الفصل الثاني والثالث

83.3K 3.1K 257
                                    

احتيال وغرام

الفصل الثاني :-

صباح اليوم التالي.....

وصل كلاً من "مريم" و "بدر"، وقد كانت مريم تحاوط ذراع بدر بقوة وكأنه سيهرب منها في أي لحظة، وما إن اقتربا من بوابة القصر حتى استوقفته مريم للحظة تهمس له بقلق مصطنع:
-بدر انا خايفة
فربت على ذراعها بحنان فطري وهو يخبرها:
-متخافيش طول ما أنا معاكي
-خليك جمبي طول ما احنا جوه اوعى تسبني لوحدي معاهم
قالتها بنفس النبرة التي تجد صداها بين ثنايا قلبه الحاني والذي لطالما كان مضجع عشقه لها...
-حاضر متقلقيش
قالها وهو يومئ مؤكدًا برأسه، وبالفعل دلفا سويًا للقصر، ليجدا "أيسل ووالدتها" تجلسان بصمت وكأنهما منهكتان بعد نقاش حاد...

وقفت فاطمة تزفر بعمق ما إن رأتهما، للحظة تخيلت إختفاء بدر بسبب تلك الفتاة وما يليه من مصائب فشعرت بجسدها كله يثلج بشعور بارد قاسي من الذعر...
حاولت رسم ابتسامة هادئة على ثغرها وهي تردد بترحيب:
-اتفضلوا نورتوا
في البداية كانت عينـا مريم على أيسل، تتفحصها بدقة غير مبالية بمن حولها، الحقد أظلم عيناها كغيوم مُلبدة، اقترب إنتقامها كثيرًا.... اقترب ذلك اليوم الذي ستقتلع فيه روحها لتحاوطها بشبح حقدها الأسود الذي لن يفارقها يومًا حتى يُزهقها...!
استدركت مريم نفسها سريعًا، لتقترب من فاطمة راسمة تلك الابتسامة البريئة المُستهلكة في خداع بدر، ثم قالت برقة:
-ده نور حضرتك، ازي حضرتك يا طنط؟؟
اومأت فاطمة برأسها متمتمة برفق:
-بخير يا حبيبتي، ازيك انتي؟
-الحمدلله بخير
ردت في هدوء ثم ظهر الحرج مستلًا قيادة تعبيراتها الماكرة وهي تغمغم بصوت منخفض نوعًا ما :
-أنا عارفة إني هتقل عليكم الفترة دي، أسفة بجد لكن والله حاولت اتأقلم على إني افضل لوحدي بس مقدرتش
فهزت فاطمة رأسها نافية بسرعة:
-لا طبعًا ما تقوليش كده، أنا اكتر حاجة تفرحني إن ضيف يجي بيتي
تلوى ثغرها بتلك الابتسامة المصطنعة، ثم اقتربت من بدر الذي كان واقفًا بصمت لتحاوط ذراعه مرة اخرى ولكن هذه المرة بتملك ازداد ثورانًا وتأججًا في وجود غريمتها، لتتابـع بعدها بمكر انثوي:
-اصل انا وبدر مش بنسيب بعض ابدًا طول اليوم إلا لما يروح الشغل، فمبقتش بقدر أقضي يوم من غيره
اومأت فاطمة بشبه ابتسامة مُجاملة وهي تردد:
-ربنا يخليكم لبعض
-يارب
بينما أيسل كانت تحدق بهم بعينان مشتعلتان بجحيم الغيرة الذي أهلكت فقاقيعه روحها..!
ثم نهضت تنوي المغادرة إلا أن مريم استوقفتها قائلة ببرود خبيثة:
-انتي بقا أيسل صح؟
استدارت لها أيسل تعقد ذراعاها معًا وهي ترمقها بنظرة ذات مغزى مجيبة بنفس البرود:
-ايوه أنا أيسل صاحبة القصر اللي إنتي واقفة فيه ده
تلوت ملامحها كجلد الثعبان لتتغير للتأثر المصطنع وهي تتشدق بـ:
-كان نفسي نتقابل في ظروف أحسن من كده، انا عارفة إنك مضايقة إنك اضطريتي تجبري حد يتجوزك، لكن فعلًا مفيش حل غير ده، انا لو مكانك كنت عملت كده!
اقتربت منها أيسل بخطوات بطيئة، ترميها بنظرة حادة شعرت بها تنخر عظامها من قسوتها، لتردف بحروف بطيئة قتلت تلك الهالة من البرود التي كانت تحاوطها لتظهر باطنها الذي يغلي كالمرجل:
-مش أيسل الرافعي اللي تجبر حد يتجوزها، اديكي قولتي أنتي مش انا ! إنما أنا أخلي أي راجل يتجنن عشان يتجوزني مش العكس
حينها تدخل بدر في الحوار مغمغمًا بنبرة رجولية عميقة ونظراته المُظلمة مثبتة على أيسل:
-أي راجل مش انا يا أيسل هانم !!
تأرجحت نظراتها ما بين السخرية والغضب.... تشعر بالتحدي يغرس مخالبه في أعمق نقطة داخلها.
ثم اومأت برأسها بكلمة كانت بمثابة قسم سيظل معلقًا بينهما حتى يصبح قلبه بين قبضتها فيسقط ذلك القسم:
-هنشوف يا بدر
ما إن أنهت كلمتها حتى إنصرفت لم تنتظر كلمة اخرى، بينما فاطمة حاولت التبرير بكلمات مقتضبة:
-انتوا اكيد عاذرين أيسل، اللي بيحصلها كله مرة واحدة مش شوية!
اومأت مريم برأسها مؤكدة وبابتسامة مُجعدة يكاد الحقد ينفجر من بين ثناياها ردت:
-اه طبعًا يا طنط، ربنا يقويها على ما بلاها !

 " احتيال وغرام " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن