الفصل الاول

47.5K 618 15
                                    

منذ عامين ...................


سنو وايت .................الجميلة النائمة .............هكذا أطلقوا عليها في المشفى.................نظر لها أحد الأطباء المستجدين بالمشفى وهمس لزميله بمكر ...............ربما تحتاج لقبلة لتخرج من غفوتها .................رمقه الآخر بنظرة حاده .................عزيزي حاول أن تكون ملاكاً للرحمة !!!!!!
منذ الحادث الأليم وهي على نفس الحال ...............تشعر بهمساتهم ............بكاء أمها .............حسرة أبيها ولكنها حقاً لا تستطيع ...........تأبى أن تغادر حلمها الجميل .............فهذا هو المكان الوحيد الذي يوجد به حبيبها ...............حبيبي أشتاق إليك ...........صوتك ..............إبتسامتك الساحرة ...............سحقاً لتلك الأحلام فهي تعطيني كل شئ ولا شئ .............فلمستك الساحرة ليست لها بصمة داخل عالم أحلامي ................نعم كلما إقتربت منك تتبخر كالسراب ...................
إيناس .............إيناس
كان يقف على شاطئ البحر وينادي عليها بصوت مرح
إيناس : خلاص الشط كله عرف إسمي
شريف : وكمان حيعرفوا إنك حبيبتي
إلتفت يداه حول خصرها ليحملها كالأطفال
إيناس : يا مجنون
شريف: كده طيب جبتيه لنفسك
إيناس : حتعمل إيه
شريف : حتشوفي
حملها بقوة و إنطلق بها نحو المياه وأغرق جسدها وهو يضحك بشدة
بمرح ..............نعم كانت تلك لحظاتي معك يا شريف............لحظات من المرح ..............مجرد لحظات فلقد تركتني بعد الزواج بشهر واحد ..............

وهكذا كانت ملامح وجهها تتأرجح بين الإنبساط والإنقباض ..........بسمة ودمعة .............فهي غارقة في بحر من الذكريات وترفض العودة للواقع ..............فالواقع لا يوجد به سوى الحقيقة التي تأبى أن تتعايش معها ....................لقد مات شريف
بجانب الفراش تجلس سيدة باكية .............ملامحها تنبئ بعمر يفوق عمرها الحقيقي ببضع سنوات .............يداها المرتعشة تمسك بمصحف صغير ..........تتمتم بكلمات الرحمن في خشوع وبكاء ....................كانت تغوص في ذاكرتها وتعود لمنزلها الدافئ بعيداً عن برودة المشفى التي تحمل روائح الداء والدواء معاً ................فثريا سيدة مصرية تقليدية ............منزلها هو مملكتها الصغيرة التي طالما إحتضنتها وقدستها لأبلغ الحدود فمجرد أن تدلف للمنزل تشعر بالحميمية والدفئ الصادرة من الحوائط ذات اللون القاتم الذي يذكرك بغروب الشمس............الأثاث العتيق والسجاد الفاخر .......عبق الروائح المميزة الصادرة من مطبخها منبئة بطعام دافئ تشتم طعمه اللذيذ قبل أن تتذوقه............زمت شفتيها وهي تحاول أن تتذكر مملكتها الغالية التي تركتها منذ أيام قابعة بهذا المشفى هي وإبنتها وزوجها تاركة إبنها الأصغر ليعيث في منزلها فساداً ................أغلقت المصحف وإبتسمت بسخرية فهي تشغل نفسها بالتفكير في المنزل ربما لتنسى ولو للحظات ما حل بإبنتها !!!!!

تنهدت ثريا في آسى ثم قالت لزوجها : إيه يا عبد الرحمن الدكتور قالك إيه
عبد الرحمن : بيقول حالة إنهيار عصبي
ثريا باكية : منا عارفة بس إحنا بقالنا أسبوع دلوقتي وهي مش دريانه بحاجه
عبد الرحمن : واخدة مهدئات كتير ..........
ثريا : يا عيني عليكي يا بنتي ملحقتيش تتهني
عبد الرحمن : خلاص بقه يا ثريا ...............إدعيلها
ثريا : بنتي بتضيع مني يا عبد الرحمن .......................أنا خايفة عليها قوي ..............أنا خايفة بعد الشر تحصله
عبد الرحمن : أستغفر الله العظيم يا رب ............يا شيخة حرام عليكي بلاش الفال ده ................إستهدي بالله كده وإقريلها قرآن
ثريا : ونعم بالله ...........طيب يعني هي حتفضل نايمة كده لإمتى

عبد الرحمن : معرفش ..........بس بيقولوا لازم يخففوا جرعات المهدئ لإنها كده مش دريانه بحاجه خالص والدكتور النفسي بعد كده حيساعدها تتقبل اللي حصل
ثريا : أيوه الدوا الزفت ده مخليها زي ما تكون في غيبوبة
عبد الرحمن : مضطرين يا ثريا ............إنتي نسيتي حالة بنتك كانت عاملة إزاي بعد ما مات ..............

ثريا : متفكرنيش ...............متفكرنيش أبوس إيدك
عبد الرحمن : لا حول ولا قوة إلا بالله .................يارب صبرها وصبرنا ...............أنا حاروح أصلي العصر على بال ما الدكتور يجي
ثريا : إدعيلها يا أبو أيمن
عبد الرحمن : بدعيلها في كل وقت .................يارب ألطف بيها وبينا .............يا رب
كان عبد الرحمن والد إيناس موظف بالمعاش ............ميسور الحال يعيش بشقة متواضعة بحي العجوزة ............لديه من الأبناء ثلاثة إيناس وأيمن ومصطفى ..............الأكبر أيمن تخرج من كلية هندسة وتزوج وسافر منذ سنوات لإحدى الدول العربية وعصفورته الوسطى إيناس تخرجت منذ أشهر قليلة من كلية الطب البيطري والأصغر مصطفى طالب بكلية التجارة
وُلد حب شريف وإيناس منذ عدة سنوات ............عندما قطن شريف بالشقة المقابلة لشقتهم ............شاب من أحد المدن الصغيرة المجاورة للقاهرة ذو خلق دمث وحال ميسور.......... إستأجر تلك الشقة بعد أن إنتقل للعمل في القاهرة ...............لفتت نظرة تلك الشابة رقيقة الملامح ............خجولة للغاية .............. إعتاد ان يراها يومياً في الصباح وهي متوجه للجامعة ...............سلبت لبه وأصبحت ملكة أحلامه وشغل هو تفكيرها بإبتسامته الساحرة التي إعتاد أن يُحييها بها كلما رآها ...........قصة حب بدأت وإستمرت لسنوات وكللت بالزواج .............زواج لم يدم سوى شهر واحد لينتهي بأسوأ خبر .............نعم صدمته سيارة وإنتهت حياته مع توقف صوت جهاز ضربات القلب بغرفة العناية المركزة ...............لتسقط هي الأخرى بعد حالة شديدة من الإنهيار .........وتبدأ رحلة العلاج النفسي في محاولة لتجميع بقايا إنسانة .........


همس الجياد بقلم /مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن