الفصل الثاني

4.7K 124 0
                                    


صعق مراد مما سمعه وحاول تمالك أعصابه بقدر الإمكان "هو يوم اسود انا عارف! وبتحطي ليه ورد قدام بابي يا استاذة جارة!"
ابتسمت هي بلهفة وكانها طفلة لم تبلغ السابعة بعد "عشان يبقي المكان جميل. ويبقي بينا مودة ورحمة."
نظر مراد اليها باستهزاء "وايه كمان؟"
سرعان ما دبلت ابتسامتها الطفولية ورفعت يديها بتحذير "بقولك ايه! متتريقش عليا!"
نظر الي إصبعها الصغير والتفتت منه ابتسامة ظهرت عمازته منها، فاسُفزت منه.
قالت باستغراب "وانت بقي بتضحك علي ايه؟ لا يكونش بتضحك علي!"
نظر اليها بجرأة ومسك إصبعها "وده ايه بقي تهديد؟ يا بنتي انتِ كلك علي بعضك متسويش بصلة!"
لفتت إصبعها من قبضته بقوة وقالت "وانتَ متسواش أصلاً أصلاً نكلة!"
رفع حاجبيه ونظر اليها من تحت الي فوق يتفحصها "أصلاً أصلاً، طب يا سيتي انا نكلة وانتي بصلة، عايزة ايه دلوقتي؟"
نظرت خلفه وهي تشاور بيد والاخري تمسك وعاء الورد بأحكام "عايزة أحط الورد ده قدام باب بيتك، بس انت عملاق وانا مش عارفة أعدي!"
وسع اليها فاستغربت "ببساطة كده؟"
أؤمأ براسه وهو يقبض يديه وينظر اليها بطرف عينيه وهي تضع الزهور برفق.
جلست هي علي الارض مع ان وضعت قماشة بيضاء حتي لا ياتي التراب علي ركبتيها الناعمتين.
بدات في وضع زهرة زهرة بتناسق جميل من الألوان وهي تدندن أغنية "كُنا صغار".. انسجمت هي لفترة طويلة وهو يقف يترقبها فحسب فالوقت متاخر وهي مازالت لا تباهي للوقت.
حتي جاء صوت اذان الفجر فور انتهائها.
وقفت هي وتدخل شقة مراد دون ان تستأذن حتي فاستغرب لمعرفتها اين حمام الضيوف.
اتبعها في صمت ثم اسند راسه علي الباب.
فرآها تتوضأ مستعدة للأذان وهي تردد الدعاء.
ثم ذهبت الي شقتها وهي تقول "يالا نصبح علي تفاؤل.
دخلت هي لترفع فوقها الي فوق في كحكة مُحكمة بملفات طويل حتي لا ينسدل شعرها مرة اخري علي ظهرها، ثم غطت جسدها بأجمعه بإسدال الصلاة.
فتحت باب شقتها بهدوء لتقفله في رفق حتي لا تزعج احد عند سماع الإقامة.
"انتِ رايحة فين؟" جاء صوته الذكوري من خلفها لتقفز في مكانها والتفتت اليه بسرعة كبيرة.
"خدتني يا عم!" قالت بصوت يكاد اشبه بالهمس.
"لا والله فيا الخير! ها مقولتيش رايحة فين؟"
"هيكون رايحة فين بإسدال الصلاة يعني؟ وسع كده من قدامي!"
ركضت هي الي السلالم لتقفز مسرعة الي أسفل.
فقال من منور السلم "يا بنت الهبلة! ده ايه اللي اتحدفت علينا ديه؟"
نزل مراد في المصعد ليجدها امامه تقف وهي تسند علي زاوية الدرابزين، تلهث بقوة وتمسك بأصابعها الصغيرة صدرها الذي كاد ان يختنق.
اقترب منها وهو يقول "انتي عبيطة؟ ازاي تعملي حاجة زي ديه؟ وبعدين مركبتيش الاسانسير ليه معايا؟"
مسحت جبينها بأناملها وقالت بتمهيد طويلة "ملكش فيه."
ابتعدت عنه لتذهب الي باب العمارة.
التفتت يميناً ويساراً وهي تضع يديها بدهشة علي فمها ثم عدت الطريق ودخلت الي المسجد وكذلك مراد.
لم يتقابل مراد بعد ان انتهي من الصلاة معها فلم يهتم ودخل الي البناية لكي يطلع الي شقته وينام.
$
في اليوم التالي.
🚪
ينظر مراد الي ساعته بنعاس فالساعة مازالت السادسة والنصف صباحاً فمن يطرق الباب بهذه الدقات الصغيرة؟
يلبس كنزته ويذهب الي الخارج لكي يري عظيمة مستيقظة في طريقها لفتح الباب.
قال مراد بهمس "لما اروح انام قبل ماتشوفني ديه كمان!"
كان علي وشك ان يدخل الي فراشه الا ان صوتها الطفولي رن في آذانه وهي تقول "صباح الامل يا نونّة!"
نظر بخلسة بعين واحدة خلف الباب اليها وهو يري الفتاة الصغيرة تعانق عظيمة بيديها الرقيقتين.
"صباح الفل يا حياة! عملة ايه النهاردة؟ شكلك منمنتيش."
ردد اسمها في راسه وكأنه يحفرها في اعماق روحه.
"مانتي عارفة يا امي، اني نمت تقريباً طول الليل بسبب توضيب الشقة بس انا صحيت قبل الفجر بشوية." قالت حياة بحنان

جارتي العنيدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن