الفصل التاسع عشر " الأخير " ⁦

78.4K 3K 316
                                    

احتيال وغرام

الفصل التاسع عشر ( الأخير ) :-

بعد مرور ثلاث أسابيع....

خرجت ليال من المرحاض تجفف وجهها بعد عودتها من الخارج، وتلك الابتسامة اللامعة تشرق ملامحها... حتى تلك اللحظة لا تصدق نتيجة التحليل التي أكدت أنها.... حامل!
نبضة هادرة عنيفة سيطرت على كلها وهي تحيط بطنها بيدها، وذلك الشعور اللذيذ الرائع ينثر وهجه الساطع بين ثناياها... يا الهي.. تحمل قطعة منه بين احشائها.. قطعة ستصبح القفل المتين الذي سيُحيط قلبيهما ليحفظ تلك العلاقة بعيدًا عن صدئ الماضي....

توجهت نحو يونس الذي كان جالس ممسكًا باللابتوب الخاص به يعمل بتركيز، لتتنحنح وهي تجلس جواره مباشرةً متمتمة بصوت خافت:
-يونس
فهمهم وتركيزه مُسلط على ما يفعله، فأكملت ليال بغيظ لأنه حتى لم ينظر لها:
-يونس ركز معايا شوية
فرمى نظرة خاطفة نحوها وهو يعود ببصره لما يفعل وتمتم في هدوء:
-ايوه معاكي اهوه يا حبيبتي
فكزت ليال على أسنانها ثم انتشلت "اللابتوب" من بين يداه لتغلقه وهي تقول من بين أسنانها بحنق:
-اهوووه اللي مش مخليك تركز معايا، ركز معايا بقا لو مفيهاش اساءة ادب
فزفر يونس على مهل وهو يستدير نحوها يسألها برقة محاولاً امتصاص غيظها وغضبها:
-معاكي يا حبيبتي، في إيه لكل ده؟!
فنهضت ليال لتقف امامه مباشرةً، ثم وضعت كفها على بطنها تتحسسه ببطء وتلك البسمة المُثقلة بالمشاعر تعود لتستوطن ثغرها، ولكن سرعان ما مُحيت تلك الابتسامة حينما سمعت يونس يردد قاصدًا مشاكستها:
-إيه ده، كرش ؟! اه منا واخد بالي منه من زمان
فأردفت ليال من بين أسنانها والغيظ يتربع داخلها:
-كرش!! هو ده اللي لفت نظرك؟!
ثم نظرت لبطنها وهي تتلمسها من جديد ليهز يونس رأسه يتابع وهو يضرب كفًا على كف بنبرة مشاغبة:
-طب والله كرش، يابنتي لو عامله رچيم والمفروض أقولك الكرش راح نبهيني طيب!
لتزمجر ليال فيه بانفعال وهي تحيط عنقه وكأنها على وشك قتله في التو:
-لأ انت فاكرني رقيقة ده انا قتالة قتلة
فضحك يونس وهو يتلقفها بين أحضانه مردفًا من وسط ضحكاته بنفس النبرة الشقية التي استفزتها:
-اهدي بس يا حبيبتي، الكرش علامة من علامات الجمال برضو
لتصرخ فيه ليال بحنق طفولي وهي على وشك البكاء:
-أنا حامل.. حامل يا أبو النباهه يا عديم الرومانسية والاحساس والمشاعر!
ليتجمد يونس مكانه وتلك الهالة العنيفة من المشاعر تضربه مرة واحدة ليشعر بها كصاعق كهربائي أصاب بؤرة جوارحه.... هو راوده شك حينما تحسست بطنها ولكنه لم يتيقن... ولكن حينما تيقن.... أحس أن كل ذرة به تصرخ كالبوق في احد الحروب لتهلل بفرحة معلنة أحد اهم سطوره في صفحة هذه الحياه...!

فنهض من الأريكة، ينظر نحو بطنها تارة ونحو وجهها تارة وهو يسألها وقسماته تصرخ عدم تصديق وسعادة هل طيفها على الأبواب:
-انتي بتتكلمي جد؟! حامل حامل يعني؟
فأومأت ليال مؤكدة بحماس طفولي وابتسامة حلوة واسعة وهي ترى تلك اللمعة تضوي كالقمر في ليلة مُظلمة:
-ايوه والله العظيم حامل وبعد ٨ شهور بالظبط هتبقى ابو يزيد
ودون مقدمات كان يونس يحملها ليدور بها بسرعة بجنون... وضحكاتهما تتعالى لتنشر البهجة في ارجاء الغرفة لتعلن أن الفرح الذي كان يستوطن حياتهم... قد تم تتويجه عليها في تلك اللحظات...!
ثم أنزلها يونس ارضًا لتقفز وهي تصفق صارخة بفرحة طفولية عارمة والسعادة والحماس قد وصلت اقصاها حد السماء:
-هنغير يونس وهتبقى ابو يزيد واخيرًا !
فأمسكها يونس بسرعة من كتفاها يُثبتها مكانها ثم حذرها بنبرة أجشة لم يخلو منها القلق:
-بت! متعمليش زي الفرقعلوز كده واهدي دلوقتي يزيد بيه يونس باشا هنا
قال اخر كلماته وهو يهبط على ركبتاه ليصبح وجهه امام بطنها مباشرةً، وتحركت يده المرتعشة لتحط على بطنها... هنا... حيث طفلهما.. هنا بذرة السعادة التي غابت عن ارض واقعهما طويلاً.... بدا وكأنه يتحسس تلك السعادة... يشعر برجفتها وكأنه تلمس احدى الشهب في السماء العالية....
بينما ليال غمغمت مستنكرة بحنق:
-انا زي الفرقعلوز يا يونس؟! من اولها بتسخر مني ومن مشاعري عشان ابنك؟
لينهض يونس مبتسمًا ثم أمسك يدها ليلثم باطنها بعمق جعل فراشات عاطفية تداعب احشاء ليال التي سرعان ما استكانت ملامحها خاصةً وهو يستطرد بصوت مبحوح من فرط العاطفة:
-مقدرش يا بطتي، ربنا يعلم إن فرحتي عشان هو منك انتي!
فرفعت ليال يداها تحيط وجهه الأسمر وإبهامها يتحسس ذقنه النامية ببطء.. بينما عيناها تأججت بتلك العاطفة التي استوطنت كل خلية بها لتحرقها بشغف ذلك الشعور.... وهمست بنعومة تتوهج عشقًا وشغفًا:
-متتصورش أنا ازاي كنت بحلم باليوم اللي فيه هتبقى حتة منك جوايا.. مكنتش متخيلة لو كان أبوه حد غيرك كنت هبقى فرحانة ولا لأ!
كلماتها غذت ذلك الرجل البدائي المُتملك الغيور المُفعم بالعاطفة العنيفة داخله، لتقبض يده على خصرها تلقائيًا وهو يجذبها نحوه بقوة جعلتها تأن في خفوت ليصبح وجهها أمام وجهه مباشرةً... أنفاسه الهادرة العنيفة تلفح ملامحها البيضاء المتوردة ليقول من بين أسنانه بانفعال عاطفي وهو يضغط على خصرها اكثر دون أن يشعر:
-مينفعش اصلاً تتخيلي مجرد تخيل إنه يبقى من راجل تاني، انتي ليا انا بس.. في الواقع وفي الخيال انتي ليا انا بس، فاهمة؟
اومأت ليال مؤكدة متجاهلة الألم الطفيف في خصرها، فتلك النشوة التي تبعثر كيانها فرحة ما إن ترى غيرته تُنسيها اي شعور آخر...
فيما جلس يونس ثم أجلسها على قدمه، ثم رفع يونس يده ليُحيط جانب وجهها واقترب بوجهه ليلثم وجنتها بقوة ثم ابتعد ليهمس بخشونة تماوجت بها تلك المشاعر الفياضة:
-انتي نصيبي.. نصيبي الجميل اللي كان متشال ليا بس انا بغبائي كنت ماسك في التقليد وسايب الجمال الأصلي اللي ربنا اختارهولي!
ثم تحركت شفتاه تنوي لقاء شفتاها لتؤكد لها صدق تلك الحروف الشغوفة... وحينما اوشكت شفتاه على مس شفتاها سمعوا صوت "قاسم" يصدح عاليًا وهو ينادي يونس، لتنتفض ليال مبتعدة عنه تهمس بتوتر:
-ده عمو قاسم
فاستغفر يونس بصوت منخفض ووالده يقطع عليه اهم لحظاته التي يحترق شوقًا لها، ثم اخبرها بصوت اجش:
-اه ماهو المفروض كان مستنيني انزله
حينها عادت ليال خطوتان بعيدًا عنه وهي تقول مبتسمة برقة:
-طب خلاص انزل شوفه واهو بالمرة تفرحه بالخبر اللي هو مستنيه
فغمزها يونس بطرف عيناه مرددًا بعبث:
-طب مفيش Kiss كده وانا نازل
لتقرر ليال مشاكسته كما فعل بها وأغاظها، فهزت رأسها وهي تشير نحو الداخل بدلال فطري:
-في كيس زبالة اسود جوه خده وأنت نازل!
ليجذبها يونس له حتى أصبحت شبه ملتصقة به ثم قال ليخبرها بنبرة ماكرة شقية:
-لا يا بطتي في فرق بين الاتنين، شكلك مش عارفه وأنا هعرفهملك عملي حالاً، الkiss دي اللي بتتخطف من الشفايف زي اللي هموت واخدها دي اما الكيس ده خليهولك وقت حوجة!

 " احتيال وغرام " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن