أغلقت الهاتف ربما للمرة العاشرة بعد إنتهاء المكالمة مع أمها................ نظرت للساعة فوجدتها قد قاربت على الخامسة والنصف مساءاً ..............خلعت حذائها وإستلقت لوهلة على الأريكة وبدأ النعاس يداعب أهدابها ولكنها آثرت أن تخرج للحديقة ربما لتملأ رئتيها بنفحات من الهواء النقي وتمتع نظرها بمنظر مميز للغروب ................كانت الحديقة محاطة بسور أنيق من خشب الأرز وقد تزين السور بحرفية ببعض النباتات المتسلقة فأعطته مظهراً خلاباً
لم يكن سوراً عالياً بل تستطيع من خلاله رؤية السيارت الصغيرة التي تتحرك بخفة على الطريق العام وقد بدت أضواءها كشموس صغيرة وُلدت بعض أن خفت ضوء الشمس الأم وإقتربت من الغرق في رمال الصحراء الواسعة وهي تودع السماء لتتركها وقد إمتزجت بها ألوان الطيف بإبداع حتى تمكنت منها حمرة الشفق قبل أن يجنح الليل بظلامه فيعلن بثقة عن إنتهاء العرض !!!!
لم تشعر بنفسها إلا وهي مستلقية على الحشائش الخضراء وكأن جسدها وروحها أبوا أن يظلوا في مقاعد المشاهدين فإنطلقت روحها تحوم في اللوحة الفنية المتجسدة أمام عيناها وأمتزج جسدها بجاذبية الأرض يستشعر دفئها ويحتضن أديمها بشوق .
ودت لو أكملت ليلتها بتلك البقعة ربما لتستمع بعرض آخر حيث يكون القمر هو بطل المساء ببريقه الفضي وكأنه يعلن عن بريق من الأمل ليخبرنا أن الضوء لم يخفت للأبد وأنه سيعود من جديد ......................
وهكذا تركت إيناس موضعها وإتجهت لغرفة نومها أخرجت غنيمتها من الحقيبة .............. نعم تلك المغامرة الليلية التي قامت بها قبل أن تترك المنزل .............وعلى الرغم من تأكيد والدتها لها أنها لن تتخلص من أي من متعلقات شريف وعلى الرغم من إرتعاش يديها وتباطئ خطواتها وهي تتجه نحو الشقة التي لم تخطوها منذ الحادث إلا أنها كان يجب أن تحصل على ما تسعى إليه ..............ودون أن يشعر أحد تسللت حافية بخطوات مرتجفة نحو خزينته وأخرجت ما يحمل رائحة أنفاسه أو ربما ما يحمل بقاياها ..............
إحتضنت قميصه بشغف وخطت بثقة نحو أحلامها منتظرة لقاءه .**********************
كانت الساعة قد قاربت على السابعة مساءاً عندما دق المنبه ليعلن عن بدء يوم جديد ................قام حسن متكاسلاً نحو الحمام وقد أعدته له زوجته كعادتها كل صباح فكانت المياه الساخنة تتدفق بسخاء داخل حوض الإستحمام وقامت بتعليق مئزره المعطر ثم تركته ينعم بحمام هادئ وإنطلقت لتجهيز مائدة الإفطار .
كان حسن يتصفح الجريدة عندما سألته وهي تسكب له بعض الشاي : تحب تتغدى إيه النهارده
حسن دون أن ينظر نحوها : أي حاجه
رقية : حتروح على المصنع
حسن : لأ على المكتب هنا علشان أسلم إيناس شغلها الأول
رقية : علطول كده
حسن : طبعاً وإنتي عارف خالد بيهتم قوي بكل حاجة تخص الخيل ولازم يتأكد إن اللي بيحط نسب الفيتامينات ومتابع مواعيد المقويات والتطعيمات دكتور مختص
رقية : إنت حتقولي لا ويكون متفرغ كمان
حسن : هو دماغه كده بس برده هو بيدفع مرتبات كويسة ولو إجتهدت حيدفع أكثر
رقية : إنت عارف المقابل المادي مش هو سبب وجودها
حسن : اممممممممم ...........عارف وإنتي حتبدئي تراقبيها من إمتى
رقية بإنزعاج : أراقبها !!!! كده يا حسن
حسن : هههههههه يا ستي مش قصدي ..........مش أخوكي قالك تاخدي بالك منها
رقية : في فرق بين إني آخد بالي منها وبين إني أراقبها ..........وبعدين أنا فعلا صعبانه عليا البنت لسه صغيرة على الهم ده
حسن : بس أنا مش شايفها مهمومة للدرجة دي ده كمان لابسة ملون عادي يعني
رقية : علي أخويا هو اللي شدد عليهم إنها مش تلبس أسمر وترجع تلبس عادي بسرعة ده كان في كورس علاجها ده غير أصلاً إن حداد الست على جوزها أربع شهور حسب الدين والشرع والباقي ده أعراف وعادات وبعدين مش بيقولوا الحزن في القلب
حسن : طيب خلاص خلاص هي عينتك المحامي بتاعها ولا إيه
رقية : لأ يا سيدي معينتنيش المحامي بتاعها
صمتت رقية قليلاً ثم تابعت بنبرة ألم : أصعب أنواع الحزن لما ترسم ضحكة كدابة على وشك للناس وتحتفظ بالهم لنفسك
قالت جملتها ثم رمقته بنظرة ذات مغزى إرتبك قليلاً وجفف عرقه ثم قبلها على جبهتها و قال لها بنبرة حانية : طول عمرك بتقرأي الناس صح يا حبيبتي وأولهم أنا علشان كده مقدرش أعيش من غيرك
إنسحب بلباقة ليتجه لعمله وتركت بعدها هي المجال لعبراتها الساخنة ...............
أنت تقرأ
همس الجياد بقلم /مروه جمال
Romanceعندما أصبح هروبي بداية وعشقي خطيئة أصبح منبع سعادتي هو سر ألمي زهدت الكلمات وتحولت حياتي لمجرد همسات مع الكائن الوحيد الذي لا يجرح نعم.......همساتي لتلك الجياد فأصبحت حياتي ........همس الجياد مواقف كتير قوي في حياتنا بنحس إنها مرت علينا قبل كده...