تحدثِ حتى لا أشعرُ بالوحدة

1.5K 44 4
                                    

كانت تُعدِل من جلستها على المقعد عندما أخرج كلماته مُتقطِعة هادِئة : 

" هل تشعرين بالوحدة للحد الذي ... " 

انقطعت كلماته هنا لتنظر له هازان بِتمعُن لعلها ترى القليل من معاناة هذا الرجل، لكن لم تستطع، كان ينظر للفراغ وكأن لا أحد يوجد امامه وكأنه لا يُحدِثهُا، تجيب : 

" مع الاسف عزيزي دوائُك ليسَ عندي، أنا لم أشعر بالوحدة من قبل " 

بعد انهاء هازان جملتها نظر لها ليتحدث بحزن يخفيه بصعوبة : 

" حسنًا، تحدثِ احكي ما فعلته خلال هذا الشهر " 

ليُكمِل جملته في داخله ' تحدثِ حتى لا أشعر بالوحدة تحدثِ وحسب '، أطلقت ابتسامة لطيفة لتحكي ما عندها، رغم معرفتها بأن هذا لن يُفيده، فهو بعد خروجه من هنا سيذهب ليندس في سريره المليء بالوحدة .

ظلت تتحدث وتثرثر طوال ساعة، سكتت للحظة وهي تنظر لساعة الحائط الموجودة في المقهى، و تخرج الهواء من رئتيها بضيق : 

" لقد انتهت الساعة " 

" و أنا سأذهب " 

" لتعيش وحدتك من جديد " 

قالت كلماتها وهي تنظر لعينيه بدون تردد هذه المرة او خوف، لينظر هو الأخر مباشرتاً لعينيها، و ينصرف بصمت بغيض، تنهدت بانزعاج لتوضيب الطاولة وهي تحدث نفسها : 

" إنه لا يتحدث يطلب مني الحديث طوال الثلاث الأشهر الماضية، كان يأتي ويطلب مني الحديث، أنه إنسان مُمِل كتوم، لو أنه يفعل شيئًا آخر لو أنه يتحدث هو " 

ظلت تعمل إلى أن أنتهى وقت دوامها لتغلق المقهى وتغادر المنزل، دخلت المنزل : 

" مرحبًا أمي، لقد عُدت " 

" أهلًا ابنتي، كيف كان العمل هل كل شيء جيد؟ لا تتعرضين للمضايقة ؟ " 

" آه أمي، لم أعُد صغيرة وأستطيع تدبُر أمري أنا لا أتعرض للمضايقة من أحد الكل يحترمني، و بخصوص الراتب بعد يومين سينتهي الشهر و أستلم الراتب، كل شيء يسير بشكل جيد " 

ابتسمت فضيلة لأبنتها التي أصبحت ناضجة كثيرًا لتقول : 

" آه متى أراكِ مع زوجك .. " 

كانت هازان تشرب الماء بعد سماع كلمات والدتها شرقت وبدأت تكح، اقتربت والدتها تربت على ظهرها وهي تضحك : 

" الله الله ما هذا الكلام يا أمي، أنا و زوج أرى أنك سترى هذا  في أحلامك " 

أطلقت ضحكة استخفاف من كلام والدتها لتذهب لغرفتها، التي كانت تتشاركها مع اختها إيجة، نظرت إيجة لهازان العائدة من العمل وأطلق كلماتها : 

" أختي أريد منك بعض المال ! " 

" ماذا ستفعلين بالمال ؟! " 

قالتها هازان وهي تخلع جاكيتها وتضع حقيبتها على الكرسي، تنفست ايجة بصعوبة لتتحدث بضيق : 

" لقد أخذت دين من فتاة في الجامعة و الأن تُريد مني إعادته وإلى لن تتركني بحالي، هل ستعطيني المال ؟ " 

نظرت هازان لها بتفحص لترى ان كانت كاذبة ام صادقة، حركت رأسها إيجابًا ثم اردفت : 

" كم المبلغ ؟! " 

" ليس بالكثير تستطيعين تدبره خلال يومين إنه ..... " 

*** 

أستيقظت هازان على الساعة السادسة صباحًا، لتذهب وتقوم بعملها فهي المساعدة للمشرف وواجبها أن تكون أول الحاضرين حتى تقوم بفتح المقهى واستقبال الجرائد وتوزيعها على الطاولات . 

وصلت مع بعض العمال لتفتح المقهى و يغير كل واحد منهم ثيابه لزي العمل، بدأت الحياة في المقهى هذا ينظف الطاولات والأخر يعدل النباتات الصغيرة والأخر يجهز القهوة و هناك من يعمل في المطبخ لإعداد وجبات الإفطار البسيطة اللذيذة، تتنقل هازان من طاولة لأخرى وهي تضع عليها الجرائد بشكل انيق . 

*** 

أستيقظ بوجه كئيب، ليغير من ثيابه ويتجه إلى عمله، رن هاتفه مرارًاوتكرارًا في جيب بنطاله إلى أنه لم يُجب عنه .

***

و انهينا البارت الثاني، كيف الاحداث والسرد

رايكم ، و قراءة ممتعة 🌾

لماذا أنا / neden ben | مُكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن