الفصل السادس

120 6 1
                                    

 " ماذا احضرت اذاً من السوق؟ ولماذا تأخرت هكذا؟ " .. قال جون وفي قلبه الكثير من الشك، الحزن والترقب.. لا يمكنه أن يثق بأخيه الان، ليس بعد ما رآه، يريد أن يكذّب هذه الرؤى، يريد أن يثبت أخاه له أن هذه ما هي الا أفكار وخيالات كاذبه تدور في عقله المريض، يريد أن يثبت لنفسه أن أخاه يخشى فراقه بالفعل كما يدعي دوماً، يريد أن يتأكد أن هناك من يدعمه ..

- " لقد .. لقد قابلت صديقاً قديماً وتحدثنا لبعض الوقت .. هل أعددت الفطور لوالدتك؟ " رد جوناس بصوت متردد

- " ماذا تعتقد كان مصدر كل هذا الزجاج المتناثر؟ " رد جون بصوتٍ ساخر..

- " هل تدري كيف تعثرت؟ " .. هل يستطيع جون أن يكون صريحاً معه؟ إذا أخبره أنه رأى شيئاً لابد أن جوناس سيطلب منه أن يأخذ واحداً من تلك الاقراص المزيفة، لا يمكن أن يدعه يتحكم في عقله..

- " بلى، لم أر هذه الدرجة من السلم، فتعثرت فيها ووقعت "

- " هل تشعر بأنك أفضل الآن ؟ "

- " أجل .. أظن ذلك .. أعتقد أنني سآخذ قيلولةً قصيرة .. أعتقد أن والدتك نائمةٌ الآن، عليك أن تحظى ببعض الراحة كذلك "

- " اكاد لا اتذكر المرة الاخيرة التي حظيت فيها ببعض الراحة وقت النوم.. حقاً.. تلك الصور والذكريات تطاردني، لا أدري ماذا افعل لاتخلص منها "

- " عليك أن تتركها تذهب .. إلقاء اللوم على نفسك لن يصلح شيئاً، عليك أن تنسى "

- " لا يمكنني أن أنسى هذا .. ذلك الموقف .. السيارة، الطريق، أبي .. كل شئ .. كل شئ يبدو حقيقياً جداً كأنني أعيش هذه الذكرى مراراً وتكراراً، كأن هناك شيئاً ناقصاً، هناك شئ ما ليكمل الدائرة، شئٌ قد غفلت عنه .. لا أتذكر حقاً .. أتمنى لو أستطيع لكن ... "

- " أرجوك .. فقط انسَ هذا الموقف، حتى وان تذكرت لن يفيد هذا بشئٍ الان، لقد مرت سنوات على ذلك الحادث، ومنذ اصيبت أمي بهذا المرض وانت تلوم نفسك، لا يمكنني ان أراك بهذا الشكل، أنا مستاءٌ مثلك تماماً لكن علينا أن نستمر في حياتنا من أجل أمي "

- " أظن انك محق "

- " أنا دائماً محق، أنت من لا تبد رأيي اهتماماً " قال جون بنبرةٍ ساخرة ..

- " سأحاول أن أنال قسطاً من الراحة الان، اذا احتجتني لا تتردد في ان توقظني "

- " حسناً .. أحلام سعيدة " قال جون مستهزئاً ..

دخل جوناس غرفته، والتي اعتاد ان يتشاركها مع والده في بعض الأحيان، نظر في ارجاء الغرفة قليلاً، تراوده بعض من تلك الذكريات السعيدة مع والده، كانا يجلسان على هذا السرير ويتحدثان طويلاً عن الكواكب والمدارات، يطول بهما الحديث حتى يغفو أحدهما أو كلاهما، كم كانت هذه الأيام جميلة، يتمنى حقاً أن تعود مرةً أخرى..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن