لابد أنها تشكو من نقص ما!