الفصل الثالث

198 7 1
                                    

الفصل الثالث

تشجيع و لو بكلمة ❤
*****************************

وقفت سيارة الأجرى أمام فيلا صغيرة من الطراز الحديث من اللون الابيض
قال السائق
"لقد وصلنا سيدتي هذا هو العنوان "
نقدت منال السائق النقود
و خرجت من السيارة ثم وقفت أمام البوابة تشعر بدقات قلبها تكاد تتوقف من فرط التوتر ,
طرقت على الباب فخرج لها رجلاً ضخماً يرتدى الجلباب التقليدى لديه شوارب ضخمة
و ملامحه متجهمة
قال الرجل بصوت غليظ
"ماذا تريدين يا أنسة "
ابتلعت منال ريقها الجاف وهى تشعر بالهلع من هيئة ذلك الرجل المخيفة  قائلة فى نفسها
"بداية ليست مبشرة بالخير يا منال مازال يمكنكِ الهروب
هيا هيا تراجعى الى الخلف و ُأُهربى "
***********************
في ذلك التوقيت و لكن بداخل الفيلا و تحديداً بالغرفة الخاصة بالطعام 
كانت دادة زهرة تحضر المائدة و هي تدندن بعض الالحان القديمة ,
دخل مؤيد غرفة الطعام قائلا بود يخصها به
"سلمت يداكِ يا زهرة لقد أحضرت من ستقوم بمساعدتكِ في ما يخص الطهي حتي عودة إسماعيل "
نظرت إليه زهرة نظرة أمل و هي تقول ببشاشة
"إذاً ليان صادقة فيما أخبرتني به أمس هل أتعشم أن عقدتك من النساء قد حلت الان "
تنهد مؤيد بضجر
"لا أعلم لما تضخمون الأمر انتِ و ليان إنه مجرد عمل فحسب "
بهتت ابتسامتة زهرة و لكنها تكلمت بجدية و هي تنظر إليه في عمق عينيه
"استمع الي يا ابن سميرة انا اعرفك جيداً و أعرف ما تفكر به لا تنسي ذلك أبداً"
نفخ مؤيد بضيق و ظهر الالم على ملامحه و  في نبرة صوته
"ولانكِ تعرفيني جيداً يجب ان توقيني ان ما تفكرين به انت و ليان لن يحدث "
ظهر الحزن علي ملامح زهرة "مؤيد يا بني عليك بالنسيان
مازلت صغير الحياة تستمر لقد مرت ثمانية اعوام   "
قال مؤيد و هو يرغب بتغير دافة الحوار
"أين ليان لم أراها منذ استيقظت "
قالت زهرة بإشفاق مستجببة لرغبته
"فى الحديقة ترسم كالمعتاد "
إبتسم مؤيد و شرد في أبنته الرقيقة لا تشبه ولا تشبه والدتها رقيقة شقية مرحة تعشق الرسم و الالوان لم تأخذ منه سوى شعره الاسود و عبوسه فى بعض الاحيان
قاطع شروده رنين الهاتف
فأجاب عليه قائلاً
"نعم يا سالم ماذا هناك "
رد سالم بصوته الغليظ و هو يتفحص منال بعينيه وكانه يحاول إيجاد الاختلافات السبع بها 
"هناك أنسة تريدك سيدي تقول إنها على موعد معك "
اتسعت إبتسامة مؤيد وقال في نفسه "لقد أتت إذا "
قال بهدوء الى سالم
"أدخلها يا سالم أنا انتظرها "
قال سالم في احترام
"أمرك سيدى "
ثم سمع صوته و هو يحادث منال قبل ان يغلق الخط
"تفضلي يا أنسة السيد مؤيد في انتظارك "
ثم اغلق الخط ,تنهد مؤيد و نظر الى زهرة يراقبها وهي تحضر المائدة ثم حمحم قائلاً
"زهرة لقد حضرت من ستقوم بعمل إسماعيل أريدكِ أن تستقبليها وان تشرحي لها عملها و المطلوب منها  "
نظرت اليه زهرة في خبث قائلة
"و لما لا تفعل أنت "
قال ببرود
"لدى عمل لست متفرغ الى ثرثرة النساء الفارغة فأفعلى ذلك أنتِ و أنا سأذهب الى المكتب هناك عمل متكدس ينتظرنى "
تخصرت زهرة و الشرر يقفز من عينيها
"و الفطور الذى تعبت في تحضيره من سيأكله "
ابتسم ببرود و سماجة
"لا علاقة لي بالامر  أنتِ حضرتيه أنتِ تأكليه لم أطلب منكِ أعداد الفطور "
قالت زهرة في غيظ و عبوس "حسناً يا ابن سميرة لك يوم "
ابتسم مؤيد ابتسامة حقيقية هذا المرة و اقترب منها و أمسك بيدها يقبلها في حب
"سلمت يداكِ زهرتى الجميلة ولكني حقا لدى عملاً متراكماً منذ أسابيع يحتاج مني تعديلات و اضافات كثيرة يا زهرتي لذا لا تعبسي هكذا "
ربتت زهرة على يده قائلة فى حنان
"وفقك الله يا مؤيد يا ابن سميرة و سدد خطاك  واسعدك و رزقك بالزوجة الصالحة التي تسعدك و تعوضك ما ضاع من عمرك "
عبس مؤيد قائلاً
"و من قال اني اريد الزواج "
تنهدت زهرة قائلة بحكمة
"لا يستطيع الانسان ان يبقي وحيداً يا مؤيد  لا انا ولا ليان باقين لك ليان سنتضج سريعاً و تتزوج و تكون عائلة وانا لن ابقى كثيراً لم يعد فى عمرى الكثير لذا يا بني حين تتزوج سيكون لك شريك تستند عليه و تشد به أزرك في كبرك و قد ترزق بأطفال أخرين  فكر فى ذلك جيداً يا مؤيد  "
صمت مؤيد لا يستطيع انكار ان ما تقوله زهرة هو ما يخاف منه بشدة  ان يبقي وحيداً  بدون شريك ولا ونيس 
و لكنه يخاف خوض التجربة مرة اخرى  تننهد بالم قائلاً
"اطال الله في عمركِ يا زهرة حتي ترين ليان عروس "
*****************
في الحديقة كانت  منال تنظر الي الاشجار و الحشائش بإنبهار و كانها  طفلة صغيرة  المكان جميل ومنعش والازهار خلابة يشعرك بالراحة النفسية من مجرد النظر اليه ,و لكن ما لفت نظرها فتاة بشعراً اسود جميل تفترش الارض و حولها اوراق بيضاء كثيرة و الوان مبعثرة و تبدو انها منهمكة في ما تفعل ,اقتربت منال منها وجثت  علي قدميها امامها تنظر الي ما تفعله ,انتبهت اليها ليان و نظرت اليها قائلة
"هل أعجبك ما ترين "
حمحمت منال بحرج و لكنها قالت بإبتسامة طفولية
"جميل جداً انتِ بارعة "
بادلتها ليان الابتسام قائلة برقة
"حسنا هل استطيع ان أعرف من أنتِ وماذا تفعلين هنا أم سأكون قليلة الذوق "
امتقع وجه منال وهي تشعر بالاحراج من تلك الفتاة ولكنها اجأبتها
"أنا منال وسأعمل هنا مكان الطاهى حتى عودته "
اتسعت إبتسامة ليان وقالت بسعادة حقيقة قائلة وهي تسحب يد منال و تضغطها علي صدرها
"لما تأخرتِ حتى الأن أنتظرتكِ  طويلاً "
عقدت منال حاجبيها وهي لا تفهم ما تقول تلك الفتاة ما باله ذلك المنزل يعج بالمجانين و الحمقى
سحبت يديها من يد ليان قائلة
"عذراً لا أفهم شيئ ماذا تقصدين "
اقتربت ليان منها و همت بضمها لكن منال ذعرت و تراجعت الى الخلف قليلاً,
تنهدت ليان تحاول التحكم فى حماسها الشديد وقالت بصوت يملئه السرور وهى تضع يدها على صدرها معرفة نفسها " أنا ليان السالمى "
ثم مدت يدها بإتجاه منال بنية مصافحتها نظرت منال الي يدها المدودة لحظات ثم مدت يدها هى الأخرى وأمسكت يدها
أبتسمت ليان قائلة و هى تلوح بيديها الاثنتين
"سأشرح لك الأمر  ببساطة شديدة ذلك المنزل الكبير كما ترين "
ثم أشارت الي نفسها
"لا يوجد به أي عنصر أنثوى غيري و دادة زهرة هذا ان  قومنا بأحتساب دادة زهرة عنصر أنثوى من الاساس "
ثم أخذت عدة أنفاس متلاحقة و اكملت بحماس
"وانتِ العنصر الثالث لا تستطعين التخيل شعور ان تحيي فى منزل يعج بالرجال انه للامر بشع  لهذة انا سعيدة جداً بوجدك معنا يا "
عبست قليلاً ثم قالت
"بماذا ادعوكِ الخالة منال
أم ماذا "
هدأت منال قليلاً وقد ذكرتها تلك الفتاة بطفلها الشقي
فى مرحه و شغبه
ابتسمت قليلاً و أومات برأسها قائلة
"نعم الخالة منال يا شقية
بالمناسبة أين والدتك ِ لم تذكريها فى العناصر الانثوية"
تكدرت ملامح ليان و اختفت ابتسامتها و حل محلها الحزن العميق 
"أمي توفيت منذ ثمانية أعوام "
******************
بعد قليل في بهو المنزل جذبتها ليان من يدها و هي تصيح بصخب
"دادة زهرة يا دادة زهرة لقد أتي النوع المنقرض الى منزلنا أخيراً أنتِ يا امرأة ستهرب دادة زهرة أسرعى "
أتت زهرة مهرولة محاولة فهم ما تقول تلك الشقية
"ماذا حدث يا ليان مَن انقرض و مَن حضر ماذا حدث يا ليان انطقي "
ضحكت ليان بسعادة قائلة و هي تكاد تقفز من الحماس وهى تشير بأصبعها
" هذه الخالة منال مَن ستعمل مكان العم إسماعيل يا دادة هل تصدقين هذا سيكون هناك لمسة أنثوية فى هذا المنزل بعد غياب أعوام "
تنهدت زهرة بإرتياح بعد ان أطمئنت انه ليس هناك أمراً سيئ قد حدث و لكنها أقتربت من ليان وجذبت  أذنها الصغيرة فى يديها قائلة
"ماذا افعل معك يا شقية لن تكفين عن العبث ابداً كاد قلبي ان يتوقف"
تأوهت ليان ولكنها قالت ضاحكة بمرح
"انه من السعادة يا دادة من فرط السعادة اشعر  ان  ان قلبي سيتوقف عن ضخ الدماء لجسدى "
تركت زهرة أذنها و توجهت الى وفقت امامها قليلاً تتفحصها من رأسها حتى اخمص قدميها ,كانت منال معتدلة الطول نحيلة ذات  عيون بنية صغيرة و أنف منمنم ايضا وشفتان رقيقتان للغاية كانت عادية الملامح ولكن جذابة بها شيئ يجعلك تدقق بها النظر مرتين ,
انتبهت منال على تفحص زهرة لها فشعرت بالإرتباك يغزوها ,انتهى تفحص زهرة لها أخيراً و مدت يدها و وضعتها على كتف منال قائلة  بحنان أمومي
أعذرني يا أبنتي لقد أرعبتني تلك الشقية مرحباً بك فى منزل السالمي أنا زهرة مدبرة المنزل "
ابتسمت منال ابتسامة مهزوة قليلاً والارتباك مازال يغزوها قالت بصوت حاولت ان يبدو طبيعياً بدون اهتزاز
"تشرفت بك سيدتى لدي موعد مع السيد مؤيد بشأن العمل "
صمتت زهرة قليلاً عاجزة عن الرد و هى تشعر بالإحراج من ذلك الموقف  ,فقالت بحرج
"لقد ذهب مؤيد لديه عمل متراكم فى المكتب و قد كلفنى بمهمة تعريفك على مهمامك و المطلوب منك "
تنهدت ليان فى إحباط تحدث نفسها
"لقد تغيبت عن المدرسة هباءً إذا
لقد ذهب والدى للعمل ولن تكون هناك متعة فى مشاهدة حدث لا يتكرار كثيراً" ولكنها حكت رأسها فى غباء وقالت "كيف خرج و لم اراه وانا ارسم فى الحديقة "
امتقع وجه منال بعد حديث زهرة  وهى تشعر بالغيظ لذلك اخبرها ان تأتى مبكرة ولا تتأخر ولم يخبرها عن الموعد الذى من المفترض عدم التأخر عنه ولكنها ابتسمت بعد قليل وهى تشعر بالإرتياح من عدم وجوده المربك ذلك افضل  قاطع شرودها صوت ليان مكررة سؤالها مرة اخرى
"كيف لم اراه و هو يغادر وانا كنت ارسم فى الحديقة "
اجابت عليها زهرة تضربها على رأسها
"من البوابة الخليفة يا فصيحة "
ثم التفت الى منال قائلة
"هو لن يتأخر قد يعود قبل ذهابك سرعاً ما ستجديه هنا هيا هيا حتى اخذك فى جولة فى المطبخ "
***********************
كان هو يعمل على احدى مشاريعه الهندسية و لكنه لا  يستطيع التركيز فيما يفعل عقله شارداً فى حديثه مع زهرة هل هو مخطئ هل يضيع عمره هباءً كما أخبرته زهرة هل سيبقى وحيداً منبوذاً, يشعر انه يبحر مع العالم فى زورق بلا مجداف ,ماذا يفعل لقد حاول النسيان كثيراً و لكنه لم يستطع الغضب بداخله اكبر النقمة بداخله اعظم من مقدرته على النسيان لا يستطيع  البد من جديد  يخاف من ذلك التشوه بداخله و يخشى من تكرار ما حدث فى الماضى مرةً أخرى, تراجع بظهره على مقعده وقد عقد ذراعيه وراء رأسه و أغمص عينيه و قد لاحت أمامه صورة تلك البلهاء أبتسم يتذكر المرة الاولى التى رأها بها لا يستطيع التذكر ماذا كان يفعل فى ذلك المجمع التجارى فى ذلك الحين و لكنه يتذكر جيداً ما حدث بعد ذلك

قنينة الأغواء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن