نفخة روح |عنصر الشخصيات|

||عاهات وتقاليد قصصية||

مكتب نفخة روح للاستشارات الطبية والنفسية، هنا حيث تجد حلًا لمشكلاتك.

فتح عين باب مكتبه الأرجواني متجاوزًا أكوام الأوراق التي تغطي الأرض، توجه نحو مكتبه بحذر، كي لا تنسكب قهوته على الأرض وعندما وصل لمقعده الجلدي أخيرًا وضع كأسه فوق الطاولة، وأخرج من جيب سترته ورقة اقتصها من إحدى الجرائد، التقط قلمًا كان على تلك الطاولة ثم بدأ يحل لعبة الكلمات المتقاطعة.

وقبل أن ينهي كتابة الكلمة الأولى رن هاتف المكتب معلنًا عن أول إتصال لهذا اليوم، استرق  نظرة صوب الساعة قبل أن يجيب؛ فوجد أنها تجاوزت العاشرة بخمس دقائق بالفعل. أخذ نفسًا عميقًا ثم ضغط على الزر الأزرق، تنهد بعمق، ثم تحدث مجيبًا بنبرة رتيبة وكأنما اعتاد على الأمر:

-مرحبًا، هنا نفخة روح حيث نصغي لمشاكلك ونصل معًا للحلول، أو نقدم لك بعض النصائح مع…

قاطعه الصوت القادم من داخل العلبة الرمادية شاكيًا:

-إنه لا يحبني!

-من؟

- زوجي.. إنه لطيف، حنون، مهذب، ولا يتشاجر معي، ما الذي أفعله؟ أنا في حيرة من أمري، قضيت الليل بطوله أبكي عندما مدحني على العشاء.

-مهلًا لحظة! كيف لا يحبك وهو يتصف بكل هذه الصفات الجيدة.

-ألا تفهم، هو لا يتشاجر معي، الأحباء دائمًا يتشاجرون، يفترض به أن يكون باردًا وقاسيًا تمامًا على نقيضي لأني أنا المرحة للغاية.

-حسنًا عزيزتي أوًلا أخرجي من طور الدرامات المبتذلة التي تشربها عقلك، ثانيًا، ليس كل زوجين يفترض بهما أن يكونا نسخة طبق الأصل عما يحدث في القصص، الحب لا يعني أن تتشاجرا، الشجار لم ولن يدل أبدًا على الحب، الشجارات تحدث بين الأحباء نتيجة ظروف يمران بها، لكنها لا تُفتعل مطلقًا. ليس عليك أن تكوني المرحة وهو البارد لتستمر علاقتكما.

-كلا أنت لا تفهم، علاقتنا ليست صحية أبدًا، ما الذي تفهمه في الصحة النفسية على كل حال، لماذا اتصلت بك، كيف تسمي نفسك طبيبًا تفسيًا.

ثم أغلقت الخط في وجهه فتنهد بقلة صبر ثم عاد لكلماته المتقاطعة، وبعد قليل رن الهاتف مجددًا، وكعادته رفع السماعة بهدوء وكرر جملته الترحيبية:

-مرحبًا، هنا نفخة روح حيث نصغي لمشاكلك ونصل معًا للحلول، أو نقدم لك بعض النصائح مع…

-أنت لن تخبر والدي بهذا أليس كذلك؟

أتاه صوت مراهق في الثانوية فرد عين بخبرة:

-بالتأكيد، كل محادثاتنا تخضع لبنود السرية هنا، أنت في أمان.

سمع تنهيدة الصبي المرتاحة فدعى أن تكون هذه الجلسة أفضل من سابقتها.