الجزء الرابع عشر

6.2K 217 10
                                    

أخذت وشاحها الصوفي و سارت بكل هدوء لتجلس عند ذلك المقعد الذي يقبع قرب النافذة الوحيدة التي تطل على منظر جميل في هذا المنزل.
انها الساعات الأولى للفجر. لقد جافاها النوم بعد ان استيقظت على ألم في ساقها، لتأخذ حبة مسكن علها تكون كفيلة لتهدأته.
تقوقعت حول نفسها تلتمس الدفئ و هي تسند جبينها على الزجاج البارد تترقب شروق الشمس. وحده من يبعث في نفسها الأمل بأن مع كل يوم جديد هناك حياة جديدة. حين تشرق الشمس تشعر بالتفائل يدفعها للمضي قدما.
ابتسمت بحب و هي تتذكر مكالمة غيث لها. غيث الذي رغم الظروف التي تمر بها و رغم الحقائق التي تحيط بها حبه يكبر يوما بعد يوم في قلبها، بل أصبح يحتل روحها. عجبا!! لم تكن تعلم عن الحب شيئا في حياتها. لم تتخيل يوم قط بأنها ستقع في حب أحدهم. جاء غيث و بكل جبروته يفرض حبه عليها. يخبرها بأن الحب ليس أمرا تختاره أو ترفضه. يخبرها بأن الحب هو غزو مسلح يهدم كل قلاعها الحصينة. قبل تحب كانت تشعر بنفسها قوية تمضي قدما دون النظر الى الوراء، مليئة بالعزيمة و الاصرار، تقهر كل الظروف، لا تشتكي و لا تكترث. أما الآن بعد أن وقعت في مايسمى بالحب، تشعر بنفسها هشة، غضة، قابلة للكسر في أي لحضه. كيف و حبها من طرف واحد. تشعر وكأن روحها المجرح ستنزف حتى الموت دون أن تضمد جراحها. لكنها في نفس الوقت تشعر و كأن الربيع يزهر في قلبها كلما خانتها مشاعرها و انجرفت خلف حبه.
أخذت نفسا عميقا و هي تتأمل خيوط الضوء الشمس و هي تنساب بنعومة.اليوم هو يوم زواج غيث و سيمضي كلن في طريقة. نظرت الى هاتفها تفكر بالاتصال به فقط كي تسمع صوته. كي تنساب انغامه اليها و تغذي روحها. تود أن تحصل على جرعة أخيرة ما قد يبقيها صامدة بعد أن تمضي في سبيلها بعيدا عنه. عقلها ينهرها و يرفض تلبية رغبات قلبها لكن أصابعها الخائنة و جدت طريقها بضغطها على زر الارسال.
" ملاك !؟"
جاء صوته مذهولا قلاقا ناعسا أبحا مرسلا دفئه لينساب في جسدها. مما جعلها تغمض عينيها و تحبس أنفاسها.
" ملاك هل أنتي بخير ؟"
قالت متعذرة بأسخف حجة ندمت عليها
" آسفة أخطأت بالرقم "
عم صمت للحظات و ملاك تعض على شفتها من شدة الاحراج، ليأتيها صوته ضاحكا مما جعلها تبتسم هي الأخرى. جائها صوته مبتسما
" ألم تجدي حجة غيرها "
غطت وجهها بكفها من شدة خجلها و كأنه يراها. قال بصوت أجش قريب من الهمس جعل أوصالها تتخدر.
" ملاك ماذا تريدين؟ "
" أريد ...." سماع صوتك
كادت أن تقولها لو لا أن تداركت نفسها فهو يمارس سحره عليها و يجب أن تنتبه.
" تريدين ماذا يا ملاك؟"
هل الجميع يسمع اسمها مختلفا حين ينطق به أم هي فقط تفعل ذلك؟
" لا شيء أخبرتك أنه كان خطئا، آسفة على الإزعاج "
و أغلق الخط دون أن تنتظر منه ردا.
قلبها كان ينبض بسرعة و أحست بجسدها بدأ بالتعرق. ألقت شالها و هي تنهر نفسها بصوت مسموع
" حمقاء و ضعت نفسك في موقف محرج"
أجفلت على صوت الباب يفتح و جثة ترتطم بالأرض. كان هذا والدها قد عاد من سهرته الا انه عاد مبكرا هذه المرة.
تجاهلته و تركته نائما مكانه فهي لا طاقة لها على فعل أي شيء.
مرت بجوارة و ألقت عليه شالها ليغطيه لتكمل طريقها بعدها. تنهى الى مسامعها صوت تأوهات قادمة من دورة المياه. طرقت الباب بقلق و هي تنادي.
" سعاد هل هذه أنتي ؟!"
الا أنها لم تجب. عادت تضرب الباب مجددا و هي تحاول أن تفتحه لكن ما من مجيب. ضربته بقوة أكثر هذه المرة.
أخيرا جائها صوت سعاد متذمرا
" ستكسرين الباب.. "
لكن سرعان ما قطعت جملتها و هي؟؟ تتقيأ؟؟!!!
" سعاد هل أنتي بخير ؟؟ هل تتقيئين ؟؟"
أخيرا فتحت الباب لتطل عليها بوجه شاحب قائلة
" أنا حامل يا ملاك "
ألقت بجملتها هذه كالصفعة على وجه اختها غير مكترثة لأي ردة فعل.
ملاك أحست و كأن رأسها يرتج من الصدمة. وقبل أن تستوعب ملاك الأمر عبرت سعاد متجاوزة إياها عائدة الى غرفتها.
لحقت بها ملاك غير مصدفة
" هل تعين نا تقولينه يا سعاد هذه ليست مزحة "
قالت سعاد التي تدثرت في سريرها مغطية رأسها
" أنا أيضا لست أمزح أنا حامل يا ملاك "
ملاك لم تتمالك نفسها و انقضت عليها تزيح الغطاء بعصبية
" ما الذي تهذين به "
جلست سعاد منتصبة كالقطة المتأهبه للدفاع عن نفسها
" انا لا أهذي لقد تزوجت بالسر و أنا حامل الآن مو زوجي "
طارت كف ملاك لتصفع سعاد بقوة على خدها لتقول و الدموع تتجمع في مقلتيها
" ما الذي فعلته يا غبية "
تمالكت نفسها من جديد لتسألها متصنعة الهدوء
" هل أحمد الذي ذكرته سابقا شقيق صديقتك "
صرخت سعاد من بين دموعها
" نعم هو انه يحبني ووعد بأن يعلن زواجنا "
ردت عليها ملاك و عيناها شاخصتين تحدقان في لا شيء
" و لم لم يتزوجك بطريقة رسمة كأي فتاة أخرى ؟"
قفزت سعاد واقفة تتكلم بهستيرية
" لأن عائلته لا تتشرف بعائلتي و نحن نحب بعضنا و هو أخبرني بأنه سيضعهم تحت الأمر الواقع "

رواية "ملاك " .......... مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن