||موت الشخصية||

489 62 82
                                    

كان عين يقرأ كتابًا ما حينما أصدر هاتفه نغمةً تدل على استلامه لرسالةٍ جديدة، ترك الكتاب من يده وبدأ يقرأ تلك الرسائل، ليتبين أنها من جيم يخبره فيها أنه استلم نتائج امتحاناته، وأنه نجح في كل المواد.

اتصل عين بجيم فور قراءته للرسالة، ليرد الأخير بصوتٍ اخترقته السعادة: عين، هل قرأت الرسالة؟ لقد نجحت في كل المواد حقًا.

- نعم رأيتها، ولديّ هدية صغيرة من أجلك بمناسبة هذا، هل تمانع أخذ إجازة لثلاثة أيام؟ جهّز نفسك وحقيبتك بعد ثلاثة أيام، سآتي لأخذك، لا أعلم متى بالضبط، لكن سأخبرك عندما يتم تحديد الوقت بدقة.

بعد مرور ثلاثة أيام...

- عين، لن يتحدثوا في ذلك الملتقى بلغة إنجليزية، صحيح؟

- كلا جيم، فقد أخبرتك بالفعل أنه ملتقى لنقّاد وأدباء عرب، لمَ قد يتحدثون الانجليزية؟

- لا أعلم، لكنهم إذا فعلوا ذلك؛ فلن أفهم شيئًا مما يقولونه.

- أخبرتك أنهم لن يفعلوا!

قال عين ثم رمى جيم بالوسادة التي كان يحتضنها، وعقّب: والآن انهض واستحم كيلا نتأخر.

قام جيم من مكانه كي يستحم، فاستغل عين الفرصة ليتجهز هو الاخر، وعندما عاد جيم إلى الغرفة، كان عين جاهزًا بالفعل، فقال معلقًا: عين، أصدقني القول، هل سنذهب لذلك الملتقى الأدبي، أم لحفل زفافك؟

- ها ها ها، مضحك جدًا، والآن تجهز أنت الآخر بسرعة قبل أن أختنق، سأنتظرك في الخارج.

انتهى جيم أخيرًا، ثم انطلقا لمكان الحفل، هناك حيث رأى جيم الكثير من الوجوه التي اعتاد رؤيتها خلف الكتب، وأن هناك معرفة قديمة بين أغلبهم وعين، وكيف أن عين كان كل قليلٍ يتوقف ليلقي التحية على هذا أو ليحادث ذاك. مرّ الوقت سريعًا ثم تم الإعلان عن افتتاح القاعة الكُبرى، فبدأ الجميع بالتوجة لها والجلوس كلٌ في مقعده، وهنا بدأ المقدم حديثه، مر الوقت وتفاوتت الوجوه المتحدثة والتي كلها كانت تتناول جانب الشخصية الروائية، ثم جاء دور عين ليلقي محاضرته هو الآخر عندما أذاع المقدم اسمه.

- عين هل ستتحدث؟ ما هذه الخيانة، لمَ لم تخبرني؟

قال جيم ليبتسم له عين، ثم نهض الأخير متوجهًا إلى المسرح، وبعد أن ألقى التحية والمقدمة، دخل في صلب الموضوع متحدثًا: تُعتبر مسألة الموت من أكثر المواضيع الإنسانية إثارة للجدل؛ لما يشكله من ارتباطات وثيقة بحياة الإنسان، ومغزى كينونته في أبعادها الفلسفية والاجتماعية والدينية. البحث عن جمالية الموت في النطاق الأدبي للرواية تحديدًا، يسلط الضوء على البنية الثنائية للموت والحياة التي استلهمها الكاتب من واقعه كإنسان بدرجة أولى مصيره الموت ككل الكائنات الحية، فالسمة الأساسية هي سيطرة الموت على مفاصل الرواية، وامتدادها من فضائها الورقي إلى حقيقة الإنسان.

نفخة روح |عنصر الشخصيات|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن