───※ ·❆· ※───
تشرين الثاني ١٩٩٥
ملأت الزغاريد القصر، فاح عبق بتلات الورود الحمراء التي افتُرِشت على اغطية بيضاء ليتم تجفيفها وبعدها يحولونها إلى عطر
رائحة العسل و ماء الزهر و مختلف الحلويات التي كانت تخرج من المطبخ و تجعلنا نشتهي قضمة واحدة
الأقارب الذين انكبوا رفقة صغارهم في القصر يلبون نداء الفرحة، لمحتُ والدتي من النافذة التي كانت في الغرفة المقابلة لي جالسةً صامتة أما زوجة عمي و التي ستصبح حماتي غداً كانت تتكلم مع الخياطة و توضح لها التفصيل الذي تريده
والدي برفقة الشباب يدخلون الخرفان ليتم ذبحها و آخرون يقومون بتزيين القصر بينما كانت زوجة عمي 'بتول' رفقة ابنتها 'سمية' و الخالة 'عزيزة' يحضرون وليمةً على شرف هذا الزواج المنتظرالسعادة والفرحة بسطت نفسها على وجوه الجميع إلا وجهي
كنتُ خائفة، غير سعيدة، غير راضية و رافضة لهذا الزواجبعد أن شب حريق مهول أرض والدي و فسُد كل المحصول، دق الإفلاس بابنا و لحق به الدائنون
ولكن أسوأهم كان ذلك اليوم الذي جاء به عمي عندنا و اقترح على والدي أن يبيع له الأرض التي لا يبلغ ثمنها ديناراً واحداً
و أبي استنكر الموضوع بالطبع كيف له أن يبيع له أرضاً مخربة، ماذا سيقول عنه الناس! أخ وضيع!
ولطيبة قلبه وخوفه من أفواه الناس التي لا تنغلق
أعطاه إياها في صحن من ذهب مقابل لا شيء،
و بالمقابل طلب منا عمي أن نسكن معه بالقصر قائلا أنه كبير و يسعنا جميعاً ليقتنع والدي بوساوِسِه الشيطانية و يقوم بعرض منزلنا للبيع وهكذا يدفع ثمنه للدائنون و ينتهي من المشكلة
لكن لم يكن له أدنى فكرة أنه بإنهاء تلك المشكلة غرق في قاع مشكلة أكبر و أعظم و أسوءبعدها بأسبوع فقط طلب عمي 'سلطان' يدي من والدي لابنه آدم و انا رغم تلك العلاقة التي جمعتني بآدم ورغم محبتي البسيطة له لكنني رفضتُ رفضاً تاماً.. بل طلبتُ من والدي تسجيلي بمدرسة خاصة لأكون نفسي و أقترب خطوة من تحقيق أحلامي
لكن عمي جن جنونه من رفضي لابنه و قام بتغيير قرار والدي لطلبي، بل وصل به الأمر ليقصّ جناحيّ اللذان كنت سأطير بهما مبتعدة عن ذلك المكان الأسود يوماً ما، هو قطع فرصتي للنجاة، انتهك أمانيَ، براءتي، طفولتي
و فعل المستحيل ليقنع والدي 'صلاح الدين' ليزوجني ب'آدم' و يا لأسفاه والدي اقتنع ووافق
أنت تقرأ
مُـشـْْتـَـقَّـةٌ مِـنْ آدم
Romansa- آدم سَيَعُودُ غَداً ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ كَانَتْ كَفِيلَة بِجَعْلِي أُعَانِي مِن صُعُوبَةٍ فِي التَنَفُسْ، الرَّجُل الذِي تَرَكْتُهُ فِي أَسْعَدِ يَوْمٍ فِي حَيَاتِهِ سَيَعُودُ. عِنْدَماَ نَلْتَقِي سَأَكْتَفِي بِالتَحْدِيقِ فِي عَيْنَيْكَ، فعَيْنَايَ...