تقاطع طرق

7K 230 7
                                    

لهذه الحياة و لألف حياة أخرى..على هذه الأرض و على كل أرض بعدها..
   حتى تفنى كل الطرق..حتى تتلاشى آخر ذرة في الكون..
فإن هؤلاء الذين كتب عليهم اللقاء لا يستطيعون الفرار..مصدقين بقدرهم أو غير مصدقين..
   راغبين به أو غير راغبين..التقاطع لابد منه..فإما انفصال بعده..
                                 أو..
                           اتحاد إلى الأبد..
                                    ###
اختياراتنا في الحياة تتطلب التضحية..صك نقدمه رغبة منا في الحصول على شئ ما..أو ربما نضحي لنكون قادرين على التخلي..
    نعم..التخلي عن تلك الأشياء التي تحول حياتنا جحيما و تجعلنا أسرى إلى المالانهاية..
    و لكن أصعب تضحية يقوم بها المرء هي تضحيته بذاته..
أن يكون شمعة تحترق لتنير ظلمة الآخرين..فلا الآخرين قدروه و لا هو احتفظ بذاته..حتى أن باحتراقه فإن الظلمة لم تنقشع!!
   كم أن ذلك مؤلم و مثير للشفقة..خاصة عندما لا تكون شمعة بالفعل..
عندما تكون بشرا متقبلا لقدر يتم فيه تشبيهك بجماد..
   يكون عليك فيه أن تتقبل دورك بهدوء و تنسى رويدا رويدا أنك الضحية
لا..بل و عليك أيضا أن تتحمل الذنب..عليك أيضا أن تأخذ دور الجلاد
   على روحك أن تحترق و على الجليد أن يغلف قلبك..
أما جسدك..هذا الآخر لن ينجُ!! عليه أن يتعذب و عليه أن يعاني..
هكذا يُدفع الثمن..هكذا يكفر المرء عن اثم كونه نفسه..عن أنه يوما ما لم يرغب أن يكسر أقرب الناس إليه و أحبهم إلى قلبه..
   حتى وصل إلى نقطة أنه لم يعد يحب !!

لقد حزم أمره..سيتخلى هذه المرة أيضا..و لكن هذه المرة سيتخلى عن ذاته!!
     غاضب كوباء جماعي حل ليسحب روحا تلو الأخرى و لكنه لا يكتفي !!
حزين..يقيم حداد على ذاته..الألم في صدره يكاد يقتله و أمعاؤه تعلن الاعتراض..
   وسط تجهيزاته لنفسه للعرض المسرحي يشعر بأن جسده يتهاوى..
الدموع تريد أن تسقط من عينيه و لكنه يضغط على جسده بقوة كي يمنعها..
   متهاويا على كرسيه..كأن كل هواء العالم لا يكفي رئتيه في هذه اللحظة
و كأن كل مأساة في حياته تمر أمام عينيه..و كأن السواد الذي قرر أن يرتديه لليوم أصبح يثير الذكريات !!
      لا أحد..لا أحد سيأتي..لا كتف هناك ليحمل رأسه المتعب و لا جسد ليساند جسده..
    و لا حب..لا شئ !! ستبتلعه الوحدة..يظن أنه سيموت على أرض غريبة
بعد أن تهرب دمائه من جسده تاركة إياه هي الأخرى إلى مصيره المحتوم

-" لماذا ؟!!!! "

صرخ و لكن صراخه كان أقرب للانتحاب..انهار على ركبيته..
هذه الأرض الباردة هي مآله الوحيد على أية حال..وحدها ستضم جسده المتعب و تكون رحمية به..وحدها هذه الأرض ستمنحه - يوما ما - السلام!!
جسده مترنح و لا يزال يجبره على الذهاب..ينظر بغضب حائر إلى كل ما حوله..
   محاولاته في أن يستعيد ذاته تبدو جميعها زائفة..و لكنه ذاهب إلى قدره لذلك فإنه لا فرار !!

خرج من تلك الغرفة و كأن شيئا لم يكن..ساري و الخدم يتبعونه إلى ساحة القصر حيث سيقام العرض و قد أمرهم باحضار هدايا مميزة للنسائه كلهن
   و لهذه الليلة فإن كل شئ مميز عليه أن يكون على شرف داليدا !!
لن يغرق هذا الشعب في سواد الحزن و لا قسوة الدماء مرة أخرى..
  و لأجل أن يوفي بهذا العهد فسيفعل هو أي شئ مهما كان الثمن..

الفاكهة المحرمة ( عشيقة الملك )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن