مر اليوم سريعاً ولم يتقابل مراد مع حياة ولو تصادف فكل منهما ذهب في طريقاً مختلفاً. لم تكن حياة تعلم ما الذي يحدث لها؟ ولمَ كذبت بأمر معرفتها بمراد؟ فهي لم تكذب قط عن معرفتها بأحد، فهل هي تخجل منه أم يشاء القدر ان لا تقول عنه الآن وتري ما هي نهاية هذا الوضع معه.. لم تكن حياة عندها المزاج في مذاكرة شيئاً اليوم فهي مُتعبة من كثرة التفكير ومُتعبة من كثرة الأشياء التي يجب عليها ان تَفعلها. في الجهة الأخري، كان مُراد يذاكر في شرفة منزله التي تطل علي تمثال طلعت حرب، الذي يزين الميدان بفخامته، والزحام يعمل ضجيجاً مع نسمات الهواء الخفيفة. يضع هو سماعات الأذن في آذانه ويسمع للست.
كانت عظيمة تشاهده كعادتها من خلف الستار، تراقب تحركاته وتعلم جيداً انه لا يذاكر بل هُناك شيئاً يشغل تفكيره وهي لا تريد الضغط عليه كثيراً في ان يقول لها ما يشغل باله بل تدعي الله ان يطول في عمرها اليه. حضرت هي العشاء في قُرب الثانية عشرة مساءاً. ثم وضعت السلطات والمقبلات في اطباق صغيرة والفول بالجبنة في طبق واحد يُضع في منتصف الطاولة يزينه أرغفة الشامي التي أحضرتها لها حياة منذ بضعة ساعات، ووصتها ان تأكل من هذا الفول الذي أعددته هي في بيتها وان تضع الجبنة البيضاء معه، فسوف يكون شهياً جداً.
بالاضافة انها قالت: "بس يا امي متقوليش لمراد ان انا عملت حاجة، عشان عارفة دماغه الناشفة ديه."
فابتسمت عظيمة: "لحقتي تفهمي ابني يا حبيبتي؟"
فرتبت حياة علي كتفها: "مش عارفة بصراحة، صحيح بس تلات أيام مروا بس انا حاسة انهم كانهم تلات سنين."
ثم تركتها ومشيت، انتبهت عظيمة من شرودها علي صوت مراد الذي اتي من الشرفة. كان يضع أرجله علي الدرابزين ويربع يديه بينما يأخذ كتابه موضعه علي ركبتيه.
مراد: نؤة، انتي بتعملي ايه كده؟
ابتسمت عظيمة اليه في حنان: تعالَ يالا عشان ناكل.
ترك هو كل شئ ليدخل من بين الستائر اليها وعينيه تتوسع كلما اقترب من المائدة: ادا كله؟ كل ده ليا؟ لا وايه عشوة واحدة؟ هو في ايه بقي؟ ولا كل ده عشان تراضيني؟
نكزت هي في ذراعه وأؤمات براسها: طبعاً طبعاً عشان اراضيك!
ابتسم هو ولثاني مرة اليوم، ولكن هذه المرة من قلبه: طيب وفي حد يراضي حد كده يأكله علي السفرة عادي كده؟
استغربت عظيمة من الذي يقوله: اومال تاكل علي الارض؟
يمسك فمه حتي يخبئ ضحكته التي ظهرت ثغرتها الآن، ثم يقول وراء فمه: طب انا عندي فكرة أفضل!
أنت تقرأ
جارتي العنيدة
Lãng mạnالصدف تجمع بين اثنين عالمهم مختلفاً. ورغم انهم كانوا يتجادلون في كل مرة يرون بعض فيها الا ان الحب قد وجد طريقه في قلوبهم ولم يعد اي شئ يهم في الحياة الا ان يزداد العشق عشقاً يوماً بعد يوم. ملحوظة:- الحوار بالعامية