حدقتاي المنفرجة بشدة كادت أن تقذف
ببندقتيها المحمرة خارجًا بينما سالت دموعي
العنبرية وأنا أحاول تروية رئتاي بالأكسجين بصعوبة
وفي الأصل لم تبقى ذرة منه من بين أدخنة النيران
الغاضبة التي ألهبت كل شيء حولي ولازالت تطلب
المزيد ، أضرب بيداي المرتجفة ذلك الباب الذي
لايزال صامدًا أمامي وكأنه عازم على قتلي كمالكه
ولما لم تكفِ قوتي لزحزحته عن معقله هويت
بجسدي مرتطمة بالأرضية الإسمنتية تحتي الوحيدة
التي لم يصلها غزو النيران بعد ، نازعت روحي أتلوى
كسمكة حديثة الصيد أجرب آخر فرصة لي بالنجاة
مع أني أدرك أنها النهاية وآن أوان الرحيل ، دامت
انتفاضتي لعدة ثواني حاولت خلالها اقتلاع حبل
الدخان الوهمي الذي حاصر رقبتي النحيلة وحبس
أنفاسي العاجزة لأئن بانفعال فحتى صرخاتي كتمت
في جوفي بلا انشراح إلى أن سكن جسدي ومالت
عيناي للإنغلاق فلم أقوى على إطباقها حتى ليحل
الصمت ولا يسمع شيء سوى صوت النيران وهي
تلتهم كل شيء بنهم وأما الرياح فكانت كرشة ملح
على وليمة الحريق ولكن الطبخة لم تنتهي بعد فقد
أفرغت الغيوم السوداء بهمومها فوقها لتكون فرجًا
لي وتخمد تلك الثورة العنيفة وتبصم عليها بنقطة
النهاية لتتسائل الخلائق بحيرة عن أصل قصة
المأساة هذه ليومأ الكون وتستجيب الطبيعة فتمتلئ
الغيوم ثانية بأجنتها النقية وتشتعل النيران مجددًا
ثم تنطفئ رويدًا رويدًا كأنها لم تكن وتحلق الطيور
عكسيًا للوراء وتطفو فوق أعشاشها وأما الأشجار
فعاودت لبس حجابها الأخضر لتعكس عقارب الساعة
وجهتها ويبتدأ مارثون الزمن وتلوح مشاهد حكايتي
في الأفق البعيد منذ عام مضى ، أنا آفرين وزير عالم
سيد ، جيناتي خليط متناقض ما بين الشرق
والغرب ، التحرر والتشدد وما بين العلم والأدب
ليشكلني أنا قالب الأصالة آفري ، قطفت أربع
وعشرون بتلة من زهرة حياتي ، كثيرة التأمل ومحبة
أنت تقرأ
الحروف فسائل العقول
Rastgeleالحروف هي تلك البذور الصغيرة التي تغرس في طينة جسدنا في معقلها الدماغ لتنمو بعدها بماء المبادئ والخلق الرفيع، وتتفرع أغصانها مستمدة قوتها من سماد العلم والمعرفة، ولا ننسى أن نزرعها منذ البداية في أرض الخير دار الإسلام، ومن ثم نوزع شتلاتها في كل مكان...