الفصــــــ(1)ـــــــل
بعنـــــوان " عـودة لـ البدايـة "نظر لتلك الجموع التي ملأت المكان بسعادة غير طبيعية فتلك الجموع منذ زمن بعيد لم تتجمع بهذا الشكل في ذلك الصرح الكبير لكن بعودتها هي عاد معها كل شئ لأصله
نعم افتقدها كل تلك السنوات الفائتة ولكنها الآن عادت وسيحاول قدر استطاعته الا يجعلها تذهب مرة أخري رغم علمه جيدا بأن ذلك مستحيل بل من سابع المستحيلات
جال ببصره المكان بأكمله ليجد الاضواء تخرج بانسجام وقد بدأت تلك الجموع تجلس في مقاعدها وبعضهم ينظر لساعته منتظر لحظة البداية
ليدرك جيدا بأنه عليه الإسراع
فقط بقي القليل علي ذلك العرض المنتظر
ليلتفت بخطواته للخلف لكي يعود من حيث اتي وهو يعطي أوامره للفتيات التي ظهرت أمامه وكأنها فعلا تنبئه بأن الوقت قد حان قائلا بنبرة حماسية جادة:-
_يلا يابنات بسرعة علي المسرح .. مش عايز توتر خالص
ظلت الفتيات تمر من جواره واحدة تلو الأخري ليوقف واحدة منهم قائلا مرة أخري بتساءل:-
_لي لي جهزت ولا لا
لترد الفتاة بنبرة متعجلة:-
_دقايق بس وتكون جاهزة
ثم تركته وذهبت من أمامه دون أن تقول شيئا أخري
ليذهب هو لغرفة توجد بآخر الممر ليطرق علي بابها ويدخل دون أن ينتظر ردا حتي..
لتظهر فتاة في منتصف العشرينات فاتنة بمعني الكلمة بجمال يسحر القلب والعين الا أن تلك العيون تحادثك بكم العذاب الذي يسيطر علي قلبها
قال بنبرة مرحة:-
_انتي مش متخيلة الناس اللي برة كتير قد أية يالين
قالت بنبرة سعيدة:-
_انا فرحانة اني رجعت لمكاني دا تاني
قال بنبرة هادئة دافئة:-
_انتي مكانك هنا وبس .. انتي بنت المسرح
نظرت لصورتها بالمرأة دون حديث اخذت فقط تتطلع لانعكاسها بعيون بدت وكأنها متعجبة لذلك الفستان الابيض والحذاء الرقيق بلونه الابيض أيضا وخصلاتها الفحمية التي رفعتها بتسريحة بسيطة
خمس سنوات فقط استطاعوا أن يجعلوها تنسي ما كانت عليه بالماضي
خمس سنوات غيروها داخليا وخارجيا فأصبحت لين غير التي كانت تعرفها
هتف بنبرة هادئة مبطنة ببعض القلق:-
_يوسف مسافر صح ؟
ردت بنبرة لامبالية بعض الشئ:-
_ايوة مسافر ومش هيرجع قبل اسبوعين
قال بتساءل قلق:-
_متأكدة
ردت ببسمة سخرية:-
_حمزة.. يوسف لو كان هنا انا مكنتش هبقي قدامك دلوقتي
تساءل مرة أخري:-
_يعني مستحيل يرجع دلوقتي ؟
ردت بضيق:-
_اوف .. قولت اها
تنهد بحرارة للحظات ثم نظر لها نظرة شاملة متأملا في هيئتها الساحرة المتكاملة بفخر فجسدها مازال مثالي وكأنها تتمرن كل يوم رغم تركها لذلك المسرح لسنوات عديدة
فاق من تأمله علي صوتها الذي خرج بسأم:-
_حمزة انت روحت فين
_معاكي اهو
ثم نظر لساعته واكمل:-
_يلا دقيقتين بالظبط والعرض هيبدأ .. خليكي واثقة في نفسك وانك انتي أميرة البالية اللي الكل متأكد من براعتك وتنسي أي توتر .. اوك ؟
ردت ببسمة حاولت فيها اخفاء توترها:-
_اوك
نعم هي تشعر بالتوتر هي التي لم تتوتر قط وهي تصعد علي مسرحها بالماضي أصبحت الآن تتوتر هل هذا لأنها ابتعدت عن ذلك الوسط لمدة ام لأنه هو دخل حياتها في تلك المدة وغيرها كليا
_____★_____★______★_____★
تنهدت وهي تتوسط تلك الفتيات وتقف وقفتها المعتادة واضعة قدم خلف الاخري ورافعة يديها الاثنتين للأعلي وتنظر للامام ببسمة ثقة جذابة لتمر لحظات قبل أن ينفتح الستار ويظهر أمامها جمهورها العزيز
ليبدأ التصفيق بحماس لها والتشجيع وهي بمكانها لم تتحرك ثواني أخري وبدأت الموسيقي
لتبدأت الفتيات من حولها تتراقص بانسجام وهي واقفة فقط في مكانها لا تتحرك ليظهر فجأة أحد الرجال من العدم ويبدأ يراقصها ويمر هو وهي بين تلك الفتيات بكل بساطة ورقة ممزوجة بسرعة
حركات لطيفة سريعة تسحر الجميع وهي تتحرك معه كفراشة بين نسمات الهواء المنعشة بدأت تشعر وكأنها حرة
للحظات نست اين هي وجعلته هو من يحركها وكأنها دمية بيده وذهب عقلها لعالم أخري بعيد كل البعد عن ذلك المكان
تتخيل انها تتمتع بصفات زمان تتمتع بهدوئها وصفو حياتها تتمتع بتلك الثقة بالنفس تحاول أن تجعل داخلها كل ما تفتقده في الحقيقة
تحاول أن تكون واثقة بذاتها وهي بالحقيقة مشوهة داخليا وتفكيرها مبعثر بحيث أن كيانها قابل للتهشيم
تحاول أن تكون صاحبة كبرياء رغم أن كبريائها انكسر بصمتها الذي طال في سنواتها الأخيرة
حياتها تدمرت وشخصيتها تهشمت وهي لم تدري بذلك ... لم تدري بذلك سوي الان عندما فتحت عيونها فجأة ووجدت انها كانت ستدخل في حالة الضياع
فحاولت أن تنتشل ذاتها منه ... لكن هل ستستطيع ؟
فـ الدخول في شباك الوحوش يعني لا أمل للرجوع منها ابدا
علو صوت الموسيقي آفاقها لتفتح عيونها تجد وأنها رغم شرودها الا انها ترقص بطريقة بارعة لتبتسم داخليا ببعض الثقة فهي بالفعل أميرة البالية التي لا يمكن أن تنسي ذاتها ابدا
شددت من ضغط يدها علي كتف ذلك الماثل أمامها وبدأت تشاركه الرقص بحماس اعلي
لتمر دقائق قليلة حتي انتهي العرض ليقف الجميع ويصفق بصوت عالي معلنين بذلك انها قد نجحت مرة أخري في أن تسحرهم برقصها كما كان يحدث بالماضي
ابتسمت وهي تميل بطريقة مسرحية علامة الشكر ثم ينغلق الستار عليها
لتسرع نحو غرفتها بخطوات شبة راكضة
____★____★____★____★____★
فتحت ندي الغرفة ودخلت وهي تقول بنبرة مرحة:-
_كنتي هايلة يالي لي بجد
تطلعت لها لين من خلال مرأتها بنظرات ضائعة جعلت الاخري تضيق حاجبيها بقلق وهي تتساءل بخوف:-
_في أية يالين
قالت بنبرة تدل علي انها ستبكي قريبا:-
_دلوقتي فقت
_نعم .. مش فاهمة قصدك أية
هتف ندي بتعجب بتلك الجملة
لترد لين بنبرة خائفة:-
_فقت من حالة الثقة اللي كانت ركباني ياندي فقت ورجعت لعقلي .. افتكرت انا مين كويس وإني مكنش ينفع أظهر علي المسرح دا تاني
قالت الاخري بغضب:-
_مينفعش لية يعني يالين
قالت بنبرة صارخة ببكاء:-
_علشان انا لين ياندي ... انا لين مرات يوسف الرواي
قالت ندي بحدة:-
_طليقته مش مراته يالين ، فوقي بقي هو دلوقتي ملهوش دعوة بيكي ومش من حقه يدخل في حياتك اصلا
ارتعشت شفتيها وهي تقول ببكاء:-
_اللي ملكه يوسف الراوي مستحيل يبقي حر تاني ياندي ... بالنسبالك انا خلاص بقيت طليقته وملهوش دخل في حياتي بس بالنسباله انا لسة ممنوع اللمس وانا لسة من ممتلكاته
ندي بحدة وانفعال:-
_هو الراجل دا ملهوش كبير بقي ولا اية قال ممتلكاته قال .. مش كفاية اللي حصلك بسببه خليه يسيبك بقي تعيشي بسلام
جائت لترد عليها لتسمع صوت طرقات علي الباب ودخول حمزة الذي ظهر علي وجهه أنه استمع لحديثهم من خلال تعبيرات وجهه الممتعضة
تنهدت بتعب فهي غير مستعدة أن تدخل معهم في حوار طويل مرة أخري كالذي يحدث يوميا تقريبا منذ أن عادت تقابلهم مرة أخري كما كان بالماضي
وينتهي بصمتها كالعادة فهي لا تستطيع أن توصل لتفكيرهم العنيد حتي الآن شخصية يوسف رغم أنهم يسمعون عنها كما الجميع .. يظنون أنه حديث مفخم عنه فقط لكن لا يعلمون أن حتي الإعلام يظلموه بوصفهم له هذا وحديثهم البسيط عن غضبه وبروده
هي من جربت بروده الثلجي ... هي من جربت غضبه الحارق هي فقط من تستطيع أن تقول وبصوت عالي أيضا أن يوسف الراوي ليس بوحش فقط بل هو أكثر من ذلك هو أكثر من ذلك لدرجة أنها حتي لا تستطيع أن تأتي بلقب يناسبههتف حمزة بهدوء:-
_في أية مالكم ؟
قالت ندي بضيق منه هو الآخر:-
_علي اساس انك مسمعتش
نظر لها ثم لـ لين وقال بعد تنهيدة عميقة:-
_لا سمعت .. بس مش وقته دلوقتي الكلام دا .. لين لازم تكون فرحانة بنجاحها دا ولا اية
هتفت بمرح حاولت من خلاله بالفعل أن تغير محور ذلك الحديث:-
_اها انا فعلا عايزة احتفل .. أية رأيكم نخرج
قالت ندي بقلة حيلة منهم:-
_تمام هسيبك تغيري هدومك وهروح اساعد حمزة
ابتسمت لها دون حديث ليخرج حمزة ومعه ندي
لتتنهد هي وتجلس علي المقعد بتعب وإرهاق
____★____★____★____★____★
في الغرفة المجاورة لغرفة لين
دخلت ندي خلف حمزة وجلست علي الأريكة الموجودة بمكتبه بضيق وهي تقول بنبرة غضب:-
_الزفت يوسف دا هيفضل كتير يسيطر علي تفكيرها ياحمزة كدا ولا اية
هتف بنبرة هادئة:-
_ندي .. لين قعدت معاه خمس سنين انتي متخيلة يعني أية خمس سنين
ردت بانفعال:-
_ايوة عارفة يعني أية خمس سنين .. خمس سنين دمروها حرفيا وضيعوها .. خلوها واحدة تانية خالص غير لين القوية اللي كلها ثقة وغرور
قاطعها بضيق:-
_انتي عارفة زي ما انا عارف كويس مين هو يوسف ياندي .. انتي اها بتبيني لـ لين أنه مش مهم ومش وحش للدرجة لكن انتي عارفة أنه اوحش مما نتخيل احنا بمليون مرة .. وان كويس اوي أن لين اصلا بالحالة دي بعد الخمس سنين دول
ردت بنبرة حزينة:-
_بس انا زعلانة عليها ياحمزة .. دي مدمرة بجد دي بتخاف منه بطريقة بشعة
وضع يده علي وجهه وحركها عليه بضيق ثم قال بهدوء:-
_محدش فينا عاش أو جرب اللي هي عاشته معاه يبقي احنا لازم نعذر خوفها دا لـ حد ما نفهم علي الاقل هي كانت عايشة معاه ازاي
اؤمات برأسها عده مرات وهي تقول بتأييد:-
_انت صح .. احنا فعلا لازم نعرف حياتها معاه كانت ازاي
ابتسم بفخر وهو يقول:-
_بس ابدعت علي المسرح انهاردة
ردت ببسمة أيضا:-
_وكأنها مسبتش المسرح يوم مش بس خمس سنين
____★____★____★____★____★
ابتسمت وهي تنظر لصورتها في المرأة بأمل كأنها تطمن ذاتها بأن كل شئ سيكون بخير وأنها ستعود يوما ما الي ما كانت عليه إلا أنها وضعت يدها فجأة علي قلبها بقلق شديد وهلع وأخذت تتنفس بعنف من ذلك الشعور الذي تملكها خلال لحظة واغمضت عيونها بخوف محاولة أن تبعد ذلك الشعور عن خيالها تدعو أن تكون تتخيل ما يجري ذلك
فـ هو ليس هنا لتشعر بذلك الشعور البشع
هو ليس هنا وهي متأكدة من ذلك
ربطت علي قلبها بخفة مرتين وكأنها تطمنه أن كل شئ سيكون علي ما يرام ثم فتحت عيونها لتجد صورته في المرأة أمامها ... صورته وهو يقف خلفها وينظر لها بنظرات دبت داخل أوصالها شعور لا يمكن وصفه ... دبت داخل أوصالها أبشع أنواع الرعب
ظلت تنظر للخلفية بزهول تام للحظات بينما هو نظرته لم تتحرك من علي صورتها الظاهرة في المرأة نظرته الباردة تلك التي لا تعرف ما المعني منهاطال الوقت وهو لم يتحدث وهي لم تتجرأ علي أن تتنفس بصوت عالي حتي كل ما فعلته انها صمتت حتي وجدته يهبط برأسه باتجاه اذنها لترتفع دقات قلبها برعب وخوف ووجه يقترب من اذنها حتي شعرت بانفاسه بالقرب منها .. أنفاسه الحارة الدافئة عكس بروده .. أنفاسه التي رغم انها دافئة الا أنها مهيبة تقترب ، تقترب حتي شعرت بشفتيه ربما للحظة لمست اذنها ثم ابتعدت لـ سم للخلف ليزداد التوتر الداخلي لديها بينما هو ظل يتنفس للحظات دون حديث
مما زاد توترها أكثر فأكثر قبل أن تستمع اخيرا لصوت الرجولي الحاد رغم أنه لم يكون منفعل هاتفا:-
_رقصك كان حلو يالي لي
ابتلعت ريقها بخوف ولم تتحدث ليكمل بهمس ببطء اشـد:-
_حلــو لــدرجــة مـتتوصفـــش
همست برعب:-
_يـوســـف...يتبع....
أنت تقرأ
رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سمير
Mystery / Thriller،،،،ملكة الغموض،،،، "دمية بين براثن الوحش" أن توقفت أمام تلك العبارة لتعربها كجملة نحوية فلن يجول بخاطرك أن تعرب كلمة "دمية" مبتدأ بل كل ما سيجول بخاطرك أن "الوحش" هو ذلك الفاعل الذي وقعت في يده "الدمية" والتي لم تكون سوي المفعول به هو...