الفصل السابع

92 7 3
                                    

خرج جوناس من غرفته الضيقة إلى غرفة الجلوس، يشعر بالكثير من الضغط والاحباط، نظر خلال النافذة فوجد الشمس قاربت على الغروب، ( لقد غفوت كثيراً ) فكر جوناس قبل ان يتجه مباشرةً إلى الحمام، نظر إلى نفسه في المرآة لبضع لحظات ولاحظ كم تغير شكله في الآونة الأخيرة، شعره الداكن الأشعث، وجهه النحيف، تلك العلامات السوداء أسفل عينيه والتجاعيد التي ظهرت على جبينه، لا يدري هل عليه أن يخبر أخاه بما حدث أم لا، هل سيستطيع تحمل الشعور بالندم والألم وحده؟ هل يستحق بالفعل أن يحظى بتعاطف أخيه ووالدته أم يستحق أن يترك وحيداً ليتذكر بما مر به يومياً ويتألم بسببه؟.. مال برأسه إلى الأمام قليلاً ليغسل وجهه بالماء، شعر بقطرات الماء البارد وهي تداعب وجهه الدافئ الخالي من التعبيرات، ثم عاد لينظر إلى المرآه لكنه لم يجد انعكاسه فيها، دقق جوناس النظر إلى المرآه الخالية في ذهول، ( ما الذي يحدث.. ؟! ) فكر جوناس وهو يقترب شيئاً فشيئاً من المرآة، ينظر حوله في ذهول، يبدو كل شئ آخر طبيعياً، يرى انعكاس الباب، النافذة الصغيرة خلفه، يرى بعض التفاصيل الصغيرة من غرفة الجلوس خلال الفتحة الصغيرة للباب، لكنه لا يرى وجهه فيها، في تعجب وقلق، اقترب جوناس أكثر من المرآة على أمل أن يظهر انعكاسه فيها في أي لحظة، عندما ظهر فجأة شرخٌ صغير على سطح المرآة، ابتعد جوناس عن المرآة في خوف واضطراب، عندما لاحظ اختفاء ذلك الشرخ، فرك جوناس عينيه في تعجب، هل هذا حلم اخر؟ أم هي واحدة أخرى من الخيالات التي تطارده؟.. عاود جوناس الاقتراب إلى المرآة التي لم يظهر انعكاسه فيها بعد، فوجد أثراً صغيراً لذلك الشرخ، تأمل جوناس الشرخ بحرص وهو يتسع شيئاً فشيئاً كلما اقترب منه، اتسع الصدع في المرآة حتى وصل إلى أطرافها وأركانها، وبدأت التشققات تزداد مخفيةٌ وراءها تلك التفاصيل الصغيرة التي انعكست على المرآة خلف جوناس، اختفت النافذة الصغيرة، اختفى الباب، غرفة الجلوس.. كل شئ، بينما مد جوناس يده مقترباً من المرآة التي ملأتها الصدوع والتشققات حتى لمس اصبعه سطح المرآة، عندها سمع جوناس صوتاً مرتفعاً بينما انفجرت المرآة أمامه وتناثرت منها قطع صغيرة من الزجاج في كل مكان في الحمام، كان الانفجار كبيراً حتى طارت بعض القطع الزجاجية الصغيرة إلى غرفة الجلوس، وضع جوناس وجهه بين ذراعيه وهو يتراجع للخلف مرتعداً يسمع أصوات الزجاج يتحطم ويتساقط، عندها تعثر جوناس ووقع على الأرض محدثاً صوت ارتطام مرتفع، ظل يتراجع مغطياً عينيه خوفاً من أن تصيبهما قطع الزجاج المتناثرة حتى اصطدم ظهره بالحائط البارد الرخامي للحمام، لكنه لا يشعر بشئ، لا يشعر بالزجاج يخترق جسده، لا يشعر بشئ يقطع يده، أبعد جوناس ذراعه ببطء، ينظر حوله ويتأمل ما قد يكون أغرب مشهد مر به طوال الفترة الماضية، كان كل شئ على ما يرام، لا أثر لقطع الزجاج المتناثرة، لا أثر للشروخ على المرآة، عاد كل شئ طبيعياً كما كان، ماذا كان هذا؟ هل كان هذا خيالاً؟ نظر جوناس إلى المرآة التي عادت كما كانت من قبل وهو يقف إلى قدميه ببطء يدقق النظر في المكان حوله باحثاً عن أي تفسير لما حدث، عندما قطع تفكيره صوت أخيه منبعثاً من بين ظلمات غرفة الجلوس : " هل كل شئ على ما يرام، جوناس؟ " قبل أن يظهر على باب الحمام فجأة وعلى وجهه علامات القلق والتعجب.. ثم استأنف حديثه قائلاً : " هل أنت بخير؟ "

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن