الفصل الخامس عشر

70.1K 2.5K 151
                                    

احتيال وغرام

الفصل الخامس عشر :-

لحظات شعر فيهم يونس أن الزمن توقف عند تلك النقطة، وكأن اللاوعي محى ما قبلها وما بعدها من حروف...!
وكلما كاد يصدق.. يستوعب... يشعر أن داخله يتلوى ليبصق ما رأى خارج حدود العقل رافضًا إياه....
عاد ينظر لتلك الصورة والرسالة وكأنه يرجوها أن تحكي له حقيقة ستتحكم بمكاييل حياته حرفيًا، وهي لم تبخل عليه... بمجرد أن نظر لها لدقائق اخرى اُنعش عقله بذكرى ليال.... لياله هو... وهي تتوسل حبه حرفيًا.... وإن كان لسانها يكذب فعيناها مستحيل... يُذكر جيدًا تلك النظرات التي اقتاتت على السور الحاد الذي بناه داخله ليحجز بينه وبين مشاعره فدمرته رويدًا رويدًا...!

حينها نهض كمن لسعته أفعى يهز رأسه نافيًا وهو يُعلن ما توصل له عقله:
-مستحيل، مستحيل ليال تعمل فيا كده، مستحيل تكون خاينة لأ مش ليال..
وتلك الكلمات كانت المفتاح لعودة عقله لرشده.. لردع هالة اللاوعي عن اطراف عقله ذاك....
فما إن نظر للهاتف بيده مرة اخرى حتى ألقاه بعنف على الفراش وهو يصرخ بغضب أهوج:
-كدابين، مستحيل أصدق
ثم بدأ يمسد جبهته وكأنه يحاول إنعاش عقله، ويردد متسائلاً بتوتر وقلة حيلة:
-هعمل إيه.. هعمل إيه ياربي هوصلها ازاي
إرتفعت نبضته الفزعة حد السماء وهو يدرك أن ليال قد تكون غادرت مُجبرة... او مخطتفة !!

ماذا عساه يفعل... لأول مرة يشعر أنه مُكبل حرفيًا، مُكبل من كل جانب حتى بات النفس الذي يسحبه لرئتيه يسقط داخله كالمطرقة فيؤلمه... يؤلمه جدًا....

واول شيء قفز لعقله هو معرفة مَن صاحب ذلك الرقم لربما يكون هو نفس الشخص الذي إختطفها، فاتصل به مسرعًا ولكن كما توقع لم يرد على مكالمته ثم أغلق الهاتف بكل بساطة..!!

دار يونس في الغرفة حول نفسه كالليث الحبيس وافكاره تزأر لا لسانه... ثم همس بصوت مكتوم مختنق مفكرًا:
-طب لو مفيش قطر مسافر للقاهرة لا النهارده ولا بكره، وكمان الاتوبيسات لسه مفيش النهارده، يبقى أكيد هي لسه هنا في البلد في أي بيت !
خرج من غرفته كالسهم الذي إنطلق من قوسه مشتعلاً بينران الفراق الضارية...
ليقف بدر وقاسم مسرعان ما إن رأوه، فهتف يونس على عجلة:
-بقولك إيه يا حاج انا عايز رجاله يدوروا على ليال هديهم مواصفاتها في البلد كلها، يسألوا كل الناس
فجذب قاسم عصاه ليتحرك ورياح افكاره تهب نحو اول هاوية بعقله، ليتابع بصوت أجش متردد:
-بس الناس يا يونس تقول إيه لما يعرفوا إننا بندور على مراتك وإنك مش لاقييها ومش هنخلص من القيل والقال
ليهدر يونس بعنف ولكن نبرته مكتومة احترامًا لوالده:
-ملعونة الناس، انا مراتي ممكن تكون مخطوفة يا حاج انا مش هستنى لما تبعد عن البلد خالص، واقعد ادور عليها في مصر كلها بدل ما ادور في البلد بس ويبقى فكرة إني هلاقيها إبرة في كومة قش!
حينها تدخل بدر مؤيدًا يونس وقد أدرك النار التي تحرق داخله شيئًا فشيء وتزداد سعيرًا كلما زاد وقت الفراق:
-يونس معاه حق يا عمي
فتنهد قاسم وهو يومئ برأسه في هدوء:
-ماشي يا يونس اللي تشوفه، هناديلك الرجالة كلهم دلوقتي يبقوا تحت طوعك
وبالفعل تعالى صوته وهو ينادي رجله الخاص والذي بدوره جلب باقي الرجال، لتعود عجلة البحث عن "ليال" تنطلق من جديد .....

 " احتيال وغرام " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن