السابع

17.9K 522 21
                                    

الفصل (7)
بعنوان "لا داعي"

لا داعي .. حقا لا داعي .. لا داعي ان تحدثني بقسوة او حتي بحدة .. انا اخشاك دون حديث ودون كلام .. انا اخشي صمتك .. فهل لن اخشي حديثك !؟ انت غريب .. انت عجيب ... انت ببساطة مخيف ياعزيزي

اسبوع مر وهي هنا .. بين جدران منزلها لا تخرج ولا تتحرك اشخاص اغراب يتحركون في منزلها دون اذن او كسوف رغبة منهم لتحقيق مطالبها يتحركون بخنوع تنفيذا لأوامره ايضا .. حمل غريب هذا !! دوما ما تسمع ان المشي هام للحوامل خاصة لو كان غير متعب لكن هي لا تتحرك الا للضرورة القصوي .. قليلا وستجدهم يحملونها بأنفسهم لينقلوها من مكان لاخري !
تنهدت بملل وهي تقول لندي التي كانت تراقبها بضحكة مكتومة:-
_انا مليت .. عايزة اخرج شوية ياندي بجد هتجنن كدا
ردت ندي بكلمة واحدة:-
_ممنوع
ثم ضحكت بصوت عالي ليزداد ضيق لين اضعافا وسأمها كذلك لكنها رغم ضيقها تابعت:-
_طيب خليهم يعملولي اكل
اؤمات بنعم وهي تستعد لتقف بينما اكملت لين:-
_متخليهمش يعملوا الاكل بتاعهم دا ياندي
ردت ندي بقلة حيلة:-
_هما مش هيوكلوكي غير اكل صحي
قالت بضيق طفولي وهي تضيق شغتيها كطفلة تشعر بالعبوس:-
_ياندي اكلهم مش طايب .. بيبقي كدا غريب وطعمه كمان وحش كأنهم مستخسرين يحطوا ملح
هدئتها قائلة:-
_معلش فترة وهتعدي .. يوسف هو اللي مانعهم يحطولك شطة او ملح زيادة علشان مش كويسة عليكي اصلا
تأففت بسأم بالغ بينما تركتها ندي وخرجت
لتغمض الاخري عيونها محاولة ابعاد تفكيرها عنه .. يراودها في احلامها ويقظتها .. في هدوئها وشغفها .. يراودها في كل مكان وحديث وكأنه لا يريد ان يبتعد ؟!

لم تمر دقائق ودخلت ندي وبيدها الطعام لتعتدل وتمد يدها وتأخذه منها وهي تشعر بالعجز ، حقا هذا يعضبها الجميع وهم في خدمتها يعطونوها شعر بالعجز وعدم القدرة .. لكن هل عدم القدرة علي الحركة وتحقيق ما تريد ام عدم القدرة علي مواجهته !
غريب انت .. كأنك ملكا في عصور تاريخة تعشق اعطاء الاوامر وتهوي الاسبداد والاستعباد ياعزيزي ..

هتفت ندي وهي تراها شاردة وهي تتناول طعامها:-
_انا هنزل اتمشي شوية ، عايزة مني حاجة ؟
اؤمات بالنفي ثم قالت ببكاء مصطنع:-
_عايزة اتمشي معاكي .. ينفع ؟
ردا ندي ضاحكة:-
_لا مينفعش .. لازم البية يسمح بكدا
تغيرت ملامحها للجمود عندما ذكرت اسمه .. تشعر بالضيق كلما حدثوها عنه وكأنه لا يراودها يوما !؟
______☆______☆______☆_______
الآلم الداخلي موجع ومؤلم لا يشبه ذلك الخارجي الذي يصب احد اعضاءك .. هو آلمه من ذلك النوع الداخلي
جلس بشرود علي فراشه فمازالت اعضاءه توجعه وكأنه كان يهاجم اسد ونفد منه بأعجوبة .. يفكر في المسقبل يفكر في الغد عندما يعود الي ما كان عليه .. ماذا عليه ان يغعل ؟
هل سيكمل عمله في المسرح .. المسرح الذي لم يرقص عليه سوي مرة واحدة .. مرة واحدة وحيدة
جعلته يعاني منها حتي الان
تنهد بتعب وهو ينادي بصوت عالي:-
_بسمة .. يابسمة
لحظات وكانت امامه وهي تقول بقلق:-
_في اية ياباسم .. عايز حاجة ؟ انت كويس طيب ؟ في حاجة وجعاك ؟
رد عليها محاولا ان يجعلها تطمئن:-
_اهدي يابسمة انا بس عايزك تناولني كوباية المية .. معاد الدوا جه وانا مش قادر اطولها
توجهت نحو الطاولة البعيدة عنه بمسافة صغيرة واخذت كوب الماء وقدمته له ليأخذه ويتناول ما به مع حبه الدواء الذي كان يمسكها من قبل
لتجلس هي بجواره علي الفراش وتصمت للحظات ليقول هو بتساءل:-
_مالك ؟اول مرة اشوف ساكتة كدا
ردت بأختصار:-
_مغيش
تابع هو:-
_انا عارفك يابسمة .. هدوئك دا وراء مصيبة .. شكلك بتفكري في مصايب سودة صح ؟

نعم صحيح .. هي تفكر في مصائب .. لا داعي ان كانت تفكر فيها وتريد تحقيقها مع شخص اخر .. لكنها للاسف ياعزيزي تربد ان تتورط مع الوحش
الذي انت بسببه رقيد علي الفراش الان

كانت ندي تتمشي علي كورنيش ذلك النيل وهي تنظر يمينا ويسارا .. قلبها يوجعها بشدة ولا تدرك السبب .. قديما كان يوجعها وهو قريب منها لكن اليوم ما سبب ذلك الوجع ؟!
اهو قريب وهي لا تعلم !!
عند ذلك التفكير وقفت في خطواتها متيبسة وتطلعت حولها بخوف وقلق .. أهو قريب ؟ أهو هنا ؟ أمعذب الفؤاد بالقرب من الفؤاد ولا تدري ؟
كانت نظراتها مشتتة وهي تبحث في الوجوه عن ثراب .. حتي لمحته .. لمحت طيفه من بعيد
لمحت عيونه التي كانت تنظر لها بتركيز وكأنه يراقبها منذ زمن
نظرت له برعب عندما تقابلت عيونهم ثم غادرت سريعا .. عادت من حيث جاءت ... خافت هي ان تقابله وتنهار امامه
خشت ان تسفط باكية علي الارض وهي تطلب منه العفو وتطلب منه ان يقترب .. تطلب منه ان يعود لها والا يبتعد

تنهد وهي يراها تغادر .. يبدو ان طريقه معها طويل وملئ بأشواك .. اشوالك الخوف والرهبة واشوالك البعد الذي بعده عنها والذي سيحصد نتائجه الان

______☆______☆______☆_______
مرت السيارة بتلك البوابة المذهبة ليظهر لقائدها وراكبها الوحيد ممر طويل شديد الوسع والنظافة وعلي جانبية اشجار خضراء تنصفها ورود بالوانها المبهجة في تناسق رائع وفي احد الجوانب مسبح واسع جدا كما ان هناك نفوره ينتصفها تمثال رائع وكأنه صمم لأحد الشخصيات التاريخية القديمة بقوته وبسالته لم يكن ذلك التمثال سوي لوجهه .. وله هو يوسف الراوي
كما توجد ايضا تلك الارجوحة التي تشعر وكأنها مصنوعة من الورود .. حديقة مبهرة هي في قصره فكيف سيكون المنزل من الداخل ؟!
الحقيقة عائلة الراوي لم تكن عائلة عادية ابدا ولم تكبر فجأة حتي بل هي منذ ان عرفت وهي تعرف بثرائها .. كانت قديما من العائلات الملوك .. ايام الزمن القديم والتاريخ والان هي من العائلات التي تصنف من اغني عائلات الوطن العربي والغربي ايضا .. ويوسف الان هو مالكها وحاكمها
.. لين حتي تلك اللحظة لم تستوعب مكانته ومكانة عائلته .. لم تستوعب ما يفعله هو ليحافظ علي تلك العائلة .. لم تستوعب لين حتي الان ان عائلة الراوي تحاكي وتحدث عنها التاريخ علي مر الزمن...
وقفت السيارة امام القصر ليهبط يوسف بعدما فتح له الباب ويدخل للداخل واول ما ان عبر المنزل تطلع له بهدوء وهو يخلع نظارته .. تنهد واكمل طريقه .. يقف هو تلك الوقفة كل مرة وكأنه ينتظر ان يشم عبيرها كما السابق ولكن هذا لا يحدث لانها لم تعد هنا
الحقيقة لا اعرف هل هذا حقيقي ام خيال لكن هذا ما يظنه الخدم في القصر .. اؤلئك الذين يظنون انه تأثر بغيابها .. فهو كان يفعل في وجودها تلك الحركة لكن بشكل اخري .. هو كان يستنشق نفسا عميقا ام الان فقو يتنهد ويزفر بعمق وهناك اختلاف وشتات ما بين هذا وذاك..
هتف احد الاشخاص من خلفه والذي لم بكن سوي "سليم" ذراعه الايمن ومن يثق به بشدة:-
_يوسف بيه .. جلنار هانم وبناتها هيوصلوا مصر انهاردة
نظر له بملامح جامدة من الغضب ربما او من الصدمة .. عادت ، عادت بعد كل ما فعلته معه وبه .. كيف لها تلك السيدة ان تعود الان .. اتريد ان تموت علي يده
ليكون اول من قتل والدته في عائلته ...

يتبع...
اسفة علي قصر البارت

رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن