3~صحوتي وسكرتي

1.2K 73 6
                                    

.."مولاتي.."(وانحنت اجلالا لها)
..
بينما الجميلة تدير ظهرها لرئيسة خدم القصر , ملامحها جامدة وروحها ثابتة, هكذا هي عندما لايعجبها أمر تبقى على هذه الحال حتى يسأل المخطأ عن ذنبه.
..
"أريدك أن تذهبي للسوق صباح غد, وتحضري مائتي كيس من الطحين الأبيض وأن تحملي كل كيس على ظهرك , وإياكي أن تلجأي لمساعدة أحد لأنني سأراقب.."
..
اخفضت العجوز رأسها بتوتر وهي تقول..
"ارجو المعذرة سيدتي ولكن صحتي قد هرمت وشبابي قد ولى فلا أقوى على حمل شوال واحد فكيف لي بحمل مائتي!"
..
التفتت إليها مرة واحدة والغضب يملأ وجهها الجميل , كانت عينيها تشتعل لهبا أجاجا وقد ضغطت على شفتيها بقوة لتبدو كحبة فستق مغمسة بالشكلاطة
..
"إذن, لماذا تأمرين الخدم بأشغال لا طاقة لهم عليها ,ألا يرحم فؤادك أحدا ,أم نسيتي أنك أحدهم! كيف تتولين استعبادهم بهذه الطريقه"
..
"سيدتي إن ذلك الخادم يقضي وقته في النوم والسكر, لافائدة له في هذا القصر!"
..
"وما شأنك أهو قصر والدك مثلا!!"
..
طأطأت العجوز رأسها بخجل واستاذت بلرحيل فأشارت لها الأميرة بيدها آذنة لها بغضب .
لا أريد المشاكل أفهمتي!"
..
نزلت الأدراج وهي تقبض يديها على قلبها ,كيف لمراهقة مدللة أن تقوم بإذلال إمرأة كبيرة في السن وهي التي خدمت والدتها وجدتها والآن تخدمها هي, عليها أن تحضى ببعض التقدير والآحترام, وأن تكون لها مكانة رفيعة وكلمه مسموعه جزاء خدمتها للعائلة الملكية في ظل هذه السنون الطويلة .
..
..

أما الخادم فقد كان يلملم بقايا الطحين الذي ملأ المكان , حتى بدا مرهقا للغاية , كانت تراه الجميلة من شرفة جناحها وهو يلهث عطشانا يحاول الوصول الى نافورة الحديقة قبل وصول رئيسة الخدم المتذمرة , حتى ظهرت خلفه فجأة وهي تضع يدها على كتفه
..
التفت اليها مستغربا لهدوءها القاتل ,.رفعت رأسها للأعلى لترى الأميرة تراقبها , فانحنت بحركة من عينيها , التفت الخادم ليرى الأميرة ايضا فتبسم لطلتها البهية وانحنى رأسه بحضرتها فبادلته الإبتسام .

..
"اذهب الى عملك .. فقد انتهيت هنا"
..
"ماذا عن الأكياس التي لم أحضرها من التاجر فلا يزال الكثير.."
..
اخفضت بصرها للأرض كي تختلط ملامحها القاسية بالحزن ..
"لا عليك سأحضرها أنا غدا.."
..
اندهش لردة فعلها الغريبة, وبقي يرقبها حتى اختفت عن ناظريه ودخلت القصر.
..
وبعد أن توجه لداخل القصر , رمقه الطباخ نظرة حماس ليهمس له في ظل شروده..
..
"هناك سهرة جميلة الليلة.. هل انت مستعد"!
..
تلمق النظر اليه بجدية وهو يقول.."لا مزيد من السهر بعد اليوم فأنا رجل لدي عمل ومسؤوليات يومية في القصر"
..
صمت الرجلان وماهي لحظات حتى انفجر كلاهما من الضحك , علا صوت حديثهما عن ليلة البارحه , حين دب الحماس في قلبيهما فشربا حتى سكرا .
..
نظر الطباخ الى الخادم الذي كان يقشر البطاطا بعصبية وتوتر..
"ياصديقي تلك حبة بطاطا وليست تلك العجوز المتذمرة"
..
"ماذالو كانت حبة البطاطا تلك هي رئيسة الخدم? , "
طحن حبة البطاطا بين يديه ثم هرسها بين اسنانه بوحشية وهو يقول":لفعلت لها هذا"
..
تجمد الطباخ وقد اخرج مقلتي عينيه خلف صديقه موجها انظاره الى الباب..
"مابالك يارجل لماذا هلعت كأنك رأيت تلك العجوز "
..
اشار له بعينه أي (انظر خلفك)
لبجدها تقف بكل جمود وقد ربعت كلتا كفيها على عصاها التي تتكئ عليها , وتنظر اليه بكل حقد
..
ابتلع البطاطا النيئة من شدة خوفه منها (مقرف)
..
"أيها الطباخ ماعشاء الليلة"
..
"سيدتي , سأقوم بطهو البطاطا مع مرق الدجاج مع صلصلة من الفلفل الأحمر , وسأريك قائمة المقبلات ريثما أنتهي من الوجبة الرئسية"
..
قطبت حاحبيها وهي لازالت تنظر الى الخادم..
"حسنا اطهو البطاطا بسرعة ,قبل أن يلتهمها هذا الفاشل نيئة .."
..
ورحلت وهي تهز أكتافها بكل كبر..
..
زفر الطباخ الهواء وقال
.."لقد كان ذلك وشيكا"
..
"ياللهول , إنها كالشبح  تظهر في أي مكان دون أن تشعر بها"
..
"دعك منها ,أخبرني هل اصطحبك معي الى حفلة اليوم, سيكون الحماس اضعافا والمتعة لاتنتهي!"
..
"حسنا فلنفعل ذلك يا صديقي"
..

..
وهاهو اليوم الشاق ينتهي بسرعه, عندما كان الخدم يقومون بتجهيز مائدة الطعام للملك المبجل وابنته الأميرة الباهية, كان الخادم العاشق يسترق النظر اليها خلف بوابة غرفة الطعام لعل شهيته نتفتح على الأكل .فوجهها جرعة دواءه اليومية التي يشفيه من هموم ومشقات الحياة..ثم عاد مهرولا الى جناح الخدم

..
جلس الملك فاردا عباءته السوداء المليئة بالفرو الفاخر على كرسيه الفخم بينما تقابله ابنته الصغيرة ذات الفستان الأبيض ,كانت تشبه أمها كثيرا في كل شيء , حتى ذوقها في اقتناء الملابس ,طريقة جلوسها, مبسمها اللطيف, قطبة حاجبيها عند الاستغراب..
شرد الملك في وجه صغيرته معيدا الذكريات للوراء ,كان ذلك اليوم عصبيا , العواصف قد صدعت النفوس وعلى صوت صرخات الملكة على فراش الولادة.
.. كانت عسيرة جدا والحكيمة في تلك اللحظة تخير الملك, الملكة أم الطفل الذي بين أحشاءها?..
خيار صعب , لم يستطع الملك الاستغناء عن احد منهما ,,شد على قبضه زوجته وضمها الى صدره فقبل جبينها المتعرق من شدة الألم وهي ترص على أسنانها تعتصر من قوة المغص ..
كانت تحاول إنقاذ طفلها حتى وان كلف ذلك حياتها ,
ونجحت في ذلك بالفعل ,فقد تغرغرت روحها فداءا على بقاء مولودها على قيد الحياة..
ومع أن لفظت أنفاسها الأخيرة جهش المولود بالبكاء ليردف الملك ناظرا للحكيمه التي تحمل الجنين من قدميه..
"إنها فتاة. لقد انجبت الملكة أميرة جميلة"
..
.."ج..جميلة...جميلة ..."
وماتت بين يدي بعلها الملك!..
..
..
كانت الجميلة في هذه الأثناء تحدث والدها الذي شرد في أحلام اليقظة , تنظر اليه بكل اهتمام ,, تتمعن بريق عينيه الذي اختلط بالحزن والأسى , ولكنه سرعان ما عاد لوعيه باسما ,,
.."عزيزتي هل أنتي مستعدة لإستقبال ضيوف الغد"
.."عن أي ضيوف تتحدث!"
..
"سيأتي أمير المملكة المجاورة , ليكون مساعدك في تسيير أمور المملكة في غيابي"
..
ثم اردف قائلا .."أنا أثق فيه بشدة!"
..
قلبت عينيها بضجر وزفرت الهواء من خديها معاتبة أباها بأسلوب لطيف.."يمكنني القيام بالأمر بنفسي , لماذا لاتستطيع تصديق ذلك!"

طأطأ الملك برأسه وهو يضع قطعه الدجاج في فمه, فأشار لها بالشوكة الى صحنها أي(أكملي طعامك)
..
قامت غاضبة لتنحني بسرعه متوجهة الى جناحها فألقت نفسها على السرير وبقيت تفكر حتى داعب النعاس جفونها فنامت على فورها.. لقد كان يوما متعبا بالنسبة لها ,استنزفت الكثير من طاقتها بالغضب .!.
...
..
أما من جهه أخرى فقد كان الخادم مع الطباخ يتمايلان كالسكارى في مجالس الخمور ,مع صوت الضجة الذي يعلو ذلك المكان ..
ليشير الطباخ بسبابته لإحدى فتيات الحفل قائلا لصديقه .."انظر الى تلك يبدو انها اغرمت بك"(بسخرية)
. ..
"هه! ومن يمكن أن تغرم برجل بشع الملامح مثلي.."
..
.."حسنا لربما هي مغرمة بي أنا.."
..
قهقه الخادم عاليا ليقف على طاولة الخمور سكيرا , يشير بكأسه الى صاحبه.."من البلهاء التي ستصاحب صديقي البدين هذا"
..
علت أصوات الضحك عاليا , وأقبلت الفتيات يتمايلن أمام الرجل الخادم ولكنه يبعد كل من تقترب اليه .. حتى في سكرته قلبه حاضر لأميرته فقط..!.
....
...
●●●●●●●●
هل أحداث القصة جيدة!
..هل ناسبت مجرى خيالكم!
..تابعو القصة..💖

ۆحٍـشُ آلُجٍميَلُہة (بْطريَقَة جٍدِيَدِہ)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن