الفصل الأول

147K 3.8K 260
                                    

احتيال وغرام

الفصل الأول :-

في قصر واسع ينم عن الرفاهيه التي أمتلكها أصحابه...
جلس " بدر الجمّال" مشدود الوجه متجهم وكأنهم يغرزون وتدًا بقلبه أمام المأذون الذي كان يعقد قرانه على كتلة الغرور ذات الخصلات النارية، تلك الفتاة التي يكرهها ويمقت كل صفاتها " أيسل الرافعي"...
ظل يراقب ملامحها عله يجد بها حزن او إنكسار ولكنها كانت ثابتة هادئة تحمل بريقًا غريبًا لا يدري مصدر توهجه أهي السعادة ام القهر المكتوم، ولكن على أي حال تبدو صامدة ليس وكأنها اُجبرت على هذه الزيجة !!...

عاد بذاكرته لذلك اليوم الذي طلبت فيه والدتها أن يتزوج أبنتها...

فلاش باك##

-قولي يا ست فاطمة شغل إيه ؟
قالها " بدر" بتركيز مُسلطًا سوداوتاه على السيدة الحنون التي ربت أيسل بعد أن وجدتها شريدة في الشارع دون أهل...!
تنهدت "فاطمة" متفحصة كامل هيئته.. بدءًا من شعره الاسود الغزير الناعم وسمار بشرته الرجولية الحادة.. هبوطًا لجسده الطبيعي بالنسبة لرجل في منتصف الثلاثينات من عمره..!
ثم قالت بنبرة عملية جافة:
-انا كنت عرفت في مرة إنك عليك ديون، وتقريبًا أنت بتحاول تسدها، صح؟
اومأ برأسه على مضض دون رد.. وعاد ينظر لها بأعين تنبض حدة قبل أن يسألها:
-وده إيه علاقته بالشغل اللي حضرتك قولتي عليه؟
قالت دون مقدمات:
-مهو الشغل ده إنك تتجوز أيسل وفي المقابل هساعدك تسد ديونك، لازم تكتب كتابك عليها وإلا بنتي هتضيع مني، أهلها اللي رفضوا يقابلوني زمان عشان ياخدوا بنتهم اللي تاهت، جايين دلوقتي لما شافوها يفتكروا إن ليهم بنت كبيرة وحلوة عشان يشغلوها معاهم في الكباريه المقرف اللي هما شغالين فيه وبيهددوني يجبولي البوليس ويقولوا اني خطفاها من زمان لما كانت طفلة 4 سنين !
لم يبدو لها بدر متأثرًا كثيرًا إذ ظل محافظًا على جفاف ملامحه من شتى التعبيرات...
لتتابـع بنبرة حملت توسلًا خافتًا:
-ماقداميش حل غير ده، ساعتها حتى البوليس مش هيقدر يعملهم حاجة
رفع " بدر" كتفاه معًا وقال مستنكرًا بنبرة أجشة:
-حضرتك ماشاء الله مش ناقصة فلوس وممكن أي حد من معارفك يخلصلك الحوار ده!!

هزت رأسها نافية بشيء من اليأس:
-لأ، انا ماضمنش يا بدر، مش كل حاجة بتمشي بالفلوس! دي بنتهم فعلاً وممكن يثبتوها عليا إني خطفتها زمان وخبيتها عنهم وياخدوها من حضني ساعتها ممكن يجرالي حاجة
لانت ملامح بدر نوعًا ما وكأنها استطاعت إمالة عقله الجامد بمبرراتها، فسألته بلهفة:
-ها قولت إيه؟ هتساعدني وأساعدك، وهيبقى مجرد كتب كتاب وجواز ظاهري بس لمدة قليلة جدًا !
ثوانٍ من الصمت مرت ولسانه ثقيل بحروف تتنازع نزعًا للخروج من بين شفتاه المشدودة بقسوة وهو يبتسم ساخرًا في استنكار:
-ويا ترى الهانم الصغيرة عارفة إنها هتتجوز نجار بيجي يشتغل في القصر بتاعهم؟
زفرت مطولة بعمق.. وببسمة حانية على ذكر سيرة أيسل أردفت بهدوء:
-متقلقش، أنا بعمل ده لمصلحة أيسل وهي هتفهم ده كويس
نهضت مقتربة منه تربت على كتفه برفق، ثم لانت نبرتها كثيرًا وهي تخبره:
-خد وقتك في التفكير يا بدر، وحقك ترفض بس افتكر إن أنا محتاجة مساعدتك
اومأ بدر موافقًا برأسه، ثم نهض يعدل من ملابسه مغمغمًا بصوت أجش:
-بعد اذنك يا ست فاطمة
ثم غادر بصمت تام تتابعه فاطمة بعيناها... ذاك الرجل منذ أول يوم رأته وهو يثير إعجابها بشخصيته الرجولية الجذابة المنغلقة... الغريبة الحازمة !
يبدو كجوزة الهند قاسية خارجيًا ولكنها لينة.. لينة جدًا من الداخل...
وبما أن مُدللتها الصغيرة تعشق الصعوبات والتحديات لم تجد سوى ذلك الجلف لتُعجب به وهو الذي لا يعيرها أدنى اهتمام..!!

 " احتيال وغرام " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن