الفصل الحادي عشر

76.9K 2.9K 236
                                    

احتيال وغرام

الفصل الحادي عشر :-

ودون مقدمات فُتح الباب فجأة فشعرت ليال للحظة أن الحظ قد أحكم عقدتها ووضع نقطة النهاية في صفحتها قبل أن تستطع حل تلك العقدة التي تحط كالشبح على مضجع مشاعر يونس...!!
ثم أخذت شهيقًا عاليًا وكأن الروح عادت لها مرة اخرى ما إن رأت أن الذي دخل وبالتأكيد سمعها لم يكن سوى حماها العزيز "قاسم"...

اقترب منها بملامح متجهمه تحكي عن حنق وغضب ذكرها بغضب آخر يشابهه ظاهريًا ولكن الآخر يحمل في باطنه جمرات سوداء من شدة سعيرها وإحمرارها.. فسرعان ما قالت مبررة بتوتر:
-أقعد اسمعني الأول وبعدين أحكم يا عمو
جلس "قاسم" على الأريكة مستندًا على عصاه وهو يتنهد مهمهمًا لها:
-اسمعيني أنتي الاول يا ليال
اومأت له ليال بطاعة وجلست جواره، ليهتف هو بصوت مشدود وصلب:
-أنا كنت ببررلك اللي عملتيه وبقول بتحبه وفكرت إنك أنتي اللي عملتي كده، لكن تورطي نفسك مع واحدة متعرفيش أصلها ولا فصلها، واحدة خبيثة ومكارة زي التعلب ده يبقى غباء منك!
طأطأت ليال رأسها ارضًا وكلامه يدور بعقلها، ربما يكون كلامه صحيحًا... ربما يكون ما فعلته غباء..ولكنه كان أقرب باب لأرض الأحلام التي تمنت أن تجمعها ويونس في جبعتها....!
رفعت رأسها بعدها لتقول مفكرة:
-هي كده كده كانت هتعمل نفس اللي حصل لكن هتخلي واحدة غيري تعمله، ساعتها كنت هفضل ندمانة طول عمري يا عمو
تسللت تلك الابتسامة المُشفقة على ثغره المجعد وهو يخبرها بأسف:
-ولو، بس الواحدة دي ماكنتش هتتعب زيك ولا كان يونس هيفرق معاها
ثم ركز نظراته على ليال ليسألها منتبهًا لما سمعه منذ دقائق:
-لما قولتيلها انا ممكن أقول ليونس قالتلك إيه؟
إبتلعت ليال ريقها محاولة إزاحة ذلك الحجر الثقيل عن لسانها حينما تذكرت ذلك التهديد الذي اصبح من اضغاث أحلامها.. ثم هتفت بصوت واهن:
-قالتلي مش هشوف بابا تاني ابدًا، يعني بالمختصر المفيد ممكن تقتله !
إتسعت حدقتا "قاسم" ذهولاً... لم يتوقع أن جبروت تلك المرأة يمكن أن يصل إلى حد القتل... القتل !!!!!
هل محى جبروتها الشعرة الفاصلة بينها وبين إنسانيتها بتلك السهولة ؟!...

رفع أنظاره لـ ليال التي تابعت بنبرة مختنقة وكأنها تهدئ غضب تلك الطفلة داخلها التي لا تكره سوى ذلك القاسي المدعو بوالدها:
-أنا مبحهوش وبكره قسوته وجحوده اه، لكن مقدرش أخليه يموت وكمان بسببي! هو أخر حاجة متبقيالي في الدنيا دي يا عمو، لو راحت ليال هتروح معاها خالص.. أحيانا بتكون باقيالك حاجة قديمة ومتهالكة بس بتفضل محتفظ بيها مبتقدرش ترميها... أنا علاقتي بيه كده.. حتى لو كان وحش وفيه كل العبر... مش قادرة أتمناله الموت، ده شيء غصب عني، حتى لو كل يوم بقول لنفسي إني بكرهه، بس ده أبويا... هو اللي جابني على الدنيا دي، أقوم انا اخدها منه؟!، حتى لو اسوء شخص في الدنيا هطيعه زي ما ربنا أمرني وهو قادر يهديه عليا

تراقصت تلك الابتسامة الحانية التي يخصها بها على شفتاه وهو يربت على كتفها في حنو ويغمغم بفخر:
-هي دي ليال.. لو كنتي فكرتي في غير كده أصلاً كنتي هتنزلي من نظري، اللي مالهوش خير في أهله ملهوش خير في أي حاجة يا حبيبتي
اومأت ليال مؤكدة برأسها، فقال قاسم بعدها معيرًا إياها كافة إنتباهه:
-عايزك بقا تحكيلي هي ازاي اتفقت معاكي اصلاً وإيه اللي حصل اليوم اياه..
اومأت ليال موافقة برأسها ولكنها سألته اولاً:
-عمو هو أنت كنت عارف إن يونس معملش فيا حاجة من البداية صح؟
ابتسم قاسم وهو يخبرها بصدق:
-مش بالظبط، كان جوايا شعور بكده، بس كان لازم أصدقك مكنش ينفع يبقى في احتمالية إني اكذبك واظلمك!، خلينا في موضوعنا يلا احكيلي
-حاضر
قالتها ليال وقد تنهدت وهي تسترجع بذاكرتها ذاك اليوم الذي قلب القدر فيه صفحة من حياتها ليضعها على أولى سطور صفحة اخرى بحكاية اخرى.........

 " احتيال وغرام " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن