دره

١

_ أنا آسف يا آنسة مش قصدي والله..
_ هو انت تخبط دراعي بعنف كده وتقول لي مش قصدك
_ قلت لحضرتك غصب عني .. يا ريت تبصي قدامك وكفاية كده.
_ تصدق انك قليل الذوق كمان.
_ أوووف .. 
(واقفين في الطابور قدام شباك تذاكر المترو, والدنيا زحمة خالص، وكان حذيفة مستعجل خالص، ومتوتر، وماشي ناحية الطابور مندفع، ووقف في الصف ورا درة)
وفي عز الزحمة كان حذيفة بيحاول يطلع فلوس فكة من جيبه، وعلشان جيوب الجينز ضيقة، كانت أيده مزنوقة وعي قابضة العملات الفكة..
بيشدها بقوة .. أيده خرجت بقوة، وخبطت دراع درة اللي واقفة قدامه بعنف شديد، وخلاها في قمة ثورتها عليه)

الناس اللي واقفة في الصف شايفة أن حذيفة هادي ومحترم، ومستحمل ثورتها، وأكيد فعلا غصب عنه اللي حصل)
الطابور ماشي، لحد ما وصلت درة عند الشباك، وقدمت لموظف تذاكر المترو ٢٠٠ جنيه.
_ مفيش فكة يا آنسة .. ياريت تشوفي تلاتة جنيه فكة
_ مش معايا فكة والله
_ وانا الفكة اللي عندي كلها خلصت .. ياريت تشوفي فكة، وتاخدي جنب من الطابور علشان نشوف غيرك
_ طيب هات تذكرة وانا هستنى جنب الشباك لحد ما تجمع فكة م الناس
_ خلي الفلوس معاكي، واستني شوية، أو تروحي شباك تاني
_ بس هروح شباك تاني، وأقف في الطابور تاني .. انا هستنى هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(درة بتنفخ متضايقة م الموقف، ويتوقف جنب الشباك)
حذيفة بيتقدم ناحية الشباك وبيطلع حق تذكرة تانية من جيبه، وبيطلب تذكرتين من موظف الشباك.
أحد تذكرة، ومشى خطوتين لحد درة، وبمنتهى الجدية قدم لها التذكرة، ومن غير أي ابتسامة.
_اتفضلي تذكرة يا آنسة
_ بتاع ايه تجيب لي تذكرة انت ... ما تبطلوا الحركات البايخة دي.
(حذيفة بيبص لها متضايق، وشافها ماسكة الفون، راح ساب لها التذكرة بين ايدها والفون)
_ التذكرة أهي .. اعملي فيها ما بدا لك .
(مشى حذيفة وساب درة منفعلة أكثر، وماشية وراه)
_ انت يا أستاذ انت .. لو سمحت يا أستاذ
(حذيفة بيجري قدامها، واستخدم تذكرته وعدى، وهي واقفة متضايقة عليه)
_ والله ما انا مستخدماها..

درة فضلت واقفة جنب شباك التذاكر، ومش عايزة بجد تستخدم تذكرة حذيفة، وانتظرت الطابور علشان تتوفر فكة في شباك التذاكر.
(تليفونها بيرن)
_ ألوو .. أيوة يا ماما، أنا في محطة المترو يا ماما بقطع تذكرة .. معلش الدنيا زحمة ومفيش فكة في شباك التذاكر .. مش ناسية يا ماما .. هجيب كل اللي حضرتك طلبتيه معايا حاضر .. باي باي ..
(قفلت تليفونها، وموظف الشباك نادى عليها)
_ هاتي يا آنسة ال 200 جنيه اللي معاكي .. في فكة اتوفرت.
_ ميرسي خالص.
(درة قدمت الفلوس، وأخدت تذكرتها وأخدت الباقي، بعد ما شالت تذكرة حذيفة في شنطتها)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في البيت عند أهل درة، كانت بتحكي لأمها وأبوها عن الموقف اللي ضايقها..
_ انتي غلطانة يا درة .. وتصرفك مع الشاب ده كان سئ جدا .. وأقل حاجة بتوصف بيها إنه قلة ذوق منك
_ يعني انا قليلة الذوق يا بابا؟
_ده الانطباع اللي هتاخده الناس عنك يا بنتي .. لكن أنا عارف الحالة النفسية اللي بتمري  بيها الفترة دي .. علشان كده أنا الوحيد اللي هعذرك
_ بس يا بابا ده شاب سخيف خالص .. يعني خبطني في ايدي ووجعتني أوي، وبعد كده جاي يعمل نفسه بطل وشهم .. وبيديني تذكرة.
_ يا درة انتي دكتورة، والمفروض تكون نظرتك للناس أدق من نظرة بنت لتصرف شاب، الراجل لو سخيف كان رد عليكي ودافع عن نفسه، ولو عايز يعيش دور الشهم كان انتظرك تشكري موقفه، لكن ده سابك ومشي من غير ما يعبرك، يعني عمل الخير ومنتظرش الشكر.
_ يوووه يا بابا بئى، عمرك ما تؤيد موقفي في حاجة.
_ أنا دائما مؤيد لموقفك يا دكتورة .. بس انتي من يوم فسخ خطوبتك، وانتي تصرفاتك عصبية شوية.
_ وليه سيرة فسخ الخطوبة بئى؟
_ انا بفكرك بس انها متأثرة عليكي.
(الأم بتحاول تغير الموضوع)
_  أموت واعرف انتي ليه مستخدمتيش التذكرو، وصممتي تستني الشباك لحد ما اتوفرت فكة.
_ معرفش ليه بصراحة، بس كان الموقف مستفزني
_ يا عيني يا ابني .. الراجل صعب عليا والله، اتبهدل
_ والنبي يا ماما ما تصعبيهاش عليا .. علشان بتأثر بسرعة، ومش بعيد أحس بالندم
(الأب مازحا)
_ يا ريت يا درة تندمي فعلا وتبطلي تقتلي في خلق الله وانتي رايحة وجاية كده.
(درة كشرت .. وظهرت على وشها علامات الندم فعلا)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شقة حذيفة..
كان لسة واصل، وماسك في إيده أكياس فيها أكل، وبينادي على اخواته الصغيرين..
_ فادي .. يا فادي .. يا سراج
(خرج فادي وسراج م الأوضة، طفلين توأم، أعمارهم ما بين ١١ و ١٣ سنة)
_ ايه يا ولاد كنتوا فين.
_ بنتفرج ع الكرتون ا للي نزلتهولنا ع اللاب بتاعك.
_ عجبكم؟
_ اه حلو خالص.
_ طب يلا علشان ناكل
_ هي ماما هتخرج م المستشفى امتى؟!
_ قريب يا فادي إن شاء الله، قريب جدا.
( حذيفة أتأثر خالص بالسؤال ده، لأنه مبعرفش أمه هتخرج م المستشفى امتى .. مبعرفش أن كانت هتخرج لبيتها وأولادها الصغيرين، ولا هتروح من هناك على رب كريم)
كلهم متعلقين بيها، خالص، هيتجننوا عليها، ميعرفوش يعيشوا من غيرها)
فادي وسراج صغيرين خالص، وما شافوش أبوهم لأنه مات وهما لسة في اللفة، وحذيفة بيعتبرها كل حياتهم.
وأختهم ريناد اللي قاعدة معاها في المستشفى، مستحيل تتصور الحياة بدونها..
أسرة صغيرة وبسيطة، لكن سعيدة جدا.. سعيدة بوجودها مع بعض تحت سقف واحد في الشقة الصغيرة دي.
حتى لما حذيفة قدر ياخد شقة أوسع في مكان تاني، أمه رفضت تروح فيها .. وصممت أن الشقة الجديدة تتجهز له علشان يتجوز فيها.
(تليفون حذيفة بيرن, وملامحه اتغيرت لما شاف أن المتصل مديره في الشغل)
_ مساء الخير يا فندم .. أنا بخير الحمدلله .. تمام حضرتك ... للأسف لسة في المستشفى والله، وأختي معاها كمرافق، وانا مع اخواتي الصغيرين في البيت، وبروح لهم الصبح المستشفى اشوف طلباتهم ... معلش يا فندم اسمح لي بيومين كمان لحد ما اطمن على ماما ..
(وش حذيفة بدأ يتغير بعد ما المدير اتكلم معاه بحدة)
_ بص يا حذيفة، معاك يوم بكرة بس، وبعد بكرة تنزل تشوف شغلك، وبعد الشغل تروح لأمك وتقعد مع اخواتك وتعمل اللي انت عايزه..
_ يا فندم .. أهم حاجة متابعتي لماما في النهار
_ أختك معاها اليوم كله يا حذيفة .. منتظرك بعد بكرة
( المدير قفل الفون, وحذيفة بينفخ .. أووووف ... الحمل زاد عليه أكتر)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المستشفى..
الساعة تسعة الصبح ..
حذيفة داخل ومعاه فطار لأخته ريناد، وطلبات أمه..
داخل المستشفى مندفع، مش مركز حواليه..
درة لابسة البلاطة الأبيض ومعلقة السماعة في رقبتها، وبتلف ع الطوارئ..
بترفع عينها، وبتركز فيه من بعيد .. تتأكد إن كان هو صاحب موقف المترو ولا لا..
نادت عليه:
_ لو سمحت .
(بص عليها، افتكرها، قال كلام تمتمة مش مفهوم)
_ يخرب بيتك .. هو انتي .. وكمان دكتورة
)حذيفة سابها ومشي بسرعة خوفا من إنها تكون عايزة تعاتبه إنه رمى لها التذكرة وطنشها امبارح
_ استنى .. استنى .. لو سمحت.
(درة شافت مدير المستشفى .. واستدارت .. ورجعت لطريقها نحو الطوارئ تاني 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كده الحلقة الأولى خلصت من قصة درة
انتظرونا غدا في الحلقة التانية
تأليف/ سيد داود المطعني
تصميم الغلاف/ محمد محمود التريكي لملوم